صراع روسي ـ إيراني على تجنيد الشباب السوريين

TT

صراع روسي ـ إيراني على تجنيد الشباب السوريين

أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى وجود صراع بين روسيا وإيران على اجتذاب الشباب السوريين عبر المساعدات والتجنيد في قوات وميلشيات تابعة لكل منهما في مناطق سيطرة قوات النظام.
وقال «المرصد» في تقرير أمس: «الصراع الروسي - الإيراني رغم أنه لا يزال متمحوراً حول النفوذ على الأرض السورية، لكنه يلبس أشكالاً وألواناً مختلفة».
وكان آخر ما تم رصده هو «الصراع عبر المساعدات الغذائية، إذ أتاحت السنوات الثماني التي عانت فيها معظم الأراضي السورية من الحرب والقتال والدمار والقصف، والتي عادت في الوقت ذاته على المواطنين بالجوع وفقر الحال وضعف القدرة الشرائية والنزوح والتشرد والتهجير، أتاحت للقوى التي تريد خلق أرضية سورية لوجودها، أن تلعب في ملعب المشاعر وتعزف على وتر سوء الأحوال المعيشية التي زاد وجود هذه القوى المتصارعة من سوئها».
وتابع أنه سجل «قيام القوات الروسية خلال الـ72 ساعة الأخيرة بتوزيع مساعدات على مناطق في القطاعين الغربي والشمالي الغربي من الريف الحموي، إذ وزعت هدايا للأطفال ومساعدات إنسانية وغذائية، ضمن المناطق القريبة من خطوط التماس مع الفصائل المتطرفة والإسلامية والمقاتلة والواقعة ضمن المنطقة منزوعة السلاح، في الوقت الذي تعمد فيه القوات الإيرانية لاستغلال حاجة السكان في غرب الفرات والجنوب السوري والمنطقة الممتدة بينهما، ومدهم بالمساعدات الإنسانية والغذائية، من خلال المطابخ الخيرية وغيرها من المراكز التي تمد المواطنين بالمساعدات، وتقديم الرواتب للمتطوعين بمبالغ تبدأ من 150 دولاراً أميركياً».
و{تجسد هذا الصراع بأشكال مختلفة بينها مواصلة القوات الإيرانية تحركاتها في نطاق تجنيد مزيد من العناصر ضمن صفوفها، والتقرب من السكان من خلال دفع أموال أو تقديم معونات أو محاولة حل قضايا عالقة بالنسبة للسكان». وزاد: «الجنوب السوري هو الآخر شهد عمليات تطويع واسعة من قبل القوات الإيرانية، التي عادت بعد انسحابها العسكري، على شكل حملات تطويع وتجنيد في صفوفها، للعناصر السورية من خلال دفع رواتب، وتم توثيق وصول عدد المتطوعين في الجنوب السوري إلى أكثر من 2350 متطوعا، كما شوهد عناصر من القوات الإيرانية مراراً وهي تتجول في ريفي درعا والقنيطرة، في الوقت الذي تعمل فيه روسيا لتصعيد عملية إقصاء الإيرانيين عن مراكز القرار والتحكم بالتفاصيل السورية، من خلال محاولة كف يد الإيرانيين في الساحل السوري وريفي حمص وحماة، وتحجيم الدور الإيراني في إدلب ومحافظة حلب، لكن الانتشار الإيراني الواسع على الأصعدة العسكرية والفكرية والمذهبية، يحول دون تمكن الروس من لي ذراع الإيرانيين في الوقت الحالي، رغم التوجه العالمي والعربي بخاصة لمحاربة الوجود الإيراني وبخاصة على الأرض السورية، في الوقت الذي تعمد فيه تركيا لموازنة علاقاتها مع الجانب الإيراني بشكل كبير». وأشار إلى قيام «مجموعة من الشخصيات الإيرانية بزيارة مدينة الميادين، الواقعة في غرب نهر الفرات، بريف دير الزور الشرقي وارتفع عدد المتطوعين إلى نحو 1270 شخصاً من الشبان والرجال السوريين من أعمار مختلفة، وذلك ضمن منطقة غرب نهر الفرات في ريف دير الزور».
في المقابل، أشار «المرصد السوري» إلى تنفيذ الفيلق الخامس المنشأ من قبل روسيا، حملة اعتقالات بحق نحو 15 عنصرا من ميليشيات الدفاع الوطني في ريف حماة.
وتصاعد التنافس حول من تبقى من سكان في الميادين، ممن هم في سن الخدمة الإلزامية أو خدمة الاحتياط، في وقت شنت دمشق حملة اعتقالات، واقتادتهم لأداء خدمة الاحتياط في صفوف قوات جيش النظام إذ تأتي عملية سحب عشرات المدنيين إلى خدمة الاحتياط في صفوف جيش النظام، في تنافس بين قوات النظام والإيرانيين على المدنيين حيث إنه في الوقت الذي تعمد فيه قوات النظام إلى اعتقالات وحملات لسوق الشبان المطلوبين لأداء خدمة الاحتياط، تعمل إيران جاهدة عبر ميليشياتها لضم المزيد من الشبان إلى صفوفها.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.