ندوة «التعاون الإسلامي» بالقاهرة تدعو لمحاربة الأفكار الخاطئة عن الإسلام

TT

ندوة «التعاون الإسلامي» بالقاهرة تدعو لمحاربة الأفكار الخاطئة عن الإسلام

طالبت ندوة «التحديات الراهنة التي تواجه الأمة الإسلامية»، التي عقدها الأزهر بمشاركة منظمة «التعاون الإسلامي» بمركز الأزهر للمؤتمرات شرق القاهرة أمس، بضرورة «محاربة الأفكار الخاطئة التي تشاع عن الإسلام». وأكد المشاركون أن «الأزهر يقوم بجهود كبيرة في تقريب المسافات بين الشرق والغرب».
الندوة أقيمت تحت رعاية الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبحضور عدد من المفكرين بالعالم العربي والإسلامي، وعدد من قيادات وعلماء الأزهر. وقال الدكتور عبد السلام العبادي، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، إن «موضوع الندوة غاية في الأهمية نظراً لما يواجهه العالم الإسلامي من تحديات كبيرة، تحتاج إلى مواجهة علمية مدروسة لتقديم الاقتراحات والحلول السليمة، من قبل المنظمات والجهات المعنية»، مضيفاً أن هناك ممارسات خاطئة باسم الدين تسيئ إلى فهم هذا الدين، وينبغي التصدي لها بقوة لأنها تسيئ إلى صورة الإسلام والمسلمين، كما تواجه الأمة الإسلامية تحديات أخرى متنوعة ما بين الفكر والاقتصاد والاجتماع والسياسة، ولن نتخطى هذه التحديات إلا بالفكر السليم والعمل الجاد.
من جهته، قال الدكتور عبد الواحد النبوي، وزير الثقافة المصري الأسبق، إن «المهرجان الأول لمنظمة التعاون الإسلامي يعقد تحت سقف إسلامي، ليؤكد أننا أمة واحدة بثقافات متعددة، وأن التحديات التي تواجهها أمتنا العربية والإسلامية جاءت بسبب قوة وأهمية العالم الإسلامي من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب النظرة الخاطئة من الغرب تجاه الإسلام والمسلمين مع أن الإسلام دين تعايش وسلام». موضحاً أن العالم الإسلامي ضم حضارات متعددة، ولم يصطدم بها، وبه أكثر من 20 لغة، ويطل على 250 نهراً وألف نهير، ويطل على 18 بحراً، وهذا يدل على التنوع والثراء؛ لكننا أمام تحديات أبرزها التعليم الذي يحرم منه نحو 36 في المائة في العالم الإسلامي، وهناك مشكلات أخرى سياسية واجتماعية وثقافية، مؤكداً أن «الإمكانات التي نتميز بها تحتاج إلى استغلال صحيح وتحديد مواطن القوة والضعف».
في السياق نفسه، أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أن التحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية موضوع ممتد وليس هيناً؛ لكن التنوع والتعدد الكبير اللذين يميزان المسلمين ينبغي استغلالهما بشكل سليم، لمحاربة الأفكار الخاطئة التي تشاع عن الإسلام. داعياً العالم الغربي إلى النظر بإنصاف تجاه الإسلام والمسلمين بالقدر نفسه الذي ينظر به المسلمون تجاه أتباع الديانات الأخرى، مؤكداً أن الأزهر يقوم بجهود كبيرة في تقريب المسافات بين الشرق والغرب ومد جسور التواصل، وتقوم كل هيئاته بدورها في هذا الشأن، وقد أنشأ كيانات متخصصة لنشر الفكر الصحيح ومحاربة الفكر المغلوط، مثل: مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.
بينما أكد الشيخ علي خليل، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، أن «الدولة المصرية تفتح ذراعيها دائماً لاستضافة مثل هذه الندوات والنقاشات الجادة لخدمة قضايا الأمة، ويحتضن الأزهر هذه الندوات في إطار دوره التنويري والتثقيفي... فالتعليم هو أكبر التحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية، وقد استطاع الأزهر خلال السنوات الأخيرة تجديد مناهجه، إيماناً بأهمية التعليم في بناء الأوطان وتحصين المجتمعات من أي أفكار دخيلة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».