المعارضة الموريتانية تسلّم الحكومة مطالبها بخصوص الانتخابات الرئاسية

TT

المعارضة الموريتانية تسلّم الحكومة مطالبها بخصوص الانتخابات الرئاسية

وجهت مجموعة من أحزاب المعارضة في موريتانيا، قارب عددها 20 حزباً سياسياً، مطالب إلى الحكومة الموريتانية للتوافق على قواعد وأسس تضمن «شفافية ونزاهة» الانتخابات الرئاسية، التي ستشهدها البلاد شهر يونيو (حزيران) المقبل، أي بعد أقل من أربعة أشهر فقط، وهي الانتخابات التي لن يترشح فيها الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز. لكنه سيدفع فيها بوزير دفاعه الجنرال المتقاعد محمد ولد الغزواني.
وتبحث أحزاب المعارضة، التي سبق أن أعلنت نيتها المشاركة في الانتخابات الرئاسية، عن «مرشح موحد» منذ عدة أشهر، وأعلنت في رسالة موجهة إلى الحكومة أنها ترغب في أن تكون ممثلة في «اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات»، وهي اللجنة التي تتولى الإشراف على الانتخابات، وتواجه الكثير من الانتقادات.
وطالبت المعارضة في الرسالة، التي سُلمت إلى وزارة الداخلية واللامركزية، بضرورة «إعادة تشكل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بصورة توافقية، وتخويلها كامل الصلاحيات والاستقلالية، ومنحها الوسائل المالية والتقنية والبشرية، التي تمكنها من أداء مهمتها على أكمل وجه»، مشيرة إلى أن اللجنة بصيغتها الحالية «غير توافقية».
وقالت أحزاب المعارضة إن التحضير الجيد للانتخابات يجب أن يبدأ بما قالت إنه «تهدئة الأوضاع وخلق مناخ سياسي طبيعي»، داعية إلى التخلي عن «منطق المجابهة والصدام»، والكف عن «شيطنة المعارضة وقمع الحركات السلمية، والسجن التعسفي، والتوقف عن ملاحقة المعارضين من طرف القضاء».
كما شددت المعارضة على ضرورة ضمان «حياد الدولة والإدارة والجيش»، وقالت إن هذه الأجهزة يجب أن تكون «في خدمة الجميع، بدل تسخيرها لطرف سياسي معين، واحترام قانون التعارض الوظيفي، وعدم استخدام المال العام في أغراض سياسية انتخابية»، وهي أمور قالت المعارضة إنها سبق أن لاحظتها في الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية، التي شهدتها البلاد شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
كما تضمنت مطالب المعارضة مراجعة اللائحة الانتخابية والملف الانتخابي «بطريقة شفافة ونزيهة»، بالإضافة إلى فتح الباب أمام تسجيل الموريتانيين في الخارج على اللائحة الانتخابية من أجل الحصول على حقهم في التصويت، وفق نص العريضة التي خلصت إلى ضرورة «تنظيم انتخابات توافقية حرة وديمقراطية، ووضع الأسس السليمة لعملية انتخابية لا غبن فيها ولا تدليس، تتم عبر التشاور والتشارك، ويطمئن لها كل الفرقاء ويعترفون بالنتائج التي ستسفر عنها».
ومن النقاط التي حرصت المعارضة على تأكيدها في المطالب الموجهة للحكومة، أن تجري الانتخابات الرئاسية بحضور مراقبين دوليين، خصوصاً بعثة من مراقبي الاتحاد الأوروبي، وهو المطلب الذي جاء بعد أيام قليلة من لقاء جمع قادة المعارضة بسفير الاتحاد الأوروبي في نواكشوط، ناقش فيه الطرفان الأجواء السياسية التي تعيشها موريتانيا، والاستعداد للانتخابات الرئاسية.
من جهتها، تقول الحكومة الموريتانية إنها تخلت عن تنظيم الانتخابات، مبرزة أن لجنة مستقلة تعين بالتشارك ما بين الموالاة والمعارضة هي المعنية بذلك، وأنه تم إعادة تشكيل المجلس الدستوري ليضم ممثلين من المعارضة البرلمانية، كما تم سن قانون التعارض الوظيفي، ومنع استخدام المال العمومي في الانتخابات، وبطاقة التصويت الموحدة، وبطاقة التعريف البيومترية غير القابلة للتزوير، مع حضور المراقبين الأجانب والمحليين. وقال محمد ولد مولود، الرئيس الدوري للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض، إنه من الضروري أن تستجيب الحكومة لمطالب المعارضة إذا كانت جادة في السعي نحو «تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن مطالب المعارضة «واضحة وصريحة، وتضع السلطات الموريتانية أمام مسؤولياتها». وأضاف ولد مولود أنه من دون التوافق على قواعد اللعبة بشكل مسبق «ستفشل الانتخابات، ولن تكون مقنعة، ولن يعترف أحد بنتائجها، وبالتالي ستفوت السلطة فرصة حقيقية لإحداث تناوب حقيقي وديمقراطي على السلطة، وهو التناوب الذي سيضمن الاستقرار، ويفتح صفحة من الأمل بمستقبل ديمقراطي في البلاد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».