هجوم بقنابل الغاز على مسجد الأنصار بأم درمان... واستهداف سيارة المهدي

منظمة أميركية تحث واشنطن على وقف المحادثات مع الخرطوم

TT

هجوم بقنابل الغاز على مسجد الأنصار بأم درمان... واستهداف سيارة المهدي

أطلقت قوات الأمن السودانية قنابل الغاز المدمع على مصلين داخل مسجد بأم درمان، واستهدفت الزعيم الديني والسياسي الصادق المهدي، وألقت على سيارته قنابل غاز مدمع، وفرقت عدة مظاهرات في الخرطوم ومدن أخرى من البلاد بطريقة عنيفة. ودولياً تضغط منظمات أميركية على واشنطن من أجل وقف الحوار مع حكومة الرئيس عمر البشير.
وقال حزب الأمة القومي الذي يتزعمه المهدي، في نشرة صحافية أمس، إن الأجهزة الأمنية أطلقت عبوات من الغاز المسيل للدموع داخل «مسجد الإمام عبد الرحمن»، ولاحقت المصلين بإلقاء قنابل الغاز؛ للحيلولة دون خروجهم في مظاهرة.
وأوضح الحزب في نشرة صحافية أمس، أن قوات الأمن استهدفت المهدي، وألقت ثلاث قنابل غاز على عربته، معتبراً الحادث «تصعيداً خطيراً»، وأضاف: «عربات من طراز (لاندكروزر بيك أب)، حاصرت المصلين داخل المسجد، وقصفتهم بقنابل الغاز، بعد أن سدت أمامهم منافذ الخروج، فأصيب عدد منهم باختناق». وتواصلت الاحتجاجات والمظاهرات عقب صلاة الجمعة، في عدد من مناطق العاصمة الخرطوم ومدن البلاد الأخرى، واجهتها الأجهزة الأمنية بالغاز المسيل للدموع.
ونددت «لجنة المعلمين» باتهام النيابة لعناصر أمن بالضلوع في «اغتيال المعلم أحمد الخير» بولاية كسلا، وهي الحادثة التي هزت البلاد بعنف، واعتبرته تحايلاً للتغطية على سوء الممارسات الأمنية، ووصفت - في بيان أمس - ما يجري بأنها: «محاولات لتضليل العدالة التي تمت بواسطة أعلى سلطات الولاية، التي حاولت اتهام أبرياء بتسميمه وتسميم آخرين».
ورفضت اللجنة المناوئة لنقابة المعلمين الحكومية أي تحقيق لا تجريه لجنة «محايدة»، و«أي تحقيق يجري تحت إشراف المؤسسات التابعة للحكومة والسلطة، وهي الخصم في حادثة اغتيال الشهيد، وغير موثوق بها».
وطالبت بتكوين لجنة تحقيق محايدة تنظر في الجريمة، متعهدة بالعمل مع «كافة قطاعات الشعب وقواه وتنظيماته الحية حتى إسقاط النظام»، للوصول لقتلة المعلم الذي ذكر تقرير الطبيب الشرعي أنه قتل متأثراً بضربه بآلة صلبة أثناء اعتقاله لدى جهاز الأمن، ما أثبت كذب مزاعم والي ولاية كسلا، ومدير الشرطة، وجهاز الأمن، بأنه توفي متأثراً بـ«تسمم غذائي».
من جهته، كشف «تجمع المهنيين السودانيين» في بيان أمس، عن خروج مظاهرات جديدة في أنحاء الخرطوم، عقب صلاة الجمعة، وسط استعدادات لتواصل المظاهرات المسائية في الأحياء والمدن. وبحسب بيان التجمع، فإن مناطق «سقدان بالولاية الشمالية، وخشم القربة بولاية كسلا»، وأحياء «امتداد ناصر، وبري، وبيت المال، والحاج يوسف، ودنوباوي، وجبرة، والكلاكلة»، خرجت في مظاهرات حاشدة أمس، وبقي المتظاهرون في الشوارع لساعات طويلة، في وقت تتأهب فيه البلاد من أجل المظاهرات المسائية التي لم تتوقف.
وفي بيان ثانٍ، دعا التجمع إلى تكوين ما أطلق عليها «لجان المقاومة» في الأحياء، وقال إن «لجان الأحياء تنهك الحكومة المنهكة أصلاً»، لكونها «غير مرتبطة بأحزاب سياسية»، وتتكون من أصحاب المصلحة في إسقاط النظام، وتعمل على التحفيز للمشاركة في الاحتجاجات بشتى السبل، من الكتابة على الحوائط وغيرها. وقال متظاهر شاب تحدث لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنهم سيواصلون التظاهر حتى تنحي الرئيس البشير وحكومته، وتابع: «نفسنا طويل ولن نتراجع، والفورة ألف»، وأضاف ساخراً من حديث الرئيس عمر البشير بشأن قانون النظام العام، وعدم التضييق على الشباب: «نحن نطالب بإسقاط النظام، ويبدو أن رأس النظام أخطأ في الفهم، فظن أننا نطالب بإسقاط قانون النظام العام». واستمراراً لسلسلة «جداول التظاهر» التي درج على إعلانها يومياً، أعلن التجمع الذي تصدى لتنسيق وتنظيم الاحتجاجات، عن موكب جديد ينتظم غداً الأحد، عند الساعة الواحدة ظهراً، وذلك استمراراً لـ«مواكب المعتقلين والشهداء» التي بدأت باحتجاجات أول من أمس الخميس.
وبحسب البيان، ينطلق الموكب من «سجن النساء» في أم درمان، تضامناً مع المعتقلات من النساء، وهو ما شدد عليه البيان بقوله: «من أجل حرائرنا المعتقلات في سجون الظلم، ومن أجل أمهاتنا وأخواتنا المكتويات غبناً خلف القضبان».
يشار إلى أن أعداداً من النساء والفتيات يقبعن في المعتقلات منذ نحو ثلاثة أسابيع، ألقي القبض عليهن أثناء المظاهرات، أو تم اقتيادهن من بيوتهن وأماكن عملهن، إلى جانب قادة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وغيرهم من النشطاء المعارضين، وهو ما اعترف به الرئيس البشير بقوله قبل يومين: «المحتجون شباب غالبيتهم فتيات». ومنذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تشهد البلاد مظاهرات واحتجاجات متواصلة، لا تتوقف إلا لتحتشد من جديد، واجهتها سلطات الأمن بعنف مفرط، ما أدى لمقتل 31 مواطناً بحسب الحصيلة الرسمية، وأكثر من 50 وفقاً لما أكده حزب الأمة القومي المعارض، فضلاً عن مئات الجرحى والمصابين وآلاف المحتجزين، اعترفت الحكومة بأن عددهم في حدود 800 معتقل بين امرأة ورجل.
من جهة ثانية، دعا مشروع «كفاية» الأميركي حكومة الولايات المتحدة، لوقف المحادثات مع الخرطوم، بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين. وقال بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن الحكومة السودانية تحاول إسكات الشعب السوداني الذي يكافح من أجل الديمقراطية والحكم الرشيد، وأدان العنف من قبل الحكومة ضد المتظاهرين السلميين. وقال: «هم يحتجون على مدى ثلاثة عقود من الفظائع الجماعية والفساد المؤسسي، في ظل حكم الرئيس عمر البشير». ودعا البيان حكومة الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية والاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي، على نطاق واسع، إلى محاسبة النظام السوداني على الأرواح التي فقدت، والإصابات، واحتجاز أعداد كبيرة من المحتجين وتعرضهم للتعذيب.
ودعا المدير المؤسس للمشروع، جون برندرغاست، الولايات المتحدة، إلى تعليق محادثاتها فوراً، والتي تركز على تطبيع العلاقات مع الخرطوم، بما في ذلك أي خطوات قد تؤدي إلى احتمال إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت السودان على القائمة عام 1993، عندما قدمت ملاذاً لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بين عامي 1992 و1996. ثم تدهورت العلاقات بين البلدين حين بدأت الحكومة حملة لوقف تمرد في إقليم دارفور غرب البلاد. لكن العلاقات تحسنت في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، الذي رحبت إدارته بقبول الخرطوم استقلال جنوب السودان عام 2011، بعد عقود من الحروب المدمرة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.