خرجت في أول أيام الهدنة متجولا في غزة، ولم أكن أتوقع أن تكون المدينة بهذا النشاط والحركة.. مطاعم ومتنزهات عامة تمتلئ بالناس ومحال الملابس وغيرها تنشط بالحركة وسط بحث الناس عن واقع يغير من الواقع المؤلم الذي عاشوه 35 يوما تحت العدوان والقصف والإرهاب الإسرائيلي. يحاولون العيش وكأن الحرب لم تكن استثمارا لوقت الهدنة.
مررت بساحة الجندي المجهول وسط المدينة لليوم الثاني على التوالي وشاهدت عائلات تجلس تحت أشجار هذا المتنزه وأطفالهم يلهون من حولهم، فيما لم تخل المطاعم من المواطنين الذين ملوا طعام المعلبات سواء أولئك الذين لم تخرجهم الحرب اضطرارا من بيوتهم وحتى من لم يعد يجد له مأوى، خرجوا من كل ذلك محاولين إخراج عائلاتهم من أجواء الكآبة والألم التي عاشته تحت نار الصواريخ والقذائف التي طالت منازلهم ودمرت كل آمالهم بحياة أفضل.
في ساحة الجندي عاد أطفال العمالة إلى المكان يجولون بالشاي والقهوة والألعاب الكبيرة التي اشتروها كالسيارات والمراجيح وغيرها لكي يرغبوا الأطفال المتنزهين باستخدامها واللعب بها مقابل شيقل واحد من كل طفل يكسبون بما يحصلونه من مال بعض قوت يومهم القليل الذي يطعمون منه عائلاتهم المستورة.
دخلت إلى جانب أصدقائي مطعم «التايلاندي» الشهير بمدينة غزة، فلم نجد طاولة خالية في جميع أنحاء المكان، فالمطعم الكبير يعج بالمواطنين الذين اكتسحوا جميع طاولاته هم وعائلاتهم.
قال لي أحد أصحاب محالات الجوال، إن «الناس في غزة تريد أن تعود لحياتها على الرغم من الحصار، الناس تأتي للمحل لكي تشتري الجوالات الحديثة وتبحث عن أفضلها رغم أسعارها المرتفعة نسبيا عن الخارج لكنها مطلوبة، والشباب هم أكثر الفئات التي ترغب بشراء هذه الأنواع من الهواتف».
لذلك فالصورة لا تتغير أمام محال الملابس وأجهزة الكومبيوتر والجوالات وغيرها في حي الرمال وسط المدينة، فالمحال جميعها فتحت أبوابها في اليومين الماضيين واستقبلت المئات من المواطنين الذين يستعيدون حياتهم كما كانت تحت الحصار الذي يلامس كل جزء من حياتهم.
سكان غزة.. وكأن الحرب لم تكن
يوميات مراسل من غزة
سكان غزة.. وكأن الحرب لم تكن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة