الميليشيات تطيح وزيرها للسياحة غداة طرده من مكتبه

TT

الميليشيات تطيح وزيرها للسياحة غداة طرده من مكتبه

في سياق تصاعدي للصراعات القائمة بين أجنحة الجماعة الحوثية، أطاحت الميليشيات الحوثية وزيرها للسياحة في حكومة الانقلاب ناصر باقزقوز وهو من العناصر الجنوبية الموالية للجماعة منذ انقلابها على الشرعية وسيطرتها على العاصمة صنعاء في 2014.
وجاءت إطاحة القيادي الموالي للجماعة غداة قيام الجماعة الحوثية بإرسال عدد من مسلحيها رفقة عربات عسكرية وفرض أحد الموظفين من عناصرها في الهيئة العامة للترويج السياحي الخاضعة للجماعة في صنعاء رغما عن الوزير قبل أن يتم إبلاغه من المسلحين بأنه ممنوع من دخول مكتبه.
وكشفت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن سبب سخط الجماعة على باقزقوز ناجم عن خلاف بينه وبين القيادي البارز أحمد حامد المعين مديرا لمكتب رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، على الأموال التي يتم جبايتها لمصلحة صندوق الترويج السياحي، حيث يحاول حامد أن يحوز الحصة الأكبر منها وهو ما رفضه باقزقوز.
وكان باقزقوز قدم استقالته أكثر من مرة، وآخرها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، احتجاجا على تدخل حامد في شؤون وزارته، كما اتهم رئيس حكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور بالضعف وعدم القدرة على الدفاع عن وزرائه أمام قادة الميليشيات.
ويتهم قادة وناشطون في الجماعة الحوثية القيادي القادم من صعدة أحمد حامد بأنه هو المتصرف الحقيقي في أمور الحكومة الانقلابية والمسيطر على موارد الصناديق الخاضعة للجماعة، إضافة إلى أنه من يقف وراء كثير من كبار التجار الموالين للميليشيات من أجل تسهيل نشاطهم وتقديم الحماية لهم.
وقبل أيام كشف أحد القياديين في الجماعة ويدعى سليمان عويدين عن وثائق وافق خلالها القيادي أحمد حامد على التصريح لأحد كبار تجار الأسلحة والمبيدات بتسجيل أكثر من 50 صنفا من المبيدات المحظورة دوليا لدى وزارة الزراعة تمهيدا للسماح باستخدامها.
وأدى الصراع بين أجنحة الجماعة إلى فرار كثير من الموالين لها من صنعاء بعد أن طالتهم يد البطش من قبل الجناح الحوثي القادم من صعدة، ويتصدره عم زعيم الجماعة عبد الكريم الحوثي وابن عمه محمد علي الحوثي، إضافة إلى القيادي البارز أحمد حامد والمكنى «أبو محفوظ».
وتشير المصادر المطلعة على ما يدور في أروقة حكم الجماعة، إلى أن القيادي أحمد حامد بات من أكثر عناصر الجماعة ثراء، إذ بات يملك عددا من الشركات وعشرات العقارات التي استولى عليها أو قام بشرائها خلال أربع سنوات، بسبب الأموال التي يحصل عليها من صناديق المؤسسات الحكومية المتعددة.
وتؤكد المصادر أن رئيس حكومة الانقلاب بن حبتور ليس في يده أي سلطات حقيقية لممارسة مهام منصبه الانقلابي، إذ تتركز أغلب الصلاحيات في يد القيادة الممثلة في كبار قادة الجماعة القادمين من صعدة وفي مقدمهم أحمد حامد.
وكان القيادي الحوثي أحمد حامد نصب نفسه رئيس مجلس إدارة ما أطلق عليه الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الإغاثة ومواجهة الكوارث، ضمن مساعيه للتحكم بجميع النشاط الإنساني والإغاثي الدولي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.
وأدت مضايقة الجماعة للموالين لها إلى استقالة وزيرها السابق للإعلام ونائب وزيرها للتربية والتعليم، قبل أن ينشق عنها مؤخرا ويهرب إلى عدن عضو لجنتها الثورية محمد القيرعي معترفا بأنه تعرض للاستغلال من قبل الجماعة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.