تخيّلوا أنكم جالسون في حفلة عشاء مع مجموعة من الأصدقاء عندما يقترب منكم ضوء ليزر ويقذف بـ«رذاذ مياه» في آذانكم... عندها، تسمعون صوت ابنكم الأكبر وهو يهمس في أذنكم يقول: «يجب أن تأتي إلى المنزل على الفور؛ فقد وقع أخي الصغير وجرحت رجله، ويجب نقله للعلاج». وعندها، تقفون، تطلبون الإذن بالانصراف، وتغادرون. ولا يملك الأصدقاء أدنى فكرة عن سبب المغادرة طبعاً، ولكنّهم يفترضون أنكم سمعتم رسالة مجهولة بالنسبة لهم في الغرفة المليئة بالضجيج، انتقلت إلى أذنكم عبر أشعة الليزر.
الليزر الهامس
هذا هو المستقبل الذي تخيّله علماء «معهد ماساتشوستس للتقنية» عندما طوّروا نظاماً لإرسال الصوت في أرجاء الغرفة من خلال استخدام أشعة الليزر.
وليست تقنيتهم هذه الأولى التي تستخدم الليزر لإرسال الموجات الصوتية، ولكنّها الأعلى تطورا، فقد أوضح تقرير نشرته دورية «أوبتيك ليترز» في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي أنّ هذه الآلة تعتمد على تمرير شعاع الليزر ذهاباً وإياباً عبر ذرّات المياه في الهواء إلى أذن أحدهم.
وهذه الحركة التمريرية (التي تتمّ بواسطة مرآة سريعة الحركة) تدفع الذرّات إلى الحركة، وتدفعها للاصطدام بذرات الهواء المحيط وإصدار موجات صوتية.
وفي بيان له، قال تشارلز واين، الباحث الرئيسي في هذه الدراسة: «هذه التقنية صالحة حتى في الأماكن الجافة نسبياً، وذلك بسبب الوجود الدائم للمياه في الهواء ولو بكمية قليلة، خصوصا عند وجود أشخاص في الوسط المحيط. كما وجدنا أننا لسنا بحاجة لاستخدام موجة ليزر بطول تمتصه المياه بقوة، لأنّ الامتصاص القوي يولّد صوتاً أقوى، الأمر الذي ساهم في نجاح هذه التجربة».
ولفت الباحثون إلى أنّهم اليوم يعملون على تطوير طرق أخرى لإنتاج أصوات أوضح، ولكنّ هذه الطرق (كتشغيل أشعة الليزر وإبطالها بشكل سريع جداً لتحريك ذرّات المياه) لا تصدر أصواتاً عالية كتلك التي تصدرها تقنيتهم.
صوت بين الحشد
وتهدف هذه التقنيات بشكل رئيسي إلى إرسال رسائل إلى أفراد أثناء وجودهم في وسط حشد من الناس دون أن يسمعها الآخرون. ويقول بيان الباحثين: «يمكن استخدام إمكانية إرسال إشارات صوتية هادفة عبر الهواء للتواصل في الغرف المكتظّة أو لتحذير الأفراد من أوضاع خطرة كوجود مطلق للنار».
وتحدّث الباحثون في ورقتهم البحثية عن وجود بعض تقنيات الصوت عبر الليزر التي لا تزال قيد التطوير في المؤسسة العسكرية.
ولكن النقطة المهمة التي يجب التركيز عليها هنا هي أنّ الفكرة الأساسية لهذه التقنية ليست بجديدة؛ إذ تلفت الدراسة إلى أنّ ألكساندر غراهام بيل، مخترع الهاتف، أصدر براءة اختراع لتقنية مشابهة منذ عام 1880 مع شريك له يدعى تشارلز سامر تينتر، مهمتها نقل الصوت عبر الضوء.
وكان «ناقل الصوت عبر الضوء» الذي حمل توقيع بيل وتينتر عبارة عن «آلة للتحكّم في الضوء وتحويله إلى شكل متغيّر، بحيث ينتج سقوطه على الأداة المتلقية المناسبة صوتاً». بمعنى آخر؛ أنهم «ذبذبوا الضوء على مواد معينة لإنتاج الصوت».
لا شك في أن النظامين يختلفان في نقاط أساسية؛ أهمها أنّ نظام «معهد ماساتشوستس» يعتمد على بخار الماء المحيط أداةً للتلقي، وعلى الليزر دون غيره من الأضواء، إلا إن الفكرة الكامنة خلف التقنيتين هي نفسها.
وكتب الباحثون أن الخطوة التالية للمعهد ستكون تجربة نظامهم في أماكن مفتوحة وعلى نطاق أطول.