ترمب يندد بـ«مضايقات» ويهاجم التحقيق الديمقراطي

مسؤولون سابقون يحذّرون من تداعيات المواجهة بينه وبين أجهزة الاستخبارات

ترمب يتحدث خلال «إفطار الصلاة الوطني» بواشنطن أمس (رويترز)
ترمب يتحدث خلال «إفطار الصلاة الوطني» بواشنطن أمس (رويترز)
TT

ترمب يندد بـ«مضايقات» ويهاجم التحقيق الديمقراطي

ترمب يتحدث خلال «إفطار الصلاة الوطني» بواشنطن أمس (رويترز)
ترمب يتحدث خلال «إفطار الصلاة الوطني» بواشنطن أمس (رويترز)

تعيش الولايات المتحدة منذ أشهر على وقع خلافات سياسية حادة، يتقدمها الخلاف الجمهوري - الديمقراطي حول سياسات الهجرة، لما يحمله من تداعيات مباشرة على تمويل الحكومة واحتمال إغلاقها للمرة الثانية هذا العام. عقب ذلك تأتي المواجهات حول النظام الصحي، وبعض القضايا الخارجية كمسار المفاوضات مع كوريا الشمالية والانسحاب العسكري من سوريا والعلاقات مع روسيا. وتعكس تصريحات الرئيس دونالد ترمب و«تغريداته» اليومية حجم الخلافات بينه وبين مجتمع الاستخبارات، وأي طرف آخر يواصل التحقيق في العلاقات المزعومة بين حملته وروسيا.
وفي هذا الإطار، هاجم الرئيس ترمب مجدداً الديمقراطيين الذين يُجرون تحقيقاً بشأن علاقاته مع روسيا. وقال ترمب من البيت الأبيض: «لم يمرّ بذلك أي رجل سياسي آخر. إنها مضايقات رئاسية. هذا مؤسف. وهذا حقاً يؤذي بلدنا». وغرّد في وقت لاحق: «تحرش رئاسي. لا ينبغي السماح لحصول هذا مجدداً!».
ووصف ترمب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي آدم شيف، الذي يُجري تحقيقاً واسع النطاق بشكل متزايد، بأنه «وصولي يحاول أن يصنع اسماً لنفسه». ويخضع ترمب لتحقيقات عدة بشأن علاقات محتملة مع روسيا. ويُجري التحقيق الرئيسي المدعي الخاص روبرت مولر، الذي يحاول معرفة خصوصاً ما إذا كان هناك تواطؤ أو تعاون بين فريق حملة ترمب وموسكو في 2016.
وينتقد ترمب التحقيق بشكل متكرر، ويعتبر أنه «حملة مطاردة شعواء»، ويتهم مولر بأنه يعمل لخدمة للديمقراطيين، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي الخطاب الرئاسي التقليدي عن حال الاتحاد الذي ألقاء مساء الثلاثاء، وعد ترمب بأن يساعد في رفض «سياسات الانتقام»، واغتنام «الإمكانات اللا محدودة من التعاون والوفاق». إلا أنه حذّر الديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس النواب، من توسيع تحقيقاتهم، مؤكداً أن «التحقيقات السخيفة والمنحازة» تهدد الاقتصاد الأميركي.
ورغم ذلك، أكد آدم شيف أول من أمس، أن اللجنة التي يرأسها ستعمّق تحقيقها المقرر بشأن شبهات علاقات غير قانونية بين كيانات أجنبية ودائرة ترمب. وقال شيف إن «اللجنة يجب (...) أن تقدم تقريراً شاملاً بشأن ما حدث مع الشعب الأميركي»، وأن تقول للشعب «ما يجب أن تقوم به الولايات المتحدة لحمايته من تدخلات مستقبلية».
وعلى صعيد الخلافات بين ترمب وأجهزة الاستخبارات، قال ضباط سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، خلال حديثهم أول من أمس (الأربعاء)، بمركز أبحاث بواشنطن، إن هذه العلاقة الحساسة انهارت بشكل يتعذر إصلاحه مع مخاطر كبيرة لدخول البلاد في أزمة.
وبعد أسبوع على وصف ترمب مسؤولي الأجهزة بـ«الساذجين» ودعوته لهم إلى «العودة إلى الدراسة» على خلفية خلافهم معه حول السبيل الأفضل للتعامل مع إيران وكوريا الشمالية، قال هؤلاء الضباط إن الانشقاق بين الجهتين أصبح ينطوي على مخاطر كبرى، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. ورأى جورج بيب، المدير السابق لقسم التحليلات الخاصة بروسيا في «سي آي إيه» إن «هذه الحرب المفتوحة قد تؤثّر على الأحكام المتعلقة بالسياسات». وأوضح أنه عندما تريد أجهزة الاستخبارات أن تبلغ الرئيس تحذيراً بشأن أزمة وشيكة، يكون الوضع أن «أول فكرة تدور في رأسه هي أنهم (يقومون بلعبة ما ليحاولوا أن يتسببوا لي بمشكلة)»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف: «إذا وجهت أجهزة الاستخبارات تحذيراً، لكن متلقّي هذا التحذير لا يُصغون إليه ويتجاهلونه، فعلاً، فإن النتيجة لا تختلف عن عدم وجود أي تحذير».
وكان بيب وضباط سابقون في «سي آي إيه» يتحدثون حول طاولة مستديرة في «مركز المصلحة الوطنية»، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، في أعقاب الخلاف العلني الأخير بين ترمب ومسؤولي الاستخبارات.
وتقرير مسؤولي الاستخبارات السنوي بعنوان «تقييم التهديد العالمي» الذي قدموه للكونغرس في 29 يناير (كانون الثاني)، يناقض تصريحات ترمب عن هزيمة تنظيم داعش، وثقته بأن كوريا الشمالية ستتخلى عن أسلحتها النووية، ومخاوفه من انتهاك طهران الاتفاق النووي.
ورد ترمب مهاجماً هؤلاء المسؤولين بالقول إنهم مخطئون، قبل أن يستدعي مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس، ومديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل، إلى مكتبه على خلفية القضية. وكتب في تغريدة: «يبدو أن جماعة الاستخبارات لا يتفاعلون كما يجب، وساذجون عندما يتعلق الأمر بمخاطر إيران. إنهم مخطئون!». وأضاف أن «على رجال الاستخبارات ربما أن يعودوا إلى مقاعد الدراسة».
وبدأ خلاف ترمب مع أجهزة الاستخبارات منذ تقريرها العلني عقب فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، الذي ذكر أن روسيا تدّخلت في الانتخابات لمصلحته. ووصف ترمب التقرير بـ«المسيس» وبـ«الأخبار المضللة»، ثم أيّد في وقت لاحق تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدم وجود تدخل.
وقال المساعد السابق لمدير التحليلات في «سي آي إيه» مارك لوينتال، إن «العديد من الرؤساء فقدوا الود لنا مع مرور الوقت». وأضاف: «لكن العلاقة مع ترمب مختلفة. لم يكن لدينا أبداً رئيس يؤيد زعيماً أجنبياً، ناهيك بكونه الرئيس الروسي، ويقول: أنا أصدقه ولا أصدق الاستخبارات الأميركية». واستخلص لوينتال أن عدم ثقة ترمب بالتقارير الاستخباراتية «أضعفت كثيراً» العاملين في هذه الأجهزة، وأثّرت على أحكامهم.
من جانبه، قال جورج بيلار الأستاذ في جامعة «جورج تاون» الذي أمضى 28 عاماً في وكالة الاستخبارات المركزية، إن تحديد السياسات الأميركية حق للرئيس. لكنه أوضح أن ترمب يحتاج إلى معلومات أجهزة الاستخبارات من أجل سياساته. وقال بيلار: «يبدو أن أكبر المخاوف تتعلق بمقاومة ترمب بشكل عام لتقبل معلومات جديدة، إن كان خطياً أو شفهياً». وأضاف: «لم يتم اختباره فعلياً في أزمة دولية حقيقية». وتابع أن «مسألة أخرى تشكل مصدر قلق هي أن يتم تجاهل معلومات الاستخبارات والنظر إليها بعين الشك، وهذا من شأنه إعاقة ردٍّ فعّال وآمن لأزمة، أياً تكن».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.