العاهل المغربي يصادق على قانون الخدمة العسكرية

عيّن سفراء وموظفين كباراً خلال مجلس وزاري بمراكش

العاهل المغربي خلال ترؤسه المجلس الوزاري في مراكش أمس (ماب)
العاهل المغربي خلال ترؤسه المجلس الوزاري في مراكش أمس (ماب)
TT

العاهل المغربي يصادق على قانون الخدمة العسكرية

العاهل المغربي خلال ترؤسه المجلس الوزاري في مراكش أمس (ماب)
العاهل المغربي خلال ترؤسه المجلس الوزاري في مراكش أمس (ماب)

صادق مجلس وزاري ترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس، في مراكش على النصوص التطبيقية لقانون الخدمة العسكرية الإجبارية.
وأوضح بيان للديوان الملكي أن الأمر يتعلق بنصين قانونيين، يهدفان «على التوالي إلى تحديد كيفيات إحصاء وانتقاء وإدماج المجندين للخدمة العسكرية، والمسطرة المتبعة في منح الإعفاء من هذه الخدمة، وتحديد مسطرة الترشح التلقائي لأداء هذه الخدمة، بالنسبة للنساء والمغاربة المقيمين بالخارج، وكذا تحديد الأجور والتعويضات والمنافع المخولة للمجندين، والتعويض الخاص عن الأعباء بالنسبة للمجندين العاملين في المنطقة الجنوبية، والأجرة والتعويضات المقررة لرجال الرديف المعاد تجنيدهم».
وأضاف البيان أن العاهل المغربي، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، أعطى في هذا الإطار تعليماته قصد «العمل على تجنيد عشرة آلاف عنصر خلال السنة الحالية، على أن يتم رفع هذا العدد إلى خمسة عشر ألف مجند في السنة المقبلة».
وأشار البيان الذي تلاه عبد الحق المريني، الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، إلى أن العاهل المغربي الملك محمد السادس استفسر في بداية المجلس الوزاري حول نسبة ملء السدود بالمملكة حاليا، مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية. مضيفا أن عبد القادر أعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، أكد في هذه المناسبة أن معدل ملء السدود يبلغ حاليا ما يناهز 64 في المائة، في حين تم تسجيل نحو 39 في المائة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية.
وأضاف البيان أن المجلس الوزاري، الذي عقد في القصر الملكي بمراكش، صادق على ثماني اتفاقيات دولية، مدعومة بمشروعات قوانين. ومن ضمن هذه الاتفاقيات ثلاث متعددة الأطراف، تتعلق على التوالي بإنشاء مقر المرصد الأفريقي للهجرة بالرباط، واحتضان وحدة التنسيق الإقليمي، طبقا للملحق الأول لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وكذا إنشاء المكتب الوطني للمملكة المغربية المتعلق ببرنامج المستوطنات البشرية التابع للأمم المتحدة.
أما الاتفاقيات الثنائية الخمس فتهدف إلى توطيد العلاقات الثنائية للمغرب مع كل من بريطانيا العظمى، وتخص نظام المدارس البريطانية في المغرب، ومع جمهورية الهند، وتشمل مجالات المساعدة القانونية في الميدان الجنائي، والتعاون القانوني والقضائي في المواد المدنية والتجارية، وكذا الخدمات الجوية.
كما أشار بيان الديوان الملكي إلى قيام العاهل المغربي بتعيين عدد من الولاة والعمال (المحافظين) بالإدارة الترابية والمركزية، باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزير الداخلية.
وباقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، عين العاهل المغربي أيضا مجموعة من السفراء. ويتعلق الأمر بكل من أحمد رحو، الذي عينه العاهل المغربي سفيرا لدى الاتحاد الأوروبي، وحسن طارق، سفيرا لدى الجمهورية التونسية، ومحمد البصري، سفيرا لدى هولاندا، ومصطفى بنخيي، سفيرا لدى مملكة البحرين، وإيمان واعديل، سفيرة لدى جمهورية غانا، ويوسف السلاوي، سفيرا لدى بوركينا فاسو، وعبد الفتاح اللبار، سفيرا لدى الولايات المتحدة المكسيكية، وعبد الرحيم عثمون، سفيرا لدى جمهورية بولونيا، ومحمد أشكالو، سفيرا لدى جمهورية فنلندا.
وباقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزير الاقتصاد والمالية، يضيف البيان، عين العاهل المغربي كلا من دنيا الطعارجي رئيسة لهيئة الإدارة الجماعية لصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعبيد عمران مديرا عاما لصندوق إثمار الموارد، الذي كان يحمل اسم الصندوق المغربي للتنمية السياحية.
كما عين العاهل المغربي سيدي محمد إدريسي ملياني، مديرا عاما لوكالة التنمية الرقمية، باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.