تقنيات مطورة لتمديد عمر الإنجاب للمرأة في الغرب

«علوم ما بعد الإنسانية» وسيلة للتحرر من قيود الساعة البيولوجية

تقنيات مطورة لتمديد عمر الإنجاب للمرأة في الغرب
TT

تقنيات مطورة لتمديد عمر الإنجاب للمرأة في الغرب

تقنيات مطورة لتمديد عمر الإنجاب للمرأة في الغرب

تقود ساعة المرأة البيولوجية التكاثر البشري، فتتحكم بالتالي في تاريخ البشرية. ويجمع العلماء على أن فترة الخصوبة الطبيعية لدى المرأة تمتد بين عامي 18 و35 من العمر، وتتعاظم بعدها مخاطر الإجهاض، وعدم حدوث الحمل، وإنجاب أطفال غير أصحاء. واليوم، ومع وصول متوسط عمر المرأة في العالم الغربي إلى 80 عاماً، فإن هذا يعني أن فرص الإنجاب الآمن متوفرة في فترة لا تتعدى 25 في المائة من حياتها.
أما الرجال، فيملكون حظاً أوفر في هذا المجال، حيث إنهم يظلون قادرين على ذلك حتى مماتهم مع بعض التداعيات الصحية التي قد تطرأ (لهذا السبب نرى أن رجلاً بعمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب (72 عاماً) لديه اليوم ابن في الثانية عشرة من عمره). في المقابل، تملك المرأة العادية ما بين 300 و400 بويضة، مما يعني أنها تشهد العدد نفسه من الدورات الشهرية التي تتيح لها تحقيق حلمها بالإنجاب.

جينات وخلايا معدلة
ولكن هذا الحادث البيولوجي غير المنصف على وشك أن يتغير بفضل علوم ما بعد الإنسانية؛ إذ من المتوقع أن يساهم التعديل الجيني مجتمعاً مع تقنية الخلايا الجذعية، في منح فرصة للإنجاب السليم والآمن لامرأة في الخمسين من عمرها بحلول عام 2028. بمعنى آخر، وفي غضون عقدين من الزمن، قد تصبح المرأة في الخامسة والسبعين من عمرها قادرة على البدء بتكوين عائلة.
لتحقيق هذا الهدف، يعمل العلماء على تحويل الخلايا الجلدية إلى خلايا جذعية، أي الخلايا التي تستطيع التحول إلى أنواع أخرى من الخلايا. ثم، يمكنهم بعدها تحويل الخلايا الجذعية هذه إلى بويضات نسائية. قد تتيح هذه التقنية للنساء امتلاك عشرات آلاف البويضات بدل 300 أو 500 بويضة.
هذا الإنجاز بكامله يعود إلى عود قطني ممسوح على الجهة الداخلية من الخد.
ويمكن مزج هذه البويضات المصنوعة من خلايا جذعية متحولة مع السائل المنوي لتكوين أجنة حية، يعاد زرعها في الرحم لاحقاً. هذه العملية، التي تمت تجربتها حقاً على الفئران، أصبحت تعرف باسم «تكوين الأمشاج المخبري» أو «IVG) in vitro gametogenesis)» وهي الخطوة الأولى في التكاثر الجنسي.
ولكن إن كنتم ترون في تحويل الخلايا الجلدية إلى بويضات مسألة مثيرة للجدل، فإليكم المفاجأة: الخلايا الجلدية يمكن أيضاً تحويلها إلى حيوانات منوية. بهذه الطريقة، قد يصبح الإنسان قريباً قادراً على الإنجاب بمفرده دون الحاجة إلى شريك. هذا الأمر قد يؤدي في النهاية إلى مجتمع تفقد فيه العلاقات؛ جنسية كانت أم عاطفية، دورها المهم في استمرار البشرية.

أطفال الأنابيب
إن عملية «تكوين الأمشاج المخبرية» لن تلغي أهمية الإنجاب الطبيعي فحسب، بل ستشجع أولئك الذين يستخدمونها على تبني مبدأ «أطفال الأنابيب» وتقنيات التعديل الجيني. ففي حال نجحنا في إنتاج حملٍ في المختبر، فلمَ لا نعمل على السيطرة على فرضيات أخرى أثناء العمل عليه؟ إن تقنية «تكوين الأمشاج المخبرية» ستتيح لنا فرصة رصد الأمراض التي قد تصيب الأجنة، لاختيار أكثرهم صحة.
في أواخر العام الماضي، ادّعى عالم جينات صيني أنه استخدم تقنيات التعديل الجيني «CRISPR» أو ما يعرف بـ«التعديل الجيني ذي التكرارات العنقودية المتناوبة منتظمة التباعد»، للتلاعب بالمواصفات الجينية لطفلين. تعرض هذا العالم لموجات إدانة واسعة، ولكن أعماله كانت البداية فحسب لعصر سينجب فيه البشر أطفالا خاضعين للتصميم. ففي الوقت الذي نستطيع فيه اليوم اختيار مواصفات تحددها جينات معينة، مثل لون العينين أو نوع الشعر، بالإضافة إلى القضاء على احتمال الإصابة ببعض الأمراض، يأمل كثير من علماء «ما بعد الإنسانية» في المستقبل، النجاح في تكوين أطفال بمعدل ذكاء أعلى وأجسام أقوى وميول نفسية أفضل ربما، كالوفاء والطيبة مثلاً.

تعطيل الساعة البيولوجية
ولكن ماذا تعني هذه التقنية الجديدة بالنسبة للنساء؟ إنها لا تعني أن النساء سيتمكنّ من الانتظار فترة أطول للإنجاب فحسب، بل أيضاً إن تحسن تقنيات الإنجاب والعناية الطبية، سيمكنهن من الانتظار لعقود قبل الإنجاب لحمل أكثر أماناً وليس خطراً.
أعتقد أن هذه الظاهرة التي أسميها «فضل الخصوبة المتأخرة» ستغير مشهد الرومانسية والعلاقات العاطفية، والحياة المهنية بالنسبة للرجال والنساء من خلال إضعاف تأثير الساعة البيولوجية.
تبدو بعض فوائد تأخير الإنجاب واضحة، وأهمها الفرص التي يتيحها لحياة المرأة المهنية؛ فمن دون سطوة الساعة البيولوجية، ستكون النساء قادرات على التركيز بشكل كامل على حياتهن المهنية دون الخوف من فكرة خسارة فرص الأمومة. هذا الأمر قد يشكل أيضاً خطوة إضافية نحو تحقيق المساواة في الدخل، على اعتبار أن مسائل إجازة الأمومة لم تعد خاضعة لسيطرة القوى الرأسمالية.
ولكن هذه التقنيات لا تخلو من المخاطر أيضاً. فمن أهم المسائل الشائكة التي تحيط بعلم الخصوبة، هي ما إذا كان سيصبح متوفراً للجميع أم لا؛ إذ إن غياب المساواة المتنامي في جميع أنحاء العالم ستكون له تأثيرات رهيبة على الإنسانية في حال كانت فوائد الإنجاب المتأخر وتقنيات التعديل الجيني محصورة في الأغنياء فحسب.
ومن المشكلات الأخرى التي قد تحيط بالحمل المتأخر لدى النساء الصعوبة والتعب اللذان يحيطان بعملية الولادة، والتي ستكون دون شك أصعب على أجساد النساء الأكبر سناً. ورداً على هذه المخاوف، توقع خبراء «علوم ما بعد الإنسانية» أن حل هذه المسألة سيكون في انتشار الأرحام الصناعية خلال السنوات العشرين المقبلة، الأمر الذي قد يساهم أيضاً في انتفاء الحاجة إلى الأرحام الطبيعية.
وقد بدأ العلماء فعلاً اختبار هذه الفكرة؛ فدعماً لتقنية تطوير الأجنة في بيئة صناعية أو ما يعرف بالـ«إيكتوجينيسيس» (دراسة الإنجاب الصناعي)، نجح باحثون قبل 18 شهراً في استخدام أرحام صناعية للحفاظ على حياة عدد من أجنة الخواريف، لمدة تقارب العام. ويرتكز الهدف الحالي لمجال إحياء الأجنة في محيط صناعي، على الحفاظ على حياة أجنة بشر ولدوا في الأسبوع 23 أو 24 واستمرار نموهم. وأخيراً، ستؤدي هذه التطورات إلى عصر يولد فيه الأطفال دون الحاجة إلى رحم الأم على الإطلاق.
إنه لمستقبل جدلي دون شك. ولكنه أيضاً مستقبل لن يخاف فيه الناس، وتحديداً النساء، من ساعتهم البيولوجية وقرب موتها، لأن العلم سيمنح الناس ساعة جديدة لا نهاية لصلاحيتها.
- «كوارتز» - خدمات
«تريبيون ميديا»

مفهوم «ما بعد الإنسانية»
لندن: «الشرق الأوسط»
- «ما بعد الإنسانية Transhumanism»، وفقا لموسوعة «ويكيبيديا»، هي حركة فكرية ودولية تدعم استخدام العلوم والتكنولوجيا الجدية لتعزيز القدرة الإنسانية العقلية والفيزيائية وقدرة تحمل الإنسان وحتى إلغاء ما يعدّ غير مرغوب في معظم الأحيان مثل الغباء، والمعاناة، والمرض، والشيخوخة... وأخيرا التخلص من الموت.



تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟
TT

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

لسنوات عديدة، كانت أجهزة التجميل في المنزل تقتصر على مجفف للشعر أو ربما فرشاة أسنان كهربائية.

ترويج أجهزة التجميل المنزلية

أما اليوم، فإنها أضحت موجودة في كل مكان أو أكثر تقدماً من أي وقت مضى، مع تسويق منتجات يتم ترويجها بكثافة تتراوح من أقنعة مصابيح «ليد» LED التي تكلف 500 دولار التي تعد بتخفيف الخطوط الدقيقة في الوجه و تقليل التبقّع والاحمرار... إلى عصي الليزر التي تزيل الشعر غير المرغوب فيه من الجسم بشكل دائم (أو هكذا يزعمون).

تجميل منزلي أرخص

تكمن جاذبية هذه الأدوات، جزئياً، في فكرة القدرة على إحضار الرعاية الذاتية الطبية إلى المنزل دون الحاجة إلى الذهاب إلى عيادة طبيب الأمراض الجلدية (أو جراح التجميل). ففي سلسلة مراكز المنتجعات الطبية Ever/Body، على سبيل المثال، تبلغ تكلفة إزالة الشعر بالليزر ما يصل إلى 300 دولار لكل جلسة؛ وتنصح الشركة بستة إلى عشرة علاجات بالإضافة إلى ضرورة «الصيانة» السنوية.

زيادة حادة في أدوات العناية المنزلية

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قدر تقرير صادر عن Beauty Tech Group وPricewaterhouse Coopers أن أجهزة التجميل المنزلية تنمو بمعدل أربعة أضعاف في فئة العناية بالبشرة، وتوقع أن تصل المبيعات إلى 92.55 مليار دولار بحلول عام 2028.

وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي، تقدم أجهزة «اصنعها بنفسك» نوعاً آخر من «العملات المرئية» أيضاً: فهي تميل إلى أن تكون براقة ومكلفة وفي صور السيلفي تجعلك تبدو رائعاً أو مخيفاً، مثل بطل خارق صغير أو شخصية من أفلام الخيال العلمي.

قبعات ضوئية وعصي ليزرية

وتنبع جاذبية هذه الأدوات جزئياً من الصفقات الأرخص نسبياً التي يبدو أنها تقدمها، عندما يتعلق الأمر بأحدث الابتكارات التكنولوجية في الرعاية الشخصية.

* قبعة الضوء الأحمر من Higher DOSE تكلف 449 دولاراً. وتتعهد القبعة كما يذكر موقع الشركة على الإنترنت: «بتنشيط فروة رأسك ودعم نمو الشعر الصحي بقوة الضوء الأحمر (بطول موجي) 650 نانومترا»

* مجموعة أولية لأدوات الليزر من LYMA تكلف 2695 دولاراً: «تعالج العصا LYMA وهي على شكل مصباح يدوي كل شيء من ندبات الجسم وطبقات السيلوليت والأوردة العنكبوتية إلى حب الشباب وترهل الجلد ووردية الوجه rosacea».

تحول ثقافي للاستخدام المنزلي

وتقول ليلي تويلفتري من Barefaced، وهي شركة تحليل تجميل أسترالية لها حساب شهير على «تيك توك» أن ظهور جراحة الوجه التجميلية والاستخدام الواسع النطاق للمرشحات وأدوات التجميل مثل «فايستيون» Facetune أدى إلى إعادة تعريف معايير الجمال.

وأضافت: «لقد أدى هذا التحول الثقافي إلى رفع توقعات المستهلكين، حيث أصبح الناس على استعداد لدفع أسعار باهظة مقابل منتجات التجميل التي تقدم نتائج مرتفعة. ومن المتوقع الآن أن تكرر منتجات التجميل نتائج الإبرة أو السكين (التي يستخدمها الجراحون). والمستهلكون على استعداد لدفع أعلى سعر للحصول على هذه النتائج في المنزل».

منتجات بأسس علمية

لم يعد إخفاء البثور بالمكياج كافياً؛ تتابع تويلفتري: «إذ يريد المستهلكون الآن القدرة على إزالتها بالليزر بالكامل». ومقابل 19.50 دولار، تدعي رقعة علاج حب الشباب بالضوء من «l.a.b». أنها تفعل ذلك تماماً.

إن أنواع العلاجات التي يتم تسويقها عبر هذه الأجهزة لها جذور حقيقية في العلوم. إذ تم اكتشاف العلاج بالضوء الأحمر، أو التعديل الضوئي الحيوي photobiomodulation (PBM)، من قبل الطبيب المجري إندري ميستر في عام 1967 في جامعة سيميلويس الطبية في بودابست، عندما لاحظ أن ضوء الليزر يساعد في تعزيز نمو الشعر وشفاء الجروح لدى الفئران. ومنذ ذلك الحين، أصبح علاجاً لمشكلات الجلد بما في ذلك الالتهاب والندبات والتجاعيد.

تقييم متأخر للفاعلية

ومع ذلك، فإن تقييم فعالية هذه العلاجات في المنزل لم يبدأ إلا الآن. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، في دراسة نُشرت في JAMA Dermatology، وجد باحثون من كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا أن المرضى يمكنهم تحسين حالات الصدفية لديهم بنفس القدر في المنزل باستخدام أجهزة العلاج الضوئي المصممة لسهولة الإدارة الذاتية.

ولكن كان ذلك على وجه التحديد للصدفية، مع مجموعة محدودة من 783 مريضاً. وقال الدكتور جويل جيلفاند، أستاذ الأمراض الجلدية وعلم الأوبئة في كلية بيرلمان، والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن أجهزة العناية بالبشرة الشائعة في المنزل تميل إلى أن تكون خاضعة للتمحيص بشكل أقل من اللازم. وأضاف: «إذا لم تتم دراستها في تجربة تحكم عشوائية، فهذا يجعلني متشككاً».

وتابع جيلفاند: «هل أجريت دراسة من قبل الشركة المصنعة من منطلق الاستفادة مالياً، أم كانت الدراسة كبيرة مع مئات المرضى؟ نظراً لأنه مجال غامض للغاية، فمن الأفضل لمعظم الناس التحدث إلى طبيب أمراض جلدية ومعرفة ما إذا كانت الطريقة الخفيفة سيكون لها بعض التأثير على بشرتهم».

منتجات بين «المسموح» و«المُجاز»

وقال الدكتور إيفان ريدر، وهو طبيب معتمد في الأمراض الجلدية والطب النفسي يمارس في مدينة نيويورك، إن العديد من الأجهزة التي يتم تسويقها للاستخدام المنزلي «مسموحة الاستعمال» cleared من قبل إدارة الغذاء والدواء، وهو ما يختلف عن كونها «مجازة أو مصادق عليها» Approved أي معتمدة من إدارة الغذاء والدواء. وأضاف: «إن كلمة المجاز تعني (مصادق عليه) أي أن الجهاز أو الدواء قد خضع لتجارب سريرية صارمة مقارنة بالدواء الوهمي، وأن النتائج ليست مجرد صدفة وقد تم تكرارها في دراسات أخرى أيضاً».

الترويج لنتائج مضللة

إن «موافقة» إدارة الغذاء والدواء، المسماة 510 (كيه) FDA 510 (k) Clearance هي غالباً ما تراه في المنزل، ما يشير فقط إلى أن الجهاز تم تقييمه من قبل إدارة الغذاء والدواء وليس خطيراً للاستخدام غير المهني.

ورفض رايدر تسمية أجهزة معينة، لكنه قال إن العديد منها تحتوي على صور على مواقعها الإلكترونية لنتائج قبل وبعد «مضللة بشكل صارخ»، مع إضاءة وظلال غير متسقة تجعل النتائج أكثر صعوبة في رؤيتها. وأضاف أن النتيجة التي يمكن للمرء أن يتوقعها خفيفة في أفضل الأحوال، لأولئك الذين لديهم «بشرة جيدة أو مخاوف بسيطة (من تدهور حالتها)».

العيادة أولاً ثم التجميل المنزلي

وتابع أنه قد يكون من الحكمة التعامل مع الرعاية المنزلية كأداة لدعم أو استكمال العلاجات في العيادة.

ومقابل تكلفة جهاز الليزر المنزلي، يمكن للمريض مثلاً - اعتماداً على المكان الذي يعيش فيه والطبيب الذي يزوره - الحصول على اثنين أو ثلاثة علاجات مجزأة بالليزر.

* خدمة «نيويورك تايمز».

حقائق

92.55

مليار دولار: توقعات مبيعات أدوات العناية المنزلية بالبشرة بحلول عام 2028