المعارضة الموريتانية «تتوحد» لخوض غمار الانتخابات الرئاسية

اتفقت على «برنامج انتخابي» لكن دون التوصل إلى هوية من سيحمله

TT

المعارضة الموريتانية «تتوحد» لخوض غمار الانتخابات الرئاسية

تعكف لجنة خاصة من أحزاب المعارضة في موريتانيا على البحث عن «مرشح موحد»، تدخل به الانتخابات الرئاسية التي ستنظم في شهر يونيو (حزيران) المقبل، فيما وضعت اللجنة أمس اللمسات الأخيرة على «البرنامج الانتخابي»، الذي سيدخل به هذا «المرشح الموحد» الانتخابات الرئاسية المقبلة.
واشترطت اللجنة على الأسماء المطروحة خيارات للترشح للانتخابات الرئاسية الموافقة على «البرنامج الانتخابي»، الذي اعتمدته لأنه يتضمن الخطوط العريضة لرؤية المعارضة لتسيير الحكم في حال نجاحها في الانتخابات الرئاسية، لكنها تواجه في المقابل صعوبات كبيرة في تقديم شخصية توافقية، تكون قادرة على جمع كلمة جميع أطياف المعارضة، في ظل الخلافات الداخلية التي تعصف بها منذ عدة سنوات.
وتطرح على طاولة اللجنة كثير من الأسماء، من أبرزها الناشط الحقوقي والنائب البرلماني بيرام ولد الداه أعبيد، الذي أعلن منذ عدة أشهر أنه سيترشح للانتخابات الرئاسية، وبدأ بالفعل حملة انتخابية سابقة لأوانها، ودعا أحزاب المعارضة إلى الوقوف معه في الانتخابات. لكن هنالك أطراف كثيرة تتحفظ على اختياره، بسبب خطابه الذي يتهم بـ«العنصرية».
من جهة أخرى، أعلن أعضاء سابقون في مجلس الشيوخ أنهم سيرشحون الشيخ ولد حننا للانتخابات الرئاسية المقبلة، الذي كان أحد أعضاء مجلس الشيوخ البارزين، ولعب دوراً محورياً في تصويت أعضاء المجلس قبل عامين ضد تعديلات دستورية، اقترحها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، تتضمن إلغاء مجلس الشيوخ وتعديل العلم والنشيد الوطنيين. لكن التعديلات نفسها التي رفضها الشيوخ مرت بعد ذلك عبر استفتاء شعبي، انتهى بإلغاء مجلس الشيوخ. ومن هذا المنطلق قال أعضاء مجلس الشيوخ السابقين إن ولد حننا سيكون منافساً مهماً في الانتخابات، ودعوا المعارضة إلى اختياره كـ«مرشح موحد».
في غضون ذلك، تبرز بعض الأسماء التقليدية، من ضمنها رئيس حزب اتحاد قوى التقدم اليساري محمد ولد مولود، والرئيس السابق لحزب «تواصل» الإسلامي محمد جميل منصور، بالإضافة إلى شخصيات من خارج المعارضة، أبرزها الوزير الأول السابق سيدي محمد ولد ببكر.
وزاد الغموض حول مدى انسجام المعارضة وقدرتها على التوحد في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك بسبب تأخر اللجنة في إعلان هوية مرشحها، رغم أنه سبق لها أن قدمت جملة من المواصفات والمعايير التي يجب أن تتوفر في هذا المرشح الموحد، وفي مقدمتها «أن يكون جامعاً لأكبر عدد من الموريتانيين الراغبين في التغيير، ومستوعبا لطموحات ومطالب كل فئات وأعراق المجتمع، وأن يكون قادرا على المنافسة، مقنعا وملتزما ببناء دولة المؤسسات والقانون والمواطنة، ويجسد برنامج التغيير الذي حملته المعارضة الديمقراطية منذ عقود».
وتشير مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التيار الإسلامي، ممثلاً في حزب
«تواصل» المعارض، ورغم توقيعه على اتفاق المعارضة بتقديم مرشح موحد في الانتخابات الرئاسية، فإنه «لا يبدو متحمساً لأشغال اللجنة المكلفة هذا الاختيار». كما أن هنالك خلافات قوية بين الحزب الإسلامي، وكثير من الأحزاب الأخرى بسبب إمكانية «تخاذل الإسلاميين» في الانتخابات المقبلة.
وتواجه المعارضة الموريتانية مشكلات في الحصول على مصادر لتمويل الحملة الانتخابية المقبلة، وهي التي كانت تراهن على رجل الأعمال الموريتاني، المقيم في الخارج محمد ولد بوعماتو، الذي يوصف بأنه «معارض شرس» لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز. لكن بعض المصادر تقول إن ولد بوعماتو قد يراجع موقفه من السلطة بعد أن تأكد خروج ولد عبد العزيز من الحكم، وعدم الترشح لولاية رئاسية ثالثة.
وأمام تأخر إعلان هوية «المرشح الموحد» للمعارضة، وإثارة الشكوك حول انسجامها ووحدتها، أعلنت أحزاب سياسية معارضة تشكيل «قطب سياسي» جديد من أجل المشاركة في الانتخابات الرئاسية بـ«مرشح واحد»، وأعلنت أنها لا تنسق مع بقية أحزاب المعارضة في هذا التوجه. ويقود هذا القطب السياسي الجديد رئيس حزب الحركة من أجل إعادة التأسيس كان حاميدو بابا، ورئيس حزب «التحالف من أجل العدالة والديمقراطية- حركة التجديد» إبراهيما مختار صار، وزعيم حركة أفلام «صمبا أتيام»، وهذه الأحزاب تمثل القيادات السياسية للمكونات الزنجية في موريتانيا.
في المقابل، أعلن ائتلاف أحزاب الأغلبية الرئاسية الحاكمة أنه يدعم ترشح وزير الدفاع والجنرال المتقاعد محمد ولد الغزواني للانتخابات الرئاسية، تماشيا مع الموقف الذي أعلن عنه الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الذي قدم وزير دفاعه على أنه مرشحه للانتخابات، ويمثل «استمراراً لنهجه» في الحكم.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.