فشل ثاني محاولة إيرانية لإطلاق قمر صناعي خلال أسابيع

رئيس الأركان: لن نخشى التهديدات للتفاوض حول الصواريخ

رئيس الأركان الإيراني محمد باقري يلقي خطاباً على هامش معرض للأسلحة في طهران أمس (تسنيم)
رئيس الأركان الإيراني محمد باقري يلقي خطاباً على هامش معرض للأسلحة في طهران أمس (تسنيم)
TT

فشل ثاني محاولة إيرانية لإطلاق قمر صناعي خلال أسابيع

رئيس الأركان الإيراني محمد باقري يلقي خطاباً على هامش معرض للأسلحة في طهران أمس (تسنيم)
رئيس الأركان الإيراني محمد باقري يلقي خطاباً على هامش معرض للأسلحة في طهران أمس (تسنيم)

أوضحت صور التقطت عبر الأقمار الصناعية أمس فشل ثاني محاولة إيرانية لإطلاق قمر صناعي خلال الأسابيع القليلة الماضية رغم التحذيرات الأميركية والأوروبية بسبب مساعدته على تطوير منظومة الصواريخ الباليستية الإيرانية وقال رئيس الأركان الإيراني محمد باقري أمس بأن بلاده «لن تخشى التهديدات» لدفعها للتفاوض حول قدراتها الدفاعية والصاروخية.
ورغم عدم صدور بيان عن إيران يؤكد عملية الإطلاق، فقد أظهرت الصور التي كشفت عنها شركة «ديجيتال غلوب» الأميركية ومقرها كولورادو إطلاق صاروخ من «محطة الخميني الفضائية» في سمنان. وبينت الصور التي التقطت الثلاثاء عملية إطلاق الصاروخ وظهرت في منصة الإطلاق آثار عملية الاحتراق. ولم يتضح بعد ما إذا كان الصاروخ وصل إلى مدار الأرض.
وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» أن الصور تظهر منصة الإطلاق مدونا عليها كلمات باللغة الفارسية تقول «40 عاما» وعلى الجانب الآخر «إيراني الصنع». ومن المرجح أن الأولى تشير إلى مرور 40 عاما على اندلاع الثورة في إيران، التي يحتفل بها المسؤولون هناك هذه الأيام. ولم يصدر تعليق رسمي من الإعلام الإيراني بهذا الشأن.
وقبل أيام كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وجه انتقادات لاذعة لسياسات النظام الإيراني وأضاف هاشتاق «أربعون عاما من الفشل» أدنى تغريدته على شبكة «تويتر» وهو ما أثار تفاعلا واسعا بين الإيرانيين الساخطين على سياسات النظام.
وكانت إيران أعلنت في وقت سابق عن اعتزامها إطلاق قمر صناعي يحمل اسم «دوستي»، ويعني الصداقة. وكانت عملية إطلاق قد فشلت في يناير (كانون الثاني) الماضي في وضع قمر صناعي يحمل اسم «بيام»، وتعني رسالة، في مدار كوكب الأرض، بعد أن نجحت عملية الإطلاق التي جرت من المحطة الفضائية ذاتها.
وأفاد خبراء مركز «ديجيتال غلوب» بأن الصور التي التقطت الثلاثاء أوضحت أن إيران استخدمت صاروخا يحمل اسم «سفير» في عملية إطلاق القمر. وقد استخدم المهندسون في عملية الإطلاق التي جرت في يناير (كانون الثاني) الماضي، أحد صاروخين يحملان اسم «سيمرغ» في إطلاق القمر الصناعي.
وكان المفترض أن يطلق قمر «دوستي» المزود بخاصية الاستشعار عن بعد والذي تزعم إيران تطويره بجامعة «طهران شريف للتكنولوجيا» إلى المدار القريب من الأرض.
وأدانت الدول الأوروبية قبل أيام في بيان شديد اللهجة أنشطة إيران الصاروخية التي تتعارض مع القرار الأممي 2231 الصادر من مجلس الأمن.
وتقول الولايات المتحدة بأن عمليات الإطلاق تتعارض مع قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بإيران والذي يحظر قيامها بأي أنشطة تتعلق بتطوير الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية.
ورغم نفيها السعي لامتلاك سلاح نووي، فإن إيران تمتلك منصات إطلاق صواريخ وأحيانا تجري اختبارات صاروخية لا تشتمل على مكونات عسكرية، وتقول إيران أيضا إنها لم تخرق قرار الأمم المتحدة، ذلك لأن القرار اقتصر على مطالبتها بعدم إجراء اختبارات نووية.
وقد تزامنت عملية الإطلاق مع إعلان محمد جواد آذری جهرمي، وزير الاتصالات الإيراني، عن خبر وفاة ثلاثة باحثين إثر حريق شب في أحد مباني «مراكز أبحاث الفضاء» من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
في سياق متصل، قال رئيس الأركان الإيراني محمد باقري تعليقا على بيان الاتحاد الأوروبي الاثنين الماضي بشأن برنامج الصواريخ الإيراني وضغوط أوروبية على التفاوض حول البرنامج الصاروخي الإيراني إن بلاده «لن تخشى التهديدات» مضيفا أن «العقيدة العسكرية الإيرانية عقيدة دفاعية».
وجاءت تصريحات باقري عن العقيدة الدفاعية بعد نحو عشرة أيام من إعلان انتقال إيران من الاستراتيجية الدفاعية إلى الاستراتيجية الهجومية لحفظ مصالحها القومية.
وقال باقري مخاطبا الدول الغربية «نحن جاهزون للدفاع ومواجهة المؤامرات المختلفة».



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».