السيسي في موسكو.. والاقتصاد والشرق الأوسط في صدر المباحثات

تفقد منشآت سوتشي الأولمبية برفقة الرئيس بوتين

السيسي برفقة بوتين خلال تفقدهما منشآت سوتشي الأولمبية أمس (أ.ب)
السيسي برفقة بوتين خلال تفقدهما منشآت سوتشي الأولمبية أمس (أ.ب)
TT

السيسي في موسكو.. والاقتصاد والشرق الأوسط في صدر المباحثات

السيسي برفقة بوتين خلال تفقدهما منشآت سوتشي الأولمبية أمس (أ.ب)
السيسي برفقة بوتين خلال تفقدهما منشآت سوتشي الأولمبية أمس (أ.ب)

في إطار استقبال رسمي غير مسبوق في سوتشي جرت مراسم أول زيارة رسمية يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لروسيا. وقد استهل الرئيس السيسي زيارته لسوتشي بتفقد منشآتها الأولمبية التي شهدت افتتاح وفعاليات أولمبياد الألعاب الشتوية في فبراير (شباط) الماضي رافقه خلالها الرئيس فلاديمير بوتين. وتعد هذه الزيارة هي الثانية للرئيس السيسي لروسيا بعد الأولى التي كانت جرت في فبراير الماضي لموسكو في إطار آلية (2+2)، بموجب معاهدة الشراكة الاستراتيجية الموقعة في القاهرة بين البلدين في 2009. وقد استهل الرئيسان مباحثاتهما في سوتشي بلقاء ثنائي حضره من الجانب المصري سامح شكري وزير الخارجية وعباس كامل رئيس ديوان رئيس الجمهورية، والسفير محمد البدري. ومن الجانب الروسي وزيرا الخارجية والدفاع سيرغي لافروف وسيرغي شويغو، ومساعد الرئيس للشؤون السياسية يوري أوشاكوف.
وقد حرص بوتين في مستهل اللقاء على الإشادة بزيارة السيسي، بوصفها أول زيارة يقوم بها خارج الوطن العربي. وهو ما رد عليه السيسي بالشكر على هذه الدعوة للقيام بمثل هذه الزيارة التي قال إن كل الشعب المصري يتابعها على أمل الكثير من التعاون، وهو ما يحقق للجانبين ما يصبوان إليه.
وقد أشارت مصادر الكرملين إلى أن الجانبين تطرقا في مباحثاتهما إلى قضايا العلاقات الاقتصادية وعدد من القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأوضاع حول قطاع غزة والشرق الأوسط وسوريا والعراق وليبيا ومكافحة الإرهاب الدولي.
وأشارت مصادر الكرملين إلى اهتمام الجانبين بتطوير العلاقات الإنسانية في إطار الاتفاقية الثقافية الموقعة بين البلدين للفترة 2012-2014. ولم تنف المصادر الروسية تطرق الجانبين إلى مناقشة قضايا التعاون العسكري من منظور ما جرى الاتفاق حوله خلال اللقاء الأخير الذي عقد في موسكو في فبراير الماضي في موسكو بين وزيري دفاع البلدين المشير السيسي وسيرغي شويغو.
وفي كلمته في المؤتمر الصحافي الختامي أشاد بوتين بمستوى العلاقات بين البلدين، مؤكدا ارتياحه لمضاعفة التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين في النصف الأول من هذا العام بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. وتحدث عن تقارب وتطابق المواقف تجاه القضايا الدولية والإقليمية ومنها الوضع في غزة والتسوية الشرق أوسطية وسوريا والعراق. وكشف عن استعداد بلاده لتبسيط إجراءات تصدير المواد والمنتجات الغذائية والزراعية المصرية إلى روسيا، ووعد بإصدار تعليماته إلى الأجهزة الرقابية المعنية. وقال إن الجانبين بحثا التعاون في المجالات النووية والفضاء والتعاون العسكري الذي قال إنه يتطور بموجب البروتوكول الموقع في مارس (آذار) الماضي.
وكشف عن المزيد من خطوات التعاون في هذا المجال، إلى جانب التعاون في مجال الطاقة والغاز والنفط وصناعة السيارات والاتصالات الإنسانية والسياحة وإنشاء منطقة تجارة حرة روسية في مصر.
من جانبه، كشف الرئيس السيسي عن ارتياحه لدعوة نظيره الروسي وما أعرب عنه من استعداد للتعاون مع مصر في مختلف المجالات وتدشين مرحلة جديدة للعلاقات بين البلدين. أما عن منطقة التجارة الروسية الحرة، فقد أعرب السيسي عن أمله في أن تكون من أهم عناصر مشروع قناة السويس الجديدة. وأعلن السيسي عن اتفاقه في الرأي مع نظيره الروسي حول أخطار الإرهاب في ليبيا والكثير من القضايا الإقليمية ومنها العراق وسوريا، مؤكدا ضرورة الوحدة الوطنية، وإقامة حكومة وطنية في العراق بعيدا عن أي إقصاء، والاستمرار في جهود تسوية الأزمة السورية استنادا إلى مقررات جنيف2. وعن التسوية الشرق أوسطية قال بضرورة بذل المزيد من الجهود لحلها بناء على المقررات الدولية وناشد الجانب الروسي لبذل كل الجهود مع كل الأطراف لتحقيق هذه التسوية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم