مفتي مصر يحذر من اقتتال لا شرعية دينية له

شوقي علام يدعو في حوار(«الشرق الأوسط») مع إلىخطاب ديني يتماشى مع متطلبات العصر

د. شوقي علام مفتي الديار المصرية
د. شوقي علام مفتي الديار المصرية
TT

مفتي مصر يحذر من اقتتال لا شرعية دينية له

د. شوقي علام مفتي الديار المصرية
د. شوقي علام مفتي الديار المصرية

حين تجلس في مكتبه بمقر دار الإفتاء المصرية بحي الدراسة (شرق القاهرة)، تشعر أنك تجلس بين يد عالم غزير العلم بسيط التصرفات.. بابه مفتوح دائما، لا يدخل إليه أحد إلا وقام له وعانقه بود وترحاب شديدين. هو فضيلة مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، الذي التقته «الشرق الأوسط» في مكتبه، فأكد دعمه الكامل لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، قائلا: «نحن على استعداد تام لتقديم كافة أشكال الدعم العلمي والشرعي للمركز لمكافحة الإرهاب»، مضيفا أن لغة خادم الحرمين الشريفين، والتي جاءت شديدة اللهجة في وصفه لما يحدث في غزة على أنه جريمة حرب من دون مواربة، نابعة من غيرته على الأمة العربية وعلى المسلمين، كما أنه أراد توصيل رسالة لمن يتهم العرب بالتقاعس عن دعم القضية الفلسطينية مفادها أننا موجودون ولن نخذل هذا الشعب الأبي الصامد. وكشف مفتي مصر عن أن دار الإفتاء أنشأت مرصدا لفتاوى التكفير والآراء الشاذة والمتشددة للرد عليها بطريقة علمية منضبطة لمواجهة الإرهاب الذي يجتاح العالم، لافتا إلى أن الأفكار والحجج والبراهين هي الأفضل للقضاء على التطرف والإرهاب لأن المواجهات الأمنية لم تعد تكفي.
وقال الدكتور علام، الذي كان عضوا في لجنة الخمسين التي أعدت الدستور المصري، إن «الفتاوى التي تحرم المشاركة في الانتخابات البرلمانية شاذة وإقحام للدين في صراع سياسي»، لافتا إلى أنه على الدعاة البعد عن إثارة القضايا حول الأمور التي حسمت من قبل، محذرا الجميع، خاصة الشباب، من التورط في اقتتال لا شرعية دينية له ولا مصلحة فيه إلا لأعداء الوطن.
وإلى نص الحوار..

* فضيلة مفتي الديار المصرية، أكدت دعم دار الإفتاء الكامل لتفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب.. فما الذي تستطيع أن تقدمه دار الإفتاء في ذلك؟
- الإسلام جاء للسلم والبناء، ومخطئ من يعتقد أن الإسلام يدعو للتخريب والعنف والإرهاب، ونحن وجدنا أن أي عمل إرهابي يبدأ بفكرة متشددة، ولكي نقضي على الإرهاب لا بد من تفكيك هذه الأفكار المتشددة بشكل علمي والرد عليها بالحجج ودحضها من أجل القضاء على الإرهاب في مهده، لذلك جاء دعمنا الكامل لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب.. ونحن على استعداد تام لتقديم كافة أشكال الدعم العلمي والشرعي لهذا المركز لأجل مكافحة الإرهاب. ونحن من جهتنا أنشأنا بالفعل مرصدا لفتاوى التكفير والآراء الشاذة والمتشددة للرد عليها بطريقة علمية منضبطة، كأداة رصدية وبحثية في محاولة منا لمواجهة موجات التطرف والعنف والإرهاب الذي يجتاح العالم، والمرصد بالفعل قائم ويقوم بدوره في رصد الآراء والفتاوى المتشددة ويدفعها إلى لجنة أمانة الفتوى للرد عليها، فإن كانت هناك أفكار متطرفة - إن جاز لنا أن نسميها أفكارا - لا بد أن يكون الرد عليها من خلال مجموعة من الأفكار والحجج والبراهين للقضاء على التطرف والإرهاب لأن المواجهات الأمنية لم تعد تكفي لمواجهة هذه الظاهرة.
* هل ترى أن إنشاء المرصد كمحاولة لمواجهة التطرف الذي يجتاح العالم يعد خطوة مهمة لمكافحة الإرهاب؟ وما عدد الفتاوى التي جرى الرد عليها؟ وهل تابعت رصد نتائج الرد على هذه الفتاوى المتطرفة؟
- نعم.. فهذا المرصد يعد أداة رصدية بحثية مهمة للغاية، نستطيع من خلاله متابعة ورصد مقولات التكفير في جميع وسائط التواصل المقروءة والمسموعة والمرئية وعلى شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ورصد الظواهر والأسباب المؤدية لنشوء مثل تلك الآراء والفتاوى المتشددة، فهذا المرصد يعمل به مجموعة متميزة من الباحثين والإعلاميين والسياسيين والشرعيين من ذوي الخبرة في الرصد والمتابعة، لرصد كافة القضايا المتعلقة بهذا الفكر في وسائل الإعلام كافة وشبكة الإنترنت وكذا الفضائيات على مدار الساعة، وإعداد التقارير والدراسات الخاصة بهذا وتقديمها للجان الشرعية للرد عليها ودفعها للناس لإزالة الأفكار الهدامة من أذهانهم، ولقد نجح المرصد في رصد أكثر من 150 فتوى ورأيا شاذا في هذه الصدد، وقمنا بالرد على بعضها مباشرة لتصحيح الصورة والبعض الآخر قامت عليه مجموعة من الدراسات كظاهرة لتقديم الرأي الشرعي المؤصل عنها.. وأنا أتابع هذا الأمر بصفة دورية لأن هدفنا كما بينت هو تجفيف منابع الفكر التكفيري والقضاء عليها من خلال تصحيح الصورة الذهنية والخاطئة لقضايا تهم المسلمين وإن شاء الله العمل قائم في هذا الأمر.
* وكيف قرأت دار الإفتاء دعوة خادم الحرمين الشريفين لقادة العالم بالتحرك لوقف ما يحدث في غزة من الجانب الإسرائيلي؟ ومن وجهة نظرك ما الدعوة التي تقدمها للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؟
- اللافت في الأمر لغة خادم الحرمين الشريفين التي جاءت شديدة اللهجة والتي وصفت ما يحدث في غزة على أنه جريمة حرب من دون مواربة، منتقدا المجتمع الدولي على تقاعسه في الوقوف ضد الهجوم الإسرائيلي على غزة، وهذا نابع من غيرته على الأمة العربية وعلى المسلمين في كافة بقاع الأرض، كما أنه أراد توصيل رسالة لمن يتهم العرب بالتقاعس عن دعم القضية الفلسطينية مفادها أننا موجودون ولن نخذل هذا الشعب الأبي الصامد في وجه العدوان الغاشم.. وأنا أرى أنه لا بد من إنهاء حالة التوتر تلك وكافة أعمال العدوان والعنف التي تسبب الكوارث الإنسانية، وأن يبحث الفلسطينيون عن الوحدة فيما بينهم أولا لتكون كلمتهم واحدة.
* دار الإفتاء دشنت حملة عالمية في نيويورك لتصحيح صورة الإسلام وجمعت عشرة آلاف توقيع من مسلمي أميركا ضد الحرب على غزة.. حدثنا عن التجربة، وكيف يمكن لدار الإفتاء المساهمة في تصحيح صورة الإسلام والمسلمين في الخارج؟
- دأبت دار الإفتاء المصرية على إيفاد علمائها إلى الخارج لإزالة الصورة المشوهة عن الإسلام وتقديم نماذج إيجابية من شأنها إزالة الصورة الذهنية العالقة في رءوس ونفوس غير المسلمين من الأميركيين خصوصا، والغرب على وجه العموم، عن الإسلام وعن العرب. وهذه الزيارات تؤتي ثمارها بفضل الله تعالى، حتى إن الكثير هناك ناشدونا بتكثيف مثل هذه اللقاءات لغياب المعلومات الكافية.
والمؤسسة الدينية إن شاء الله في الفترة المقبلة سيكون لها دور كبير ومؤثر، والذي لا يقف على أمر واحد بل يشمل كل أمور المسلمين، فعلى سبيل المثال أوفدت دار الإفتاء الدكتور إبراهيم نجم المستشار الإعلامي لدار الإفتاء إلى أميركا لتصحيح الصورة الذهنية عن الإسلام والتواصل مع الجاليات المسلمة هناك والتفاعل مع قضاياهم، واستطاع من خلال المؤتمرات والاحتفالات أن تكون غزة حاضرة بقوة في الزيارة، وأثناء احتفال الجالية الإسلامية بعيد الفطر المبارك في نيويورك. وأمام عشرة آلاف من المسلمين الأميركيين قام بجمع ما يزيد على عشرة آلاف توقيع من الجالية الإسلامية لإرسالها إلى كل من البيت الأبيض والكونغرس الأميركي اعتراضا على جرائم الحرب التي تجري ضد الأطفال والمدنيين في غزة، وهذا الأمر قد أحدث صدى كبيرا في أميركا بأن سلط الضوء على جرائم اليهود في غزة وفضح انتهاكاتهم الصارخة ضد المدنيين العزل.
وإيمانا بدور المؤسسة أيضا بقضايا المسلمين في العالم أوفدنا مؤخرا وفدا إلى البرازيل للإشراف على ذبح الحيوانات والطيور التي تقدم للمسلمين، وأيضا التي تقوم مصر باستيرادها للتأكد من تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية عند ذبحها، وهذا نابع من دورها العالمي في تلبية احتياجات الجاليات الإسلامية في تلك البلاد.
* لكن يختلف الكثيرون حول جدوى الحوار مع الآخر في الآونة الأخيرة التي تشهد حملات غربية عدائية ضد الإسلام.. كيف ترى أهمية الحوار في بيان حقائق الإسلام ودحض الشبهات؟
- بالفعل، هناك من يريد الحوار والتعاون، وهناك من لا يريد الحوار ويريد الصدام فقط، لذلك نرى أن تعميم لفظ الآخر هنا ليس في صالح القضية الإسلامية للطرفين، وعليه يجب علينا قبل كل شيء أن نفهم رأي من يريد الحوار والتعاون، وأن نحيد أو نغير رأي من يريد الصدام، ولا يجب أن نكتفي بالقول بأن هذا لا يريد الحوار، بل علي أن أثبت سوء قصد هؤلاء وفساد رأيهم.
وعلى كل، لا بد من الجلوس مع الآخر والتحاور معه وسماع جميع آرائه بدلا من العزلة التي غالبا ما تعكس صورة سيئة عن الطرفين وتعطي تصورا مشوها أيضا عنهما. ومن خلال الحوار نستطيع بيان كل الشبهات التي توجه للإسلام والرد عليها لإزالة كل ما أشاعه خصومه عنه في وسائل الإعلام وغيرها، وعلينا أيضا القيام بدور كبير من أجل إحلال صورة وسطية ومعتدلة مكان الصورة النمطية المشوهة التي يأخذها بعض من أبناء الغرب عن الإسلام وإظهار جوهر الدين وأخلاقياته التي تعلي من قيمة الفرد والمجتمع، وأن نبتعد عن كل أنواع التشدد والمغالاة.
* أدنت حملات إبادة المسلمين في أفريقيا الوسطى وطالبت المجتمع الدولي بتدخل عاجل لحل الأزمة.. من وجهة نظرك كيف يمكن لدار الإفتاء مساعدة الأقليات في العالم الإسلامي؟
- بداية العنف لا يولد إلا العنف، ويجر إلى المزيد من سفك الدماء والتناحر، والمجتمع الدولي والأمم المتحدة مطالبان بمساندة الأقليات في العالم، ونحن في دار الإفتاء مستعدون لتقديم كافة أشكال الدعم لمسلمي أفريقيا الوسطى وكوسوفو وكل الجاليات والأقليات الإسلامية في أوروبا، والمؤسسات الدينية هناك، وتلبية احتياجاتهم من تعليم وتدريب على الإفتاء من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية ومنع أي محاولة لتضليلهم بالشبهات والأفكار غير الصحيحة والتي لا تمت للإسلام بصلة، وبالفعل نحن في دار الإفتاء نعمل على هذا؛ فقد أصدرنا كتابا جديدا حول «فقه الأقليات»، والأحكام الفقهية المتعلقة بالمسلم الذي يعيش خارج بلاد الإسلام، والكتاب يحمل اسم «سؤالات الأقليات» ويضم الفتاوى المكتوبة والواردة عبر البريد الإلكتروني إلى دار الإفتاء المصرية الخاصة بفقه الأقليات، ويضم ما يسمى «مسائل عموم البلوى» التي شاعت في بلاد الغرب كما هي في بلاد المسلمين، والإجابة عن تلك التساؤلات تجري بمراعاة ارتباط الحكم الشرعي بظروف جماعة ما في مكان محدد نظرا لظروفها الخاصة في البلاد غير الإسلامية، لأن ما يصلح لها قد لا يصلح لغيرها، وهذا الكتاب مهم لاعتماد هذه الأقليات عليه لبيان الأحكام الشرعية الخاصة بهم.
* نعاني من انتشار التشدد في شبه جزيرة سيناء وبعض المحافظات.. ماذا علينا أن نفعله لمواجهة التشدد لضمان السلام الاجتماعي؟ وما دور علماء الدين والأئمة في ذلك؟
- على الدعاة البعد عن القضايا الثانوية وإثارة القضايا حول الأمور التي حسمت من قبل، وأن يضطلعوا بمهامهم الأساسية وهي الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وإرشاد الناس إلى ما فيه صلاح أمرهم في الدنيا والآخرة، ولقد مدح الله تعالى الداعية القائم بأمور الدعوة إلى الله بقوله سبحانه وتعالى: «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، فالأمور الخلافية تأخذ الداعية عن مهامه الأساسية في الدعوة والتوجيه؛ ووجود الدعاة وتمسكهم بأدوارهم وأدائهم هو الخير، وهو ضمان لمسيرة الخير في المجتمع، وصمام أمان للمجتمع بأسْره. قال تعالى: «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
* وما رؤيتك للغط الذي يدور من وقت لآخر حول أحكام القضاء المصري؟ وما دور مفتي الديار المصرية في بحث قضايا الإعدام؟
- نحن نحترم القانون والقضاء المصري واستقلاليته، ودورنا ينحصر في بيان الجانب الشرعي في إنزال عقوبة الإعدام من عدمه من واقع ما جاء في ملفات أوراق القضية المرسلة من هيئة المحكمة لنا، أما الجوانب الفنية فهي من اختصاص هيئة المحكمة ولا دخل لنا بها. وما يحدث من لغط حول قضايا الإعدام ناتج عن عدم تحري الإعلام الدقة والموضوعية في نشر الأخبار والتصريحات، ونشر الأخبار المغلوطة التي من شأنها أن تحدث بلبلة لا يستفيد منها إلا أولئك الذين لا يريدون للوطن خيرا.
* هناك دعوات للعنف في ذكرى فض اعتصام ميدان رابعة العدوية.. ما الدعوة التي تقدمها للداعين لذلك من أجل الحفاظ على الأرواح؟
- نحن نحذر الجميع، خاصة الشباب، من التورط في اقتتال واحتراب لا شرعية دينية له ولا مصلحة فيه إلا لأعداء الوطن في الداخل والخارج، لأنه يجب على جميع المصريين الحفاظ على مؤسسات الدولة المصرية ضد أي اعتداء يقع عليها بأي وسيلة كانت، كما أطالب الأجهزة الأمنية بتطبيق مبدأ سيادة القانون ومنع الخروج عليه وتقديم الخارجين إلى العدالة، لأن البلاد تمر بظرف صعب لا ينفع معه التهاون مع المخطئين.
* كيف ترى مستقبل «الوسطية الإسلامية» وسط صعود التيارات الإسلامية المتشددة؟ وما الذي ينبغي علينا فعله لمواجهة التشدد مع الحفاظ على قدر من السلام الاجتماعي يؤمن لنا الحياة؟
- أرى أنه على الجميع أن يستمع إلى المنهج الوسطي والمعتدل الذي يتصف به الإسلام؛ لأن الغلو والتطرف والتشدد ليس من طباع المسلم الحقيقي المتسامح ولا من خواص أمة الإسلام بحال من الأحوال، ومنهج الدعوة إلى الله يقوم على الرفق واللين ويرفض الغلظة والعنف في التوجيه والتعبير والتوازن والاعتدال والتوسط والتيسير، ومن خطورة التطرف والتشدد أنه تسبب في تدمير بنى شامخة في حضارات كبرى، وهو بكل أشكاله غريب عن الإسلام الذي يقوم على الاعتدال والتسامح، ولا يمكن لإنسان أنار الله قلبه أن يكون مغاليا متطرفا ولا متشددا.
* بم تنصح المصريين في هذه المرحلة ونحن مقبلون على الانتخابات البرلمانية؟
- في هذه المرحلة بالذات، مستقبل الوطن يتعرض لاختبار صعب من قبل أيادٍ لا تريد لمصر وشعبها الخير والرقي والتقدم، لكن الإرادة الجماعية للشعب المصري مصممة على تخطي هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن، لذا أنا أطالب الشعب كله أن يتكاتف من أجل الوقوف أمام هذه الأخطار وتخطي المرحلة الحالية بالعمل الجاد على كل المستويات وإغلاق كل أبواب الفتنة والمشاركة الجادة في بناء الوطن وعدم السماح لأي شخص ببث روح الفتنة بين صفوفهم، وكل هذا سيجري في أقرب وقت إن شاء الله تعالى.
* لكن هناك فتاوى تحرم المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.. فهل يعد هذا نوعا من التسييس للفتاوى؟ وما الهدف من ذلك؟
- الفتاوى التي تحرم المشاركة في الانتخابات البرلمانية هي فتاوى شاذة مجافية للشرع والمصلحة العليا للبلاد، ومثل هذه الفتاوى لا علاقة لها بالفهم الصحيح للشريعة الإسلامية ومنهجها الوسطي القائم على ضرورة مراعاة مصالح العباد وما يسهم في تحقيق منافعهم الدينية والدنيوية، وهذه الفتاوى تكشف عن هدفها الخبيث، وهو توظيف مُطلقها للنصوص والأحكام الدينية لخدمة الأغراض والأهداف السياسية والحزبية الخاصة، بما يمثل إقحاما للدين في صراع سياسي يشوه سماحة الإسلام.
* ما تقييمك للخطاب الديني في مصر حاليا؟
- أنا أرى أنه من الضروري الآن تبني خطاب ديني شرعي يتماشى مع متطلبات العصر ويناهض الفكر المتطرف والمتعصب وينشر تعليما وفكرا معاصرا، مستلهما التعاليم الصحيحة من صحيح الدين والسنة النبوية الشريفة، ولنا في خطاب الله تعالى لعباده الأسوة الحسنة «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ»، ودار الإفتاء تبنت منذ فترة طرح بعض الحلول لتجديد الخطاب الديني والوصول به إلى ما نأمل، فنحن نأمل في خطاب ديني يشتمل على الوصايا العشر في قول الله تعالى: «قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِه شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النفس الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»، ليكون له آثاره الطيبة، وله ثماره الحسنة التي تجعل أبناء الأمة يصلحون ولا يفسدون، ويبنون ولا يهدمون، ويجمعون ولا يفرقون، ويتعاونون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.
كما أن على من يحملون هذا الخطاب أن تتوافر فيهم مجموعة من الضوابط والمعايير تعينهم على توصيل رسالتهم، يأتي في مقدمتها الإخلاص لله وابتغاء الأجر منه سبحانه وتعالى، كما أنه لا مناص من توافر العلم اللازم لذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة، ملتزما بالأسلوب الأمثل وهو الحكمة والموعظة الحسنة، والصبر والتحمل لما قد يلحقه؛ لأن الطريق ليس بالهين، يواجه فيه بعضا من المصاعب والمتاعب فالصبر الصبر، كل هذا في إطار من الرحمة للناس تكون شعارا له يتمثل به أثناء سيره في الدعوة إلى الله تعالى، جاعلا من نفسه القدوة الحسنة فهي أبلغ صور التبليغ.
من المهم أيضا أن ندرك أن الخطاب الديني يتعامل مع الحياة، والحياة تسير بسرعة وبصورة معقدة؛ لذا فإنه ينبغي على الخطاب الديني أن يجدد نفسه؛ لأنه لو انقطع عن التجديد ومواكبة العصر لمضت الحياة مقطوعة عن النهج الرباني، ولهذا فإن أساليب الدعوة وإدراك العصر ينبغي أن تكون دائما جزءا لا يتجزأ من تفاعل المسلم مع معطيات العصر.
* وما دور العلماء والدعاة في هذا الوقت العصيب الذي تمر به البلاد؟
- عليهم أن يسعوا جاهدين في تحقيق الوحدة التي تعتبر فرضا من فروض الدين، وأساسا من أساساته وخاصة في هذه الظروف التي تمر بها الأمة حاليا؛ حيث يتربص أعداؤها بها ويحاولون فرض روح الشحناء والتفرقة والنعرات الطائفية بين أبناء الدين الواحد، ‏ كما أطالب العلماء والمفكرين بالحض على تعاليم الإسلام السمح واتباع أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة في الدعوة إلى الله وكيفية العيش مع الآخر وتقبله واحترام عقائده.‏
* هل يمكن إلقاء الضوء على دور دار الإفتاء في ظل الحراك الذي تشهده مصر في الوقت الراهن؟
- دار الإفتاء المصرية هي واحدة ضمن المؤسسات التي تمثل المؤسسة الدينية الرسمية في مصر، والتي تتكون من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف وجامعة الأزهر الشريف. ويتمثل دور دار الإفتاء المصرية في الرد على أية تساؤلات توجه إليها في الموضوعات المتعلقة بطلب رأي الدين أو الفقه فيها وأيضا القضايا التي تجد وتستحدث على المسلمين‏، ‏ وهذا ما تقوم به الدار منذ نشأتها وتطورها حتى الآن.
ودائما الدار على استعداد للإجابة والرد على أي تساؤل أو ظاهرة تحتاج رأي الدين، ولا بد أن نعرف جيدا الفرق بين الإفتاء والرأي؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره؛‏ أي لا بد أن يتصور المفتي المسألة الفقهية ثم يقول فيها رأيه، وهذا يوضح الخلط الموجود بين الآراء والفتاوى‏ والذي يقع فيه الكثير، وأيضا هناك فرق بين الموعظة والفتاوى، وكثير من الناس يخلطون بين الخطاب الديني والفتاوى.. وهذا ما نحاول علاجه في المرحلة المقبلة إن شاء الله تعالى‏.‏
* هذا يجعلنا نسأل.. هل ساهمت الدار بالفعل في حل بعض القضايا المطروحة على الساحة الآن؟
- مؤسسة دار الإفتاء حريصة على أن تكون حاضرة في كافة القضايا التي تهم المسلمين، وإظهار الأحكام الشرعية للناس في القضايا والظواهر الاجتماعية التي تجد وتستحدث في المجتمع من حين لآخر، وفي الفترة الأخيرة رصدنا بعض الظواهر السلبية في المجتمع وخرجت بعض الفتاوى التي حاولنا من خلالها القضاء على تلك السلبيات ومنها فتاوى مواجهة السلوكيات الخاطئة في المجتمع والتي من شأنها أن تحدث بلبلة بين المسلمين وتكون عواقبها وخيمة، وأيضا تحاول الدار من خلال إداراتها التواصل مع الأمة في تقديم الرأي والمشورة لحسم بعض المسائل الخلافية والجدلية التي تظهر على الساحة الإسلامية، وتنشر هذه الآراء والفتاوى لتوعية المسلمين بأحكام دينهم وعباداتهم في كافة المواسم والمناسبات.
* نريد أن نعرف أهمية الفتوى من وجهة نظرك؟
- أهمية الفتاوى تكمن في كونها البيان الشرعي لحكم الله تعالى في أمور الدين والدنيا، وهذه الأهمية تتمثل في أنه يجري من خلالها إبراز حرص الناس على دينهم عن طريق تساؤلاتهم في أمور الدين ليطمئنوا على سلوكهم ويتجنبوا سخط ربهم، فهم يقدمون دائما على معرفة الأمور التي اختلطت عليهم في أمور دينهم حرصا على تنفيذ تعاليمه، كما تظهر هذه الأهمية أيضا في أن الدين الإسلامي دين شامل لكل أمور الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؛ فعند النظر إلى موضوعات الفتاوى على مر العصور نجدها لم تقتصر على جانب واحد فقط من جوانب الحياة وإنما اشتملت على كل الجوانب الحياتية من اجتماعية لاقتصادية لأسرية لسياسية وغيرها، بالإضافة إلى أن الفتاوى يظهر من خلالها قدرة الفقه الإسلامي على التجديد والتطور والمرونة في إطار ثوابت شرعية، حيث إنه يراعي الفوارق الزمنية والمكانية وعادات المجتمع. وتعد الفتاوى مصدرا خصبا من مصادر الدراسات التاريخية حيث إنها تشتمل على مادة غزيرة للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أهملها التاريخ ولم يفطن لها المؤرخون.
* كيف ترى مستقبل دار الإفتاء في الفترة المقبلة؟
- بمشيئة الله تعالى نريد أن نستكمل ما بدأه السابقون في تطوير هذه المؤسسة العريقة، فقطار التطوير فيها لا يزال مستمرا ولن يتوقف إن شاء الله تعالى، فبعد أن جرى تطوير وإنشاء العديد من الأقسام داخل الدار لكي تلبي حاجة المجتمع والتي منها على سبيل المثال إدارة الحسابات الشرعية، ولجنة فض المنازعات، والتعليم عن بعد وتدريب المبتعثين، والتعاون مع الهيئات والمؤسسات الدينية في العالمين العربي والإسلامي من أجل الوقوف على صحيح الدين ونقل خبرات الأزهر الوسطية في أرجاء الأرض، وأيضا شارف العمل على الانتهاء من المبني الجديد، ووضع استراتيجية عمل من شأنها زيادة مساحة التفاعل بين الدار والمؤسسات والأفراد في الداخل والخارج.
كما أنه بالفعل هناك تعاون بين الدار والمؤسسات الأخرى من أجل فهم صحيح للواقع الذي تصدر فيه الفتوى، ومن أجل أن نكون قد وقفنا على كل الجوانب، وبالتالي نستعين بأكاديميات البحث العلمي عن طريق إجراء الكثير من البروتوكولات مع مجموعة من المؤسسات العلمية والأكاديمية؛ مثل المركز القومي للبحوث، وجامعة عين شمس، ودار الكتب المصرية، ومعهد الخدمة الاجتماعية، والبنك المركزي، وغيرها، وهذه البروتوكولات تخول لأمانة الفتوى الاستعانة بالخبرة العلمية لهذه الهيئات عند الاحتياج إليها كل في تخصصه؛ لضمان أن تخرج الفتوى على أساس علمي مؤصل مبني على تصور صحيح مرتبط بالواقع؛ لأن الفتوى مركبة من الحكم الشرعي والواقع.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.