«الكابنيت».. المطبخ المصغر للسياسات الإسرائيلية

يضم كبار الوزراء السياسيين والأمنيين ومسؤولي «الشاباك» والجيش

«الكابنيت».. المطبخ المصغر للسياسات الإسرائيلية
TT

«الكابنيت».. المطبخ المصغر للسياسات الإسرائيلية

«الكابنيت».. المطبخ المصغر للسياسات الإسرائيلية

خلال الحرب الحالية على قطاع غزة، ذكر مصطلح «الكابنيت» الإسرائيلي آلاف المرات بكل وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، بصفته مقرر سير الحرب.
وعلى مدار أيام الحرب وخلال المفاوضات الحالية، يترقب الجميع نتائج اجتماعات هذا المطبخ السياسي الإسرائيلي الذي يجتمع يوميا منذ بدأت الحرب على غزة، وهو الذي قرر كيف ومتى تبدأ الحرب الجوية، قبل أن يقر بدء الحرب البرية، ومن ثم يعلن الانسحاب من غزة، ويقر الهدنات الطويلة بما فيها الحالية، ويرسل وفدا إلى القاهرة لبدء المفاوضات ويبلور الآن شروط إسرائيل ويرد على شروط الفلسطينيين.
وعادة ما كان «الكابنيت» هو صاحب اليد العليا في إسرائيل، في حروب سابقة، إذ كان يرفع التوصيات للحكومة الإسرائيلية التي تقرها فورا، ولكن هذه المرة أخذ «الكابنيت» كل الدور من الجميع، كان يوصي ويقرر وينفذ.
هو المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، أو المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي المصغر، ويضم هذا المجلس مجموعة صغيرة من كبار الوزراء في إسرائيل، وعلى رأسهم دوما رئيس الحكومة.
هدفهم المعلن هو مساعدة الحكومة في تشكيل السياسة، في قضايا لها علاقة بالشأن الخارجي والأمن القومي، وليس في الشؤون الداخلية، ولكنهم اليوم يقررون في القضايا المصيرية خارجيا وداخليا.
ويجتمع «الكابنيت» الإسرائيلي مرة كل يوم أو أكثر أثناء الحروب، بمقر وزارة الدفاع في تل أبيب. وفي الأيام الاعتيادية، يجتمع المجلس الوزاري المصغر كلما طلب منه ذلك، ومجرد انعقاده يشير إلى نية إسرائيل اتخاذ قرارات كبيرة، قد تكون علنية أو سرية.
ويتشكل المجلس الوزاري المصغر من ست على الأقل من كبار الوزراء، وينضم إليهم في كل اجتماع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وكبار المسؤولين في الأذرع الأمنية المختلفة، رئيس الأركان، ورئيس مجلس الأمن القومي، ورئيس «الشاباك»، والنائب العام وغيرهم، حسب الحاجة.
ويعد «الكابنيت» اليوم بمثابة المطبخ السياسي والأمني الإسرائيلي، وهو تطور لهذا المطبخ بشكله واسمه ودوره القديم.
وكان بدأ استخدام اسم المطبخ السياسي في إسرائيل في عهد حكومة رئيسة الوزراء غولدا مائير في مطلع السبعينات، وكانت غولدا مائير تجمع طاقما صغيرا من أعضاء حكومتها في مطبخ بيتها كل مساء سبت، للتباحث والتداول في قضايا مهمة وطارئة، بهدف التشاور ورفع توصيات للحكومة التي تجتمع في اليوم التالي.
ومع مرور الوقت، أصبح هذا المطبخ هو الذي يشكل ويرسم السياسات.
وفي عام 1984، جرى الاتفاق على تشكيل مجلس وزاري وأمني مصغر «كابنيت»، وأخذ يمارس دوره منذ التوقيع على اتفاقية الائتلاف الحكومي بين حزبي «العمل» و«الليكود» في الثالث عشر من سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.
كان أول «كابنيت» رسمي مؤلفا من عشرة أعضاء، خمسة من «العمل» وخمسة من «الليكود»، وورد في نص الاتفاق على تشكيله، أن من صلاحيات هذا المجلس معالجة شؤون الأمن في إسرائيل، ومناقشة ومعالجة كل قضية يطرحها رئيس الحكومة، أو القائم بأعماله. وجرى الاتفاق على عدم تحويل أي اقتراح أو خطة من «الكابنيت» إلى مجلس الوزراء بهيئته كاملة، إلا بموافقة رئيس الحكومة نفسه أو القائم بأعماله.
وطالما انتقد وزراء من خارج «الكابنيت» استفراده بالقرار واتخاذه قرارات مصيرية لا تعرف عنها الحكومة شيئا. ومع تشكيل كل حكومة جديدة في إسرائيل، يتشكل «الكابنيت» فورا، من أعضاء الحكومة نفسها.
ويتألف «الكابنيت» اليوم الذي تشكل مع إنشاء حكومة نتنياهو قبل نحو عام ونصف العام من ثمانية أعضاء وهم: رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير الدفاع موشيه (بوغي) يعالون، ووزير المالية يائير لبيد، ووزير الأمن الداخلي يتسحاق أهرونوفيتس، ووزيرة العدل والمسؤولة عن المفاوضات تسيبي ليفني، ووزير الاقتصاد نفتالي بينت، ووزير الإعلام جلعاد أردان. وينضم إليهم مائير كوهين رئيس «الشاباك»، ورئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، ومسؤولون أمنيون آخرون، وفي وزارة الدفاع، بحسب الحاجة ونوع النقاش.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.