الرئيس السوداني يأمر بإطلاق سراح الصحافيين المعتقلين في الاحتجاجات

انتقد قوانين النظام العام وأقر بشرعية المظاهرات والاحتجاجات

الرئيس السوداني عمر البشير (رويترز)
الرئيس السوداني عمر البشير (رويترز)
TT

الرئيس السوداني يأمر بإطلاق سراح الصحافيين المعتقلين في الاحتجاجات

الرئيس السوداني عمر البشير (رويترز)
الرئيس السوداني عمر البشير (رويترز)

أمر الرئيس السوداني عمر البشير بإطلاق سراح الصحافيين المعتقلين جمعيهم، موجهاً انتقادات لاذعة لتطبيقات "قانون النظام العام" ذو الطابع الديني، وأرجع الاحتجاجات والتظاهرات التي تشهدها البلاد إلى الصدمة التي واجهت البلاد بسبب التدهور الاقتصادي.
وقال البشير في لقاء دعا له رؤساء تحرير الصحف وكتاب أعمدة أمس، إن الذين خرجوا في التظاهرات والاحتجاجات التي تشهدها البلاد، صدمتهم الأزمة الاقتصادية التي ترتبت على انفصال جنوب السودان، وفقدان السودان لعائدات النفط، وتابع: "من خرجوا شباب معظمهم شابات، من جيل تربى أيام الرخاء النفطي، وصدمتهم الأزمة الاقتصادية".
ويواجه البشير "انتفاضة شعبية" تنتظم البلاد منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بدأت تلقائية ضد الغلاء وارتفاع أسعار السلع الرئيسية وشح الوقود والنقود والخبز والدواء، ثم طورت أهدافها للمطالبة بتنحيه وحكومته على الفور، وتعد التحدي الأكبر الذي يواجهه منذ توليه الحكم في البلاد بانقلاب يونيو (حزيران) 1989.
وأوضح البشير إن الاقتصاد السوداني يعاني عجزاً في الميزان التجاري قدره بحوالي سبعة مليار دولار، وتابع: "احتياجاتنا من العملات الصعبة في العام تبلغ أحد عشر مليار دولار، فيما تبلغ عائدات صادراتنا أربعة مليارات دولار".
وحمل البشير حكومته مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، بيد أنه أرجعها بشكل أساس لانفصال جنوب السودان، وفقدان البلاد لعائدات النفط، إلى جانب ما أطلق عليها "إجراءات حكومية تراكمية، خلقت غبناً وسط الشباب السوداني"، وتابع: "لانعفي أنفسنا من بعض التقصير، فيما يتعلق بالازمة الاقتصادية الراهنة".
وأقر البشير بمشروعية خروج المتظاهرين، بقوله: "هناك دوافع كثيرة دفعت الشباب للنزول للشارع"، وتابع: "معظم المحتجين هم من الشباب، والفتيات أكبر المشاركين".
ووجه البشير انتقادات حادة لـ"قانون النظام العام" وتطبيقاته، وقال إن التطبيق الخاطئ لقانون النظام العام، وما يرافقها من عمليات انتهاك الخصوصية، أثارت الغبن لدى الشباب، وقال: "التطبيق الخاطئ لقانون النظام العام خلق غبنا وسط الشباب".
ويعد "قانون النظام العام" من أكثر القوانين المثيرة للجدل في البلاد، إذ أنه يعطي صلاحيات واسعة لأجهزة بسط الأمن في انتهاك الخصوصية، وإخضاعهم لمحاكم إيجازية، ويتضمن مواد تتعلق بالمظهر والزي والسلوك الشخصي والاجتماعي للمواطنين، وتنتقد بأنها "رقيب على حياة الناس وخصوصيتهم"، بما يتعارض مع مبادئ الحرية الشخصية المكفولة بالدستور، وبل وتعتبر قوانيناً تستهدف النساء وتمنعهن من ارتداء "البنطال" وتفرض عليهن وضع غطاء الرأس "الطرحة"، وإلاّ اعتبرن يرتدين زيّاً فاضحاً يترتب عليه، تعرضهن للضبط والمحاكمة وفقاً لعقوبات تشمل "الجلد والغرامة".
ووجه البشير بإطلاق سراح الصحافيين المعتقلين على خلفية الاحتجاجات جميعهم، وأمر بإلغاء قرارات إلغاء تراخيص مراسلي الصحافة الأجنبية في البلاد، والسماح للصحافيين الموقوفين بمزاولة مهنتهم، متعهدا بالإبقاء على أبواب الحوار مفتوحة مع المعارضين، وإنهم دعوا كل قوى المعارضة للحوار، بيد أنهم رفضوا، بقوله: "أبوابنا للحوار مفتوحة أمام الجميع"، .
ويقبع أكثر من 15 صحافياً في سجون أجهزة الأمن السوداني، ألقت السلطات القبض على بعضهم منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد، للحيلولة دونهم وتغطية التظاهرات في الوقت الذي منعت الرقابة الأمنية الصحف من نشر أية قصص صحفية تخص التظاهرات، فيما سحب مجلس الإعلام الخارجي تراخيص عدد من مراسلي وكالات الأنباء والصحافة الأجنبية المرخصين في البلاد.
وفرضت سلطات الأمن رقابة مشددة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحقق الأمن مع عدد من الصحافيين، فيما وجهت لبعضهم اتهامات من نيابة أمن الدولة على ما نشروه في صفحاتهم الخاصة على وسائط التواصل الاجتماعي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.