إسرائيل أحبطت 130 هجوماً إلكترونياً تقف إيران وراء معظمها

بينها محاولة لتعطيل نظام الإنذار في قيادة {الجبهة الداخلية}

TT

إسرائيل أحبطت 130 هجوماً إلكترونياً تقف إيران وراء معظمها

كشفت مصادر أمنية في إسرائيل أن جهات أمنية إيرانية حاولت تعطيل نظام الإنذار المبكر في قيادة الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي، وأن قوات «السايبر» التابعة لها تمكنت من إجهاض هذه المحاولة.
وقالت المصادر إن «الهجوم وقع قبل أكثر من عام، ولكن تم إحباطه في الوقت المناسب، عندما أقدم قسم الدفاع السيبراني التابع للجيش الإسرائيلي باكتشافه وصده والرد عليه بهجوم مضاد».
ويُعتبر نظام الإنذار المبكر في قيادة الجبهة الداخلية واحداً من أكثر الأنظمة الحساسة في الواجهة العسكرية والمدنية الإسرائيلية، إذ يمتد إلى أجهزة الحاسوب لعدد كبير من المؤسسات الحيوية، مثل الجيش والمخابرات والدوائر الاقتصادية والسلطات المحلية والمستشفيات والمطافئ وشركة الكهرباء وشبكات الاتصال وغيرها. فإن تعطل أحد الأجهزة، يترك آثاراً سلبية على مجمل منظومة الدفاع المدني ويشوّش عملية الدفاع والإنقاذ، خصوصاً في حال تعرّضت إسرائيل لإطلاق صواريخ متطورة».
وقد اعتمدت المصادر على تقرير داخلي أفاد بأنه تم الكشف عن هذا الهجوم في أعقاب متابعة جماعة إيرانية نشطة في عالم الإنترنت، اتضح أنها هاجمت عدة أنظمة في إسرائيل. وقال نعوم شاعَر، الذي عمل حتى وقت قريب رئيساً لقسم الدفاع الإلكتروني التابع للجيش الإسرائيلي، إن «إيران تبذل جهداً كبيراً في الهجمات السيبرانية التي تستهدف البنية التحتية والوسائل العسكرية الإسرائيلية. ففي العام الماضي وحده، أحبطنا 130 هجوماً من هذا القبيل، معظمها كانت إيران تقف خلفها».
المعروف أن إسرائيل تدير حرب «سايبر» سرّية مع إيران منذ عدة سنوات، لا يتم الإفصاح عن مكنوناتها. وفي إطار هذه الحرب، تم اختراق ألوف الحواسيب الحساسة، وتدمير برامج محوسبة كثيرة في الجهة الإيرانية. وحرصت إسرائيل على إبقاء هذا النشاط سرياً حتى لا تظهر طهران على أنها «دولة (سايبر) عظمى»، وظلّت تتحدث عن خطر هجمات إلكترونية عليها من روسيا والصين وحتى الولايات المتحدة بغرض التجسس ولم تعط وزناً بارزاً للقدرات الإيرانية في هذا المجال. لكن مَن تابع الأبحاث الإسرائيلية في موضوع «السايبر»، لاحظ أن تنامي القدرات الإيرانية بات مقلقاً للغاية، خصوصاً بعدما تم الكشف عن جهود طهران لاختراق ملايين الحسابات في الولايات المتحدة.
وقد كان هذا النشاط موضوعاً مركزياً في مؤتمر «السايبر» الدولي الذي التأم في تل أبيب، شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
كما أجرى معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب أبحاثاً خاصة حول الموضوع، في الشهر الماضي، فخلص مُعِدّوه إلى أن إيران أثبتت على غرار دول أخرى (من ضمنها الولايات المتحدة، وروسيا، والصين)، أن بقدرتها الوصولَ إلى قطاعات واسعة من الجمهور والمؤسسات في كل مكان من الدول التي تعاديها والحفاظ على سرية جهودها على مدار وقت طويل، وقدرتها على «تلويث» الخطاب العام بمضامين تحريضية. فقد نجحت في ذلك في دولة مثل الولايات المتحدة، ولا يوجد أي سبب لكي لا تصل إلى إسرائيل.
وأضاف: «حتى اللحظة يبدو أن التهديد الدعائي الإيراني تجاه إسرائيل لا يزال محدوداً. لقد تلخصت الجهود الدعائية الإيرانية ضد إسرائيل في الحيز (السايبري) في الفترة السابقة في تخريب المواقع أو في زراعة مضامين كاذبة في المواقع الإخبارية، بطريقة لم تستدعِ ضجيجاً شعبياً ذا بال. بل إن موقع الإنترنت الإيراني الذي تم الكشف عنه أخيرا من قبل شركة (ClearSky)، والذي استهدف الجمهور الإسرائيلي، لم ينجح على ما يبدو في التأثير على الخطاب الإسرائيلي».
وعلاوة على ذلك، فإن النظر في الجهود الدعائية في مجال (السايبر) الإيراني ضد إسرائيل، فيما يتعلق بالجهود الدعائية الإضافية التي تمارسها إيران في هذه الأثناء، يشير إلى أن إسرائيل ليست بعدُ موجودةً في مركز الجهود المبذولة. ويحتمل أن قدرات إيران على التركيز في جبهات توعوية أخرى تنبع أيضاً من كون «حزب الله» يقوم بهذا بنفسه تجاه إسرائيل، سواء تمثل الأمر في الخطابات التهديدية التي يطلقها نصر الله، أو من خلال وسائل الإعلام الكثيرة التي يملكها التنظيم.
مع ذلك، وبنظرة إلى الأمام، يمكننا أن نلمح ملامح بضعة سيناريوهات شديدة الخطورة، تتمثل في الاستخدام الإيراني للمجهودات الدعائية «السايبرية» الممارسة ضد إسرائيل، فقد تنجح إيران في زراعة تقارير إخبارية كاذبة حول نيات مهاجمة إسرائيل. كما يمكن أن تنجح إيران في زراعة مضامين تقنع دولة عدواً أو تنظيماً إرهابياً بأن إسرائيل تعتزم مهاجمتها، بطريقة تدفعه إلى إطلاق هجمة مضادة على إسرائيل.
يُذكر أن ديسمبر(كانون الأول) 2016 قد شهد نجاح الإيرانيين في استجلاب رد كلامي باكستاني في أعقاب منشور كاذب يزعم أن إسرائيل قد هددت بشن هجمة نووية على باكستان، إن قامت بإرسال قواتها إلى سوريا.
لكن النشر، أمس (الخميس)، عن إحباط محاولات إيران اختراق حواسيب أجهزة إسرائيلية أمنية يُعتبر تطوراً جديداً في تقييم إسرائيل للقدرات الإيرانية. ويرى المراقبون في تل أبيب أنه لم يكن ممكناً لإسرائيل أن تمر مرّ الكرام على هجمة إيرانية كهذه، وتوقعوا أن تكون قد ردّت عليها «لكن هناك مصلحة لدى الطرفين في ألا يُنشر شيء على الهجمات المتبادلة والثمن الذي كلفته لكل طرف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».