أميركا تهدد بإيقاف مفاوضات «باتريوت» مع تركيا فور تسلمها «إس 400»

واشنطن أدرجت مواطناً تركياً على لائحة العقوبات بسبب إيران وهاجمت ألمانيا لتسليمها آخر لأنقرة

منظومة صواريخ إس 400 في معرض بموسكو في أغسطس 2014 (أ.ف.ب)
منظومة صواريخ إس 400 في معرض بموسكو في أغسطس 2014 (أ.ف.ب)
TT

أميركا تهدد بإيقاف مفاوضات «باتريوت» مع تركيا فور تسلمها «إس 400»

منظومة صواريخ إس 400 في معرض بموسكو في أغسطس 2014 (أ.ف.ب)
منظومة صواريخ إس 400 في معرض بموسكو في أغسطس 2014 (أ.ف.ب)

أكد مسؤول أميركي رفيع المستوى أن المحادثات الحالية بين أنقرة وواشنطن حول صفقة صواريخ «باتريوت» ستتوقف فوراً حال تسلُّم تركيا منظومة صواريخ «إس 400» الروسية التي تثير اعتراضات من جانب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو). ونقلت وسائل إعلام تركية، أمس، تصريحات للمسؤول الأميركي الذي قالت إنه طلب عدم الكشف عن هويته، بأن شراء تركيا لمنظومة «إس 400» الروسية قد يؤثر أيضاً على ملف تسليم أنقرة مقاتلات «إف 35» أميركية الصنع. وفي الوقت ذاته، وصف المحادثات التي دارت بين الوفدين التركي والأميركي في العاصمة واشنطن، خلال الأيام القليلة الماضية، ضمن إطار مجموعة العمل المشتركة، بـ«المثمرة والبناءة».
وكان وفد أميركي أجرى مباحثات في أنقرة منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي حول شروط بيع منظومة الدفاع الصاروخي الأميركية (باتريوت) إلى تركيا، في صفقة أعلن من قبل أن قيمتها تبلغ 3.5 مليار دولار.
وبحث الوفد، الذي ضم خبراء تقنيين، مسائل محددة تتعلق بشراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس 400)، خصوصاً فيما يتعلق بسلامة الطيران لمقاتلات «إف 35» الأميركية التي ستسلمها الولايات المتحدة لأنقرة في إطار مشروع دولي مشترك لإنتاجها.
وجاءت زيارة الوفد الأميركي عقب رفض تركيا التنازل عن اقتناء الصواريخ الروسية التي تعاقدت على شرائها في نهاية عام 2017، في صفقة بلغت نحو 2.5 مليار دولار، وإعلانها إمكانية فتح الباب لاقتناء صواريخ «باتريوت» الأميركية مستقبلاً، بشرط عدم التخلي عن صفقة الصواريخ الروسية.
وكانت الولايات المتحدة قدمت، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عرضاً رسمياً لتركيا لبيع صواريخ «باتريوت» للدفاع الجوي في صفقة قيمتها 3.5 مليار دولار، بعد أن طلبت أنقرة هذه الصواريخ مراراً ورفضت واشنطن. وحذرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تركيا من أنها قد تتعرض لعقوبات جسيمة إذا أصرّت على اقتناء صواريخ «إس 400» بسبب مخاوف حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأميركا من انكشاف أنظمتها الدفاعية على روسيا، لا سيما بعد أن تحدثت تقارير أميركية عن تعهد أنقرة باطلاع واشنطن على أسرار الصواريخ الروسية ما أغضب موسكو، وتعهدت تركيا بعدم إدماج المنظومة الروسية ضمن منظومة «الناتو» سعياً لطمأنة أميركا والحلف.
وتبدي واشنطن قلقاً، تحديداً، من إمكانية أن تطلع روسيا على تقنيات مقاتلات «إف 35» التي ستحصل تركيا منها على 20 طائرة، وهدّدت بإلغاء مشاركتها في مشروع إنتاج المقاتلة، التي يجري تصنيعها بواسطة شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية، بحيث تتمكن من تطوير نظام صاروخي لضربها.
وستتسلم تركيا خلال العام الحالي بطاريتين من «إس 400» بموجب الاتفاق بين أنقرة وموسكو المبرم في ديسمبر 2017، وسيتولى تشغيلهما العسكريون الأتراك. وإلى جانب السعر، تتطلع أنقرة إلى قضايا أخرى فيما يتعلق بشراء منظومة باتريوت مثل نقل التكنولوجيا الخاصة بها.
على صعيد آخر، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية، مواطناً تركيا يدعى إيفرين كاياكايران على لائحة العقوبات، في إجراء غير مسبوق، بسبب قيامه بتوجيه شركة أجنبية تابعة لشركة أميركية لانتهاك العقوبات الأميركية على إيران، ثم محاولة إخفاء تلك الانتهاكات.
وأدرج كاياكايران كمتهرب من الالتزام بالعقوبات الأجنبية بموجب الأمر التنفيذي رقم 13608 الذي يستهدف الجهود التي يبذلها الأشخاص الأجانب للمشاركة في أنشطة تهدف إلى الالتفاف حول العقوبات الاقتصادية والمالية الأميركية فيما يتعلق بإيران وسوريا.
جاء ذلك في الوقت الذي قال فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن أنقرة وواشنطن تربطهما علاقات تحالف قوية شاملة واستراتيجية مستندة على المصالح المشتركة، وإن بلاده تجاوزت بنجاح جميع الأزمات والاختبارات في علاقاتها مع الولايات المتحدة.
وأكد إردوغان، في كلمة أمام اجتماع لوفد من مجلس الأعمال التركي الأميركي، ليل أول من أمس، أن تركيا تتطلع إلى مستقبل مشرق في علاقاتها مع الولايات المتحدة، رغم تعرّضها لكثير من التحديات، لافتاً إلى رغبة ترمب في تعزيز علاقات البلدين.
وفي سياق قريب، وجّهت واشنطن انتقاداً حاداً إلى ألمانيا إثر تسليمها إرهابياً تركياً صدرت بحقه اتهامات في الولايات المتحدة بسبب دوره في مقتل جنديين أميركيين، إلى بلاده. وكان قد حكم على التركي آدم يلماز عام 2010 في ألمانيا بالسجن 11 عاماً لعضويته في خلية إرهابية كانت تخطط لشن هجمات في جنوب غربي الولايات المتحدة. واتهمه القضاء الأميركي بلعب دور في هجوم بالقنابل عام 2008 في إقليم خوست بأفغانستان أدى إلى مقتل جنديين أميركيين وجرح 11 آخرين. وقدمت الولايات المتحدة طلباً لألمانيا لتسليمه، لكي تتسنى لها محاكمته، لكن محكمة ألمانية أمرت بنقله إلى تركيا إثر انتهاء مدة العقوبة.
وقال وزير العدل الأميركي بالوكالة ماثيو ويتكر في بيان شديد اللهجة، أول من أمس: «نشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء القرار الألماني... لقد ساعدت الحكومة الألمانية يلماز، عمداً، في الإفلات من العدالة عن طريق ترحيله بطائرة إلى تركيا»، متهماً برلين بـ«رفض تحمل مسؤولياتها»، و«انتهاك معاهدة تسليم المجرمين مع واشنطن وإضعاف حكم القانون». لكن مسؤولاً ألمانياً قال إن «عملية التسليم قررتها محكمة مستقلة، كما أنها تستوفي معايير القانون». ويسود التوتر العلاقات بين الولايات المتحدة وألمانيا منذ انتخاب الرئيس دونالد ترمب في عام 2016.
على صعيد آخر، عاقبت السلطات التركية 50 مواطناً بالحبس لمدة عام ونصف العام بسبب إحيائهم ذكرى ميلاد زعيم حزب العمال الكردستاني (المحظور) السجين، عبد الله أوجلان، وذلك بتهمة انتهاك القانون الذي يقصي بمنع الاحتفالات بعيد ميلاد عبد الله أوجلان أو أي مناسبة أخرى تخصه.
وصدر قرار منع الاحتفال بيوم ميلاد أوجلان في 4 أبريل (نيسان) عام 2013، وأصبح كل مَن يحتفل به عرضة للحبس. وألقي القبض على عبد الله أوجلان في نيروبي عام 1999، وسلّمته السلطات المختصة هناك إلى السلطات التركية، وتم اعتقاله منذ ذلك الحين في سجن جزيرة أيمرالي، وهو سجن مشدد في جزيرة معزولة في شمال غربي تركيا بعد أن حكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة قيادة تنظيم إرهابي.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.