البرلمان العراقي يبحث خريطة طريق للتعامل مع الوجود الأميركي

الحكومة تلتزم الصمت حيال الحراك السياسي والنيابي

البرلمان العراقي يبحث خريطة طريق للتعامل مع الوجود الأميركي
TT

البرلمان العراقي يبحث خريطة طريق للتعامل مع الوجود الأميركي

البرلمان العراقي يبحث خريطة طريق للتعامل مع الوجود الأميركي

فيما أعلن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي عن تلقيه مقترحا لإعادة تنظيم وجود القوات الأميركية في العراق، أعلن نائبه الأول، حسن الكعبي، رفضه تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الإبقاء على قاعدة عسكرية في العراق بهدف مراقبة إيران.
وقال الحلبوسي في تصريحات إن البرلمان «سيعمل وبالتنسيق مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لمعرفة الحاجة الفعلية بشأن القوات الأجنبية».
وكان الرئيس العراقي برهم صالح أعلن من جانبه على هامش مشاركته في ملتقى فكري في بغداد أن القوات الأميركية الموجودة في بلاده لا يحق لها مراقبة إيران داعيا واشنطن إلى توضيح مهام قواتها في البلاد.
ويأتي هذا الجدل بين القيادات العراقية في وقت بدأ الحديث يجري في الشارع العراقي عن تحركات للقوات الأميركية في مناطق مختلفة من العراق بينما لا تزال الحكومة تلتزم الصمت حيال الحراك السياسي والبرلماني بهذا الشأن. وبينما يتمتع البرلمان الآن بعطلة الفصل التشريعي الأول فإن الجدل بشأن القوات الأجنبية في العراق والتحذير من استخدامها ضد الآخرين لا يزال يجري التعامل معه بطرق متباينة داخل البرلمان العراقي بين رافض لهذا الوجود مطالبا بإخراجه وبين من يؤيد بقاء الأميركيين لأسباب مختلفة وبين من يريد التوصل إلى حل وسط يقوم على إعادة تنظيم هذا الوجود بالتفاهم مع الحكومة بوصفها الجهة المخولة بتحديد ما إذا كانت تحتاج إلى مساعدة الأميركيين أم لا.
وكان المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني دعا الأسبوع الماضي خلال استقباله ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق إلى أن «العراق يطمح إلى أن تكون له علاقات طيبة ومتوازنة مع جميع دول الجوار وسائر الحكومات المحبة للسلام على أساس المصالح المشتركة من دون التدخل في شؤونه الداخلية أو المساس بسيادته واستقلاله، كما أنه يرفض أن يكون محطة لتوجيه الأذى لأي بلد آخر».
وفيما تتباين ردود الفعل بين أعضاء الكتل السياسية والبرلمانية في البلاد بشأن القوات الأجنبية في العراق إلى حد الإعلان عن جمع تواقيع لإصدار تشريع يلزم الحكومة بإخراجها فإنه وطبقا لما أكده سياسي عراقي لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه «لا يوجد حتى الآن ما يمكن وصفه بأنه تعامل جدي مع هذا الأمر بصرف النظر عن قناعة هذا الطرف أو ذاك»، مبينا أن «مسألة الوجود الأميركي في العراق والذي هو جزء من آلية متفق عليها بين بغداد وواشنطن نظمتها اتفاقية الإطار الاستراتيجي بشأن التدريب والتسليح وتقديم المعلومات الاستخبارية والاستشارات باتت تخضع لمنطق الصراع الأميركي - الإيراني»، مبينا أن «طبيعة هذا الصراع اتخذت، بعد زيارة الرئيس الأميركي ترمب لقاعدة عين الأسد ومن ثم إعلانه سواء من داخل القاعدة أو قبل أيام بأهداف في سوريا ومراقبة إيران، شكلا آخر جعل من دعوة من يريد إخراج القوات الأميركية أكثر صعوبة من ذي قبل». وأوضح أن «الكرد والسنة وإن لم يعلنوا مواقف رسمية واضحة لكنهم يرفضون الذهاب إلى حد إصدار قرار من البرلمان لا سيما أن الحكومة نفسها أعلنت أكثر من مرة عن الحاجة لهذا الوجود».
في السياق نفسه، حذر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، الدكتور خالد عبد الإله، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من أن «الجدل بشأن الأميركيين سوف يدخلنا في أزمة سياسية ذلك أن كل القوى التي تعلن الآن رفضها للوجود الأميركي والأجنبي في العراق كانت قد وافقت على الاتفاقية الأمنية في حكومة نوري المالكي عام 2008»، مبينا أن «الجميع يعرف أن هناك بندا في الاتفاقية الأمنية يشير إلى طبيعة سريان هذه الاتفاقية الذي يجب أن يستند في حال طلب الانسحاب منها على موافقة حكومية ودستورية قبل سنة من الانسحاب». وأوضح عبد الإله أنه «خلال الاجتماع الأخير الذي عقد بين تحالفي الفتح وسائرون جرى التطرق إلى مسألة خروج الأميركيين وهناك من طالب بتشريع قانون غير أن من شأن ذلك أن يصطدم برؤية مختلفة للسنة والكرد وقد يعيد التخندق الطائفي ثانية». وأشار إلى أن «الولايات المتحدة يمكن أن تعود إلى العراق عبر حلف شمال الأطلسي (الناتو) لأنها ضغطت خلال الاجتماع الأخير للحلف في بروكسل لأن يكون للحلف دور كبير في تدريب وتجهيز القوات العراقية وبالتالي فإن هذا يفتح نافذة للأميركيين حتى في ظل صدور تشريع وإن كان احتمال ذلك لا يزال ضعيفا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».