تحليل نقدي مبتسر

تحليل نقدي مبتسر
TT

تحليل نقدي مبتسر

تحليل نقدي مبتسر

نشرنا يوم الأربعاء الماضي 6 أغسطس (آب) الحالي، مراجعة نقدية لكتاب «اللغة السينمائية في الأدب» كتبها الناقد السينمائي المصري أمير العمري. وقد جاءنا هذا الرد التالي من مؤلفة الكتاب، د. أمل الجمل، وهي كاتبة وناقدة مصرية:
إن موضوع «رؤية قسرية مبنية على افتراضات نظرية» الذي كتبه الناقد السينمائي أمير العمري يُعد تحليلاً نقدياً مبستراً، وقراءة متعجلة اكتفت بالقفز فوق صفحات المقدمة والتمهيد لكتابي «اللغة السينمائية في الأدب: دراسة مقارنة بين تاركوفسكي وشريف حتاتة» الذي يقع في 384 صفحة والصادر عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، الإمارات.
فيما يتعلق بموضوع اللقطة الكبيرة (close up) يشك أمير العمري «أن السينما اعتمدت على الأدب في اقتباس أشياء مثل المونتاج وأحجام اللقطات، فمعروف أن اللقطة القريبة هي ابتكار فني قاصر على السينما، لا نظير له لا في المسرح ولا في الرواية» لذلك فليراجع ما كتبه المخرج الروسي سيرجي إيزنشتين في مقاله «ديكنز وجريفيث والفيلم اليوم» عن كيف ترجم جريفيث الأساليب والتقاليد الأدبية للقصاصين (خاصة تشارلز ديكنز) إلى مرادفاتها السينمائية. فأساليب تقاطع اللقطات و«اللقطات القريبة» - الـClose up - والرجوع إلى حوادث سابقة - الفلاش باك - وحتى المزج، لها جميعاً مقابلات في الأدب، وكل ما فعله جريفيث هو اكتشاف هذه المرادفات».
أما فيما يخص قوله: «إنه تصعب كثيرا المقارنة، أو بالأحرى المقاربة، بين وسيط يعتمد على الصورة والحركة و(الإيقاع) الذي ينتج أساسا عن علاقة الصور بعضها ببعض، وبين وسيط أدبي يفتقد تماما لذلك الإيقاع الذي يخلقه (المونتاج) في السينما». فهذا صحيح أنه تصعب المقارنة والمقاربة، مع ذلك فالأمر ليس مستحيلاً. لكن مَنْ قال «إن الإيقاع ينتج أساساً عن علاقة الصور ببعضها البعض؟» فماذا عن الإيقاع في الموسيقى؟ هل ينكر العمري وجوده؟ إن الإيقاع مثل المونتاج موجود في كل شكل فني ينهض على الزمن، والرواية فن زماني بامتياز. أما قوله إن «الإيقاع يخلقه المونتاج في السينما» فهو بعيد عن الصواب تماماً، وأذكره بأن بعض الأفلام خرجت للنور دون أن تمر على حجرة المونتاج، حيث جرى تصويرها في لقطة مشهدية واحدة «one shot» ومنها فيلم «عاموس جيتاي» في ذكرى أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، و«الحبل» 1948 لهيتشكوك، فهل العمري يعتبر هذين الفيلمين خاليين من الإيقاع طالما أنهما لم يعتمدا على المونتاج في بنائهما؟! إن للمونتاج أهمية، لكن لا يُمكن أن يُقرر الإيقاع أو يخلقه بمعزل عن الزمن الحالي في كل لقطة، وكثافة هذا الزمن وثقله من لقطة إلى أخرى، فلكل لقطة إيقاعها الذي يتضافر مع اللقطات الأخرى ومن ثم المشاهد ليُشكل إيقاع العمل بأكمله. وإذا كان العمري يتساءل: «كيف يمكن الحكم على طريقة الانتقال من حجم ما للقطة إلى حجم آخر، أو سرعة القطع بين لقطة وأخرى في الأدب»، فيمكنه العثور على الإجابة بقراءة التحليل التطبيقي على كتابات شريف حتاتة ضمن الدراسة نفسها. أما فيما يتعلق بقوله: «والمونتاج أيضا موجود داخل أفلام تاركوفسكي مهما بدا الأمر عكس ذلك!» فهي جملة توحي للقارئ بأنني أنفي وجود المونتاج عند تاركوفسكي وهو أمر مغلوط لأنني ناقشت موضوع المونتاج بفصل خاص - إلى جانب فصل الزمن القائم على المونتاج أصلاً من خلال القطع والوصل - وأثناء ذلك اتفقت أحيانا مع أفكار تاركوفسكي وعندما اختلفت معه قدمت الدليل على وجهة نظري.
يقول العمري إنني اعتبرت «النحت في الزمن» لتاركوفسكي تعريفا جامعا مانعا» وأنا أتحدى أن يستخرج جملة واحدة من الدراسة تقول هذا. كما أنه اقتبس الفرضية الأولى للدراسة وكتبها بصيغة توحي للقارئ بالقفز من دون منطق، ليوحي بأن أسلوبي قسري وتعسفي، إذ يقول: «إن إحدى سمات السينما، كما يقول تاركوفسكي، هي (النحت في الزمن).. وتقفز الباحثة لطرح التساؤل التالي: هل يعني هذا أن روايات شريف حتاتة مكتوبة بلغة السينما طالما أن فيها أيضا نحتا في الزمن؟» لكن العمري لم يُوضح أمرين؛ الأول أن كاتبة هذه السطور من خلال تلك الفرضية كانت تسعى لأن تختبر مدى صحة أو خطأ مقولة «تاركوفسكي»: أن «النحت في الزمن» هو سمة مميزة للسينما وحدها دون غيرها من الفنون الأخرى، ولذلك لجأت لتحليل روايات شريف حتاتة «نموذجاً» لتثبت أن النحت في الزمن موجود بأشكال متنوعة في الرواية، وهو ما يعني أن فكرة تاركوفسكي ليست صائبة، وأن على المختصين أن يُعيدوا البحث عن خصائص أخرى تُميز السينما. وثانياً أنه لم يذكر جهد الباحثة لاختبار هذه الفرضية على مدار فصلين يقتربان من مائتي صفحة بدءاً من ص 61 – 245. ولم يذكر أن هذا الجزء يتضمن تحديد مفهوم الزمن بأشكاله وأنوعه من زمن واقعي، وسينمائي، ونفسي وأثره في الزمن الدرامي، مثلما يتضمن تحليلاً لأشكال النحت في الزمن وما به من ضغط وتكثيف أو تمديد وذلك بالتطبيق على أفلام منها؛ «طفولة إيفان» - «مرآة» - «أندريه روبليوف»، ثم تحليل تطبيقي مماثل على النحت في الزمن في روايات شريف حتاتة مثل «الشبكة» - «عطر البرتقال الأخضر» - «نبض الأشياء الضائعة»، وسيرته الذاتية «النوافذ المفتوحة».
أما قوله إن روايات نجيب محفوظ «لا تخضع لمبدأ (النحت في الزمن)، بل تهتم بالجوانب الاجتماعية والنفسية والدرامية في شخصياتها»، فغير صحيح لسببين؛ الأول أن الرواية أصلاً فن زماني، أي أنه لا سرد من دون زمن، والقص كما عرفه كثر ومنهم - سيزا قاسم - هو أكثر الأنواع الأدبية التصاقاً بالزمن. وثانيا لأن العمل الفني - سواء كان رواية أو فيلما أو مسرحية - عندما يهتم بالجوانب الاجتماعية والنفسية والدرامية فهذا لا ينفي عنه أن ينهض على «النحت في الزمن».
وأخيراً ينتقد العمري استخدامي للمنهج السيميولوجي بزعم أنه: «منهج يتعامل أصلا، مع النصوص المكتوبة»؛ وهو نقاش عتيق يرجع لستينات القرن الماضي، فما أكثر المناهج التي استعارها نقاد السينما من الأدب. لست أول مَنْ اعتمد على السيميولوجيا فقد سبقني إليها آخرون في دراسات المسرح والسينما، وقد استخدمت نفس المنهج بدراسة سينمائية ناقشتها بجامعة بون، ألمانيا - والمعروف عنها تشددها الأكاديمي - ومع ذلك لم يعترض أحد هناك بل رحبوا بالدراسة وأشادوا بمستواها.



أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة
TT

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية، من كتب وتحف وصور فردية وعائلية عبر مراحل حياتها. قدمت إيزابيل الليندي عبر أربع ساعات ونصف الساعة نصائح إلى الكُتاب الناشئين أو مشروع الروائيين الجدد، من خلاصة تجربتها الشخصية في كتابة ونشر 28 كتاباً، تمّت ترجمتها لعشرات اللغات عبر العالم وبِيعت منها ملايين النسخ. يضم الكورس عشرين نصيحة أو درساً مع أمثلة من تجربتها الشخصية أو تجارب كتاب تعدّهم أعلاماً في الأدب اللاتيني والعالمي، مثل غابرييل غارسيا ماركيز.

بدأت الليندي بنقطة أساسية في مقدمة الكورس، وهي أهمية «الصدق والأصالة» في أي حكاية، ثم انتقلت مباشرة إلى الحديث بإسهاب عن صنعة الكتابة بوصفها مهنة تحتاج إلى الكثير من التمرين والانضباط وتحديداً فترة البداية. كما تتطلّب طقوساً مهمة، وتنصح هنا بعدة أمور؛ من أهمها: اختيار يوم محدد يقرّر فيه الكاتب الالتزام بالكتابة. بالنسبة إليها شخصياً، فهو اليوم الذي تلقت فيه رسالة من ناشرتها الإسبانية التي تحدّتها بكتابة كتاب ثانٍ ناجح، بعد «بيت الأرواح»، ففعلت وكان ذلك يوم الثامن من يناير (كانون الثاني)، وهو اليوم الذي لم تغيّره بعد إنجاز عشرات الكتب. تشبه الليندي بداية الكتابة بعملية زراعة بذرة، قد تبدو في بداية نموها نبتة ضعيفة، إلا أنها ستصبح شجرة قوية هي «الكتاب الأول». ركزت أيضاً على ضرورة إبقاء الكاتب مسافة ضرورية من المادة الأساسية، مستعيرة مثال الإعصار فتقول: «حين تكون داخل الإعصار لا يمكنك الكتابة عنه»، وكذلك في الكتابة يجب أن تكون لديك «غرفة توفّر لك الصمت الداخلي والعزلة». بهذا المعنى تتوفر للكاتب تصوراته ومسافته اللازمة؛ ليكتب عن الشخصيات والحدث في أي عمل.

أما عن أهمية القراءة على طول الخط فتقول: «لا يمكن أن تكتب أدباً إن لم تقرأ وتقرأ كثيراً. ربما لكاتبك المفضل، أو غيره، فبذلك تتقن السرد دون انتباه إلى ما تتعلّمه». تنتقل الكاتبة إلى الحديث في أحد الدروس عن صوت الراوي، فتعده موضوعاً بسيطاً للغاية: «إنه الشخص الذي يروي الحكاية بكل تفاصيلها، وقد يكون الحديث بصيغة المتكلم، وهو أسهل بكثير من الحديث بلغة الأنا». ثم تنتقل بنا الليندي إلى موضوع النبرة في السرد، معرفة إياها بالمزاج الذي يأخذ طابعه من الحبكة، فإما أن يكون مستفزاً، مشوقاً، مثيراً... حسب التيمة الأساسية للعمل، سواء كان تاريخياً، رومانسياً أو تراجيدياً إلخ... وهنا تحث الكاتب على التخلي عن إحساس الخوف من عيوب الكتابة مثل ارتكاب الأخطاء، قليلة أو كثيرة. فهي تعدّ ذلك أمراً طبيعياً في عملية الكتابة وتحديداً كتابة الرواية.

وأولت الليندي اهتماماً كبيراً بالبحث عن المزيد، خصوصاً في الروايات التاريخية. فالتفاصيل هي ما يبعث الحياة في القصص. وهنا قدمت مثالاً عن كيفية بحثها قبيل كتابتها لرواية «ابنة الحظ». فتقول: «لقد بحثت في موضوع الرسائل التي كان يرسلها عمال مناجم الذهب، ويدفعون أونصة منه، مقابل إيصال رسالة إلى عائلاتهم. لقد كانت مهنة ساعي البريد خطيرة وتستغرق مخاطرة السفر لمدة قد تستغرق شهرين لعبور مسافة وعرة من الجبال إلى مكان إرسال الرسائل»، قرأت الليندي مثل هذه المعلومات في رسائل من أرشيف المكتبة الوطنية في تشيلي.

في منتصف هذه الدورة التعليمية، وتحديداً في الدرس التاسع، ركزت الليندي على تفصيل رسم شخصيات مقنعة: «ليس مهماً أن تحب الشرير في الرواية أو المشهد المسرحي، المهم أن تفهم شره». وكما في مجمل أجزاء الكورس، أعطت الكاتبة أمثلة من تجربتها الروائية وطريقتها في رسم ملامح شخصياتها، فهي تتجنّب الوصف الشكلي إن لم يكن ضرورياً، وإن اضطرت تحرص أن يكون مختلفاً وبعيداً عن المعتاد والكليشيهات.

احتلّت الحبكة والبنية موضوع الدرس الثاني عشر، وفيه عدّت إيزابيل أن أهم نصيحة يمكن إعطاؤها هي تشكيل بداية بسيطة للحبكة، فذلك يفسح مجالاً للشخصية أو الشخصيات كي تتجول بحرية في الزمان والمكان. أما الجملة الأولى فكانت موضوع الدرس الثالث عشر، وتعدّه الليندي مهماً جداً، فهي «الباب الذي يفتحه الكاتب لقارئه كي يدخل في الحكاية». أما المقطع الأول فهو يهيئ للصوت الأساسي في الرواية. مع ضرورة تجنب الكليشيهات، خصوصاً في الاستعارات التي قد تنقلب وتصبح فخاً مملاً.

خصصت الكاتبة درساً أيضاً عن الروتين والانضباط وعملية خلق عادة للكتابة، فهي بمثابة تكوين «عضلات لجسد الكتابة»، يتطلّب التمرين والتكرار. يلاحظ المستمع في هذا الدرس نقاطاً طُرحت في الدروس الأولى عن طقوس الكتابة. وهنا كما في «سن الأربعين، وأنا أعمل في وظيفتين، استلزم مني ذلك العمل منذ الساعة السابعة صباحاً والعودة في السابعة مساء». لم أكن أفوّت وقتاً لتدوين ملاحظاتي في دفتر أحمله معي أينما ذهبت «كطفلي الصغير»، وخلال عام كتبت 560 صفحة شكلت مسودة «بيت الأرواح». لقد صممت الليندي على كتابة ما تراكم في داخلها خلال السنوات الماضية، بعد مغادرتها القسرية لتشيلي، بسبب انقلاب بينوشيه الذي أطاح بسلفادور الليندي. استخدمت الكاتبة هذه الاستعارة أكثر من مرة؛ لتؤكد أهمية الشغف «إن كنت تود الكتابة، يمكنك فعل ذلك في أي مكان، فالكتابة كممارسة الحب، إن أردتها من أعماقك فستجد دوماً الوقت والمكان لفعلها».

في الدرس السادس عشر، تشبه الكاتبة تفاصيل الرواية بخصلات الشعر التي يمكن ضفرها بإتقان خصوصاً الخصلة الوسطى، فهي التي تجمع طرفي الحكاية بجزالة. يمكن للكاتب أن يضيف خصلات إضافية لجديلة الحكاية، ويجعل الشخصيات أكثر عدداً وقصصها أكثر تعقيداً. استخدمت الليندي مثال أي مسرحية من مسرحيات شكسبير، مشبهة إياها بعشرات الخصل المعقدة التي تتضافر معاً وتخلق نصاً مذهلاً.

أما عن التعاطي مع أصوات الرواية والانتباه لأصالة المكان الذي قد يتطلّب استخداماً معيناً بثقافة أو جغرافية ما، فقد خصّصت له الكاتبة أيضاً درساً مستقلاً أتبعته مباشرة بالحديث عن أهمية الحوار بين الشخصيات. وهنا أشارت الليندي إلى إمكانية تجريب أي كاتب للقراءة الشخصية بصوت عالٍ. مخطوط روايته مثلاً، قد يضطره الأمر إلى تعديل الحوار أو اختصاره.

بالاقتراب من نهاية تلك الدورة التعليمية المصغرة، تطرّقت الليندي إلى موضوع التصعيد، مستعيرة مثال نقاط الصمت بين العلامات الموسيقية ومدى أهميتها. وكذلك مثال من يلقون النكت الساخرة أو المزحات، حين يؤجلون جوهر المزحة تقريباً للنهاية، مما يجعل المستمع متشوقاً.

أربع ساعات ونصف الساعة أطلّت خلالها الكاتبة الشهيرة عبر منصة «مايسترو» في «هيئة الإذاعة البريطانية»، قدّمت خلالها إلى قرّائها ومحبيها خلاصة تجربتها في محبة الكتابة وطرائق صناعتها

أما عن نهاية القصة أو الرواية التي صمّمت على أن تكون نهاية النصائح، في آخر الكورس، فتكثفها بالقول: «في سياق الكتابة وتطوير الحبكة وتصعيدها، ليس مستغرباً أن يفهم الكاتب جميع شخصياته ويحدّد نبرات أصواتهم، وكذلك منتهى الحكاية ومآل الشخصية الأساسية أحياناً أو الشخصيات. قد تغيّر جملة أو حركة مسار الحكاية كلها، وتُعطي للنهاية لمسة لا تُنسى». استعارت الكاتبة كلمة واحدة من المشهد الأخير في رواية «الحب في زمن الكوليرا» لماركيز، عن العاشقين الأبديين في لقائهما المتأخر بعد خمسين عاماً من الفراق: «لقد أبحرا، أبحرا إلى الأبد». فتعلّق بالقول: «لو اكتفى الكاتب بجملة (أبحرا)، لن يكون لتلك النهاية ذات التأثير. حين أضاف لهما (إلى الأبد) منح الخلود لتلك النهاية، وأعطى القارئ مشهداً لا يُنسى».

اختتمت الليندي نصائحها المهمة بخلاصة شخصية وعامة عن النشر، مركزة على ضرورة الكتابة من أجل المتعة، لأنها بصفتها مهنة لن تمنح الشهرة أو المال بسهولة أو بسرعة. ومع ذلك حثت المستمع والمشاهد على الكتابة بكل الأحوال. وهنا نبهت الكاتبة على أهمية العلاقات الاجتماعية والمهنية لجميع الكتاب الناشئين، وحتى المشهورين. وكذلك على حضور مؤتمرات ومهرجانات تساعد جميعها على توسيع دائرة المعارف.

نصائح إيزابيل العشرون، أشبه بحكاية حب حقيقية عن تجربة الروائية الثمانينية التي لم يوقفها شيء عن الكتابة، لا المنفى ولا إخفاقات الزواج والطلاق لأكثر من مرة، ولا خسارة ابنتها الوحيدة... بل جعلت من كل محنة نقطة انطلاق، أو سبباً للكتابة، وهذا ما ذكرته في لقطة الدعاية للكورس: «إن الأدب العظيم غالباً ما ينطلق من المحن الشخصية أو العامة».

يُذكر أن هذه الدورة التعليمية وشبيهاتها غير مجانية، إلا أنها بالقياس لقيمتها وأهميتها تُعدّ رمزية، بل متواضعة وقد استقطبت «هيئة الإذاعة البريطانية» قبل إيزابيل الليندي كتاباً آخرين؛ مثل: مارغريت أتوود وسلمان رشدي وغيرهما؛ لتقديم محتويات مشابهة.