«فيتو» أوروبي على اندماج «سيمنز» و«ألستوم»

باريس وبرلين تنتقدان المفوضية

جانب من مؤتمر صحافي لرئيسي سيمنز وألستوم في سبتمبر 2017 للإعلان عن فكرة الاندماج (أ.ف.ب)
جانب من مؤتمر صحافي لرئيسي سيمنز وألستوم في سبتمبر 2017 للإعلان عن فكرة الاندماج (أ.ف.ب)
TT

«فيتو» أوروبي على اندماج «سيمنز» و«ألستوم»

جانب من مؤتمر صحافي لرئيسي سيمنز وألستوم في سبتمبر 2017 للإعلان عن فكرة الاندماج (أ.ف.ب)
جانب من مؤتمر صحافي لرئيسي سيمنز وألستوم في سبتمبر 2017 للإعلان عن فكرة الاندماج (أ.ف.ب)

حظرت المفوضية الأوروبية الأربعاء مشروع الاندماج بين شركتي «ألستوم» الفرنسية و«سيمنز» الألمانية، معتبرة أن هذا الانصهار يسيء إلى التنافس في سوق السكك الحديد داخل الاتحاد الأوروبي، وفق ما جاء في بيان صدر أمس.
وكانت شركة سيمنز التي تصنع قطارات ICE الألمانية السريعة، وشركة ألستوم الفرنسية التي تصنع قطارات TGV السريعة أيضاً، تعتزمان الاندماج في مجال القطارات، وذلك من أجل تعزيز قدراتهما على الصمود أمام المنافسة الدولية في هذا المجال، وبالتحديد أمام شركة «سي آر آر سي» CRRC الصينية العملاقة، التي تعتبر الأكبر عالميا في تصنيع القطارات السريعة. ولكن الشركة الصينية لم تنشط أوروبياً حتى الآن.
وتتخوف باريس وبرلين وكذلك الشركات الصناعية، من منافسة شركة «سي آر آر سي» الصينية للسكك الحديد، الشركة الأولى عالمياً لصنع القطارات والتي نشأت عن التقارب بين شركتين صينيتين مملوكتين للدولة. ولفت وزير المالية الفرنسي مُؤخّراً إلى أن هذه الشركة الصينية تصنع 200 قطار فائق السرعة كل سنة، مقابل 35 قطارا لسيمنز وألستوم.
وبررت المفوضية رفضها بأن هذا الاندماج من شأنه أن يقيد المنافسة في مجال القطارات السريعة. وأوضحت أن التنازلات التي قدمتها الشركتان من أجل الحصول على موافقة من المفوضية على الاندماج «لم تكن كافية» لإزالة تحفظات المفوضية. وتمتلك المفوضية الأوروبية منذ 1989 حق الفيتو على مشاريع الاندماج الكبرى، لكنها نادرا ما استخدمته، وقد وافقت خلال نحو ثلاثين عاما على أكثر من ستة آلاف عملية اندماج، فيما منعت أقل من ثلاثين عملية.
وأفادت المفوضية الأوروبية في إطار تبرير رفض اندماج الشركتين الأكبر أوروبيا في مجال صناعة القطارات السريعة، بأن هذا الاندماج كان من شأنه أن يضم أكبر مصنعَيْن لأنظمة الإشارات ومركبات السكك الحديدية. كما أن اندماج الشركتين كان سيجعل الشركتين هما الأكبر عالميا في مجالهما، وفقا للمفوضية.
وأوضحت المفوضية أن اندماج الشركتين كان سيسفر عن جانب متسيد في سوق القطارات السريعة، وأنه كان سيضر أيضا ببعض أسواق أنظمة الإشارات، مما يقيد خيارات العملاء فيما يتعلق بشراء المنتجات، خاصة الشركات العاملة في صناعة السكك الحديدية والبنية التحتية لها.
وقالت المفوضة الأوروبية المسؤولة، مارغريته فيستاجِر، إن كلا من سيمنز وألستوم «بطلان» في قطاع مواصلات السكك الحديدية، وإن الاندماج سيؤدي إلى ارتفاع أسعار أنظمة الإشارات المهمة لأمان الركاب وللأجيال القادمة من القطارات فائقة السرعة إذا لم تتوفر مساعدات كافية للعملاء.

ويشار إلى أن اتحادات اقتصادية بالإضافة للحكومتين الفرنسية والألمانية، كانت تؤيد هذا الاندماج بقوة، حيث يرى مؤيدو الاندماج ضرورة توفر قانون منافسة أوروبي جديد للسماح بعمليات الاندماج التي تتمخض عن شركات أوروبية كبيرة. ويرى هؤلاء أن أوروبا بحاجة لمثل هؤلاء «الأبطال» لمواجهة المنافسة القادمة من الشرق الأقصى، خاصة من الصين.
وكان قرار المفوضية هذا متوقعا. وأكد وزير المالية الفرنسي برونو لومير صباح الأربعاء ذلك، منتقدا مسبقا هذا الفيتو باعتباره «خطأ اقتصادياً... سيصب في مصلحة» الصين. ورأى مصدر حكومي فرنسي الثلاثاء أن فيتو بروكسل المتوقع «مؤشر إلى عقيدة معينة للمفوضية تتعارض مع المصالح الأوروبية»، مبدياً أسفه لتفسير «صارم للغاية» للقواعد من جانب بروكسل. كما دعا وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير في اليوم نفسه إلى سياسة تشجع عمليات الاندماج على المستوى الأوروبي لإنشاء مجموعات تملك القدرة على العمل «على قدم المساواة» على الصعيد الدولي ومراجعة القانون الأوروبي المتعلق بالمنافسة. وقال الوزير: «أليست هناك مجالات مثل الطيران والسكك الحديد والمصارف، ينبغي أن تكون مرجعيتنا فيها السوق العالمية بدل السوق الأوروبية؟».
وكان وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير قد تقدم مطلع الأسبوع الجاري باستراتيجية تتضمن تدخل الدولة لشراء بعض الشركات المهمة بشكل مؤقت، من أجل التصدي للشركات الصينية الكبيرة التي تسعى للاستحواذ على شركات أوروبية مهمة.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.