معرض القاهرة للكتاب... تراجع مبيعات الرواية وإقبال على الكتب الفكرية والمسرحية

إقبال جماهيري على المعرض
إقبال جماهيري على المعرض
TT

معرض القاهرة للكتاب... تراجع مبيعات الرواية وإقبال على الكتب الفكرية والمسرحية

إقبال جماهيري على المعرض
إقبال جماهيري على المعرض

أسدل الستار على فعاليات اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، التي حققت نجاحاً لافتاً من حيث الإقبال الجماهيري الكبير على أرض المعرض بمنطقة التجمع الخامس في القاهرة.
وأعلن إسلام بيومي، مدير إدارة المعارض بالهيئة المصرية العامة للكتاب، أن المعرض نجح في جذب نحو 3 ملايين زائر. مشيراً إلى أن 250 ألف زائر توافدوا على المعرض في يومه الأخير، ليصل إجمالي عدد الزائرين خلال 14 يوماً إلى مليونين و916 ألف زائر.
وبالرغم من الزخم الجماهيري، كان لافتاً ارتفاع أسعار الكتب، وعزوف كثيرين عن الشراء، والاكتفاء بالتجول عبر أجنحة المعرض، ولم تحظ الندوات الثقافية بإقبال كثيف، كما كان معتاداً في الدورات السابقة، لعدة أسباب، منها كبر مساحة المعرض الممتدة نحو 4500 متراً، وكثافة الفعاليات التي بلغت أكثر من 400 فعالية، شارك فيها مبدعون من مختلف دول العالم، لكنها افتقرت الحوار مع المفكرين، وأيضاً غابت الأسماء الأدبية العالمية الكبرى، وكانت التوقعات تشي بوجود كتّاب من أدباء نوبل.
وكرمت الدورة الخمسون سهير القلماوي وثروت عكاشة، وهما شخصيتا المعرض هذا العام، كما كرّمت اسم الكاتب الراحل الدكتور سمير سرحان، الرئيس الأسبق لهيئة الكتاب (1941 - 2006) وتسلمت التكريم ابنته لارا.
أما عن الكتب الأكثر رواجاً فكانت كفة الكتب الفكرية والثقافية وكتب الدراسات الأدبية والنقدية، ولا سيما المترجمة عن الأدب العالمي، فيما كان الإقبال الكثيف على الكتب والمراجع في العلوم الإنسانية وعلوم الفقه واللغة والآثار.
وأعلن الشاعر جرجس شكري أن سلسلة «روائع المسرح العالمي» التي يرأس تحريرها حققت مبيعات هائلة، ووصل عدد الكتب المباعة من إصدارات قصور الثقافة أكثر من 74 ألف كتاب، وهو رقم غير مسبوق، فيما تصدّر كتاب «أربعون» لأحمد الشقيري مبيعات «دار الشروق»، وأيضاً رواية «فردقان» ليوسف زيدان، فيما حققت الكتب الخاصة بالقاهرة الإسلامية أعلى المبيعات لدى جناح «دار الكتب». كما حقّق كتاب «المثقفون والمجتمع» و«فواتح الثقافة» و«فكّر كأرسطو واكتب كشكسبير» مبيعات لافتة في جناح «المجلة العربية» السعودية. كذلك حقّق كتاب «التحول» لكفاكا مبيعات ناجحة، خاصة مع وجود تجربة ثلاثية الأبعاد للتحول إلى شرنقة، نفّذها الجناح الألماني، حقّقت إقبالاً جماهيرياً لافتاً.
وأعلنت «الهيئة العامة للكتاب» جوائز المعرض، في يوبيله الذهبي، لأفضل كتاب في 11 فرعاً، وقيمتها 10 آلاف جنيه، بحضور الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، والدكتور هيثم الحاج علي رئيس «الهيئة العامة للكتاب»، والوزير المفوض هدى جاد ممثل جامعة الدول العربية، ضيف شرف المعرض، ولفيف من المسؤولين والمثقفين والإعلاميين.
فاز في فرع «الرواية» أحمد القرملاوي، عن روايته «نداء أخير»، عن الدار المصرية اللبنانية، وكانت «جائزة القصة القصيرة» من نصيب محمود أحمد عبده عن «فرمليون»، عن دار الشروق، وفي فرع «شعر الفصحى» ديوان «محاولة لاستصلاح العالم» لمحمود سباق عن الهيئة العامة للكتاب، وفي فرع «شعر العامية» ذهبت الجائزة لبهي الدين محمد عبد السيف عن ديوانه «مع أني قادر أفرح»، عن الهيئة العامة للكتاب، وفاز في فرع «الفنون»، كتاب «خطابات محمد خان إلى سعيد شيمي»، لسعيد شيمي عن دار الكرمة، وفي فرع «الأطفال» «لنا حق» لزين العابدين فؤاد، عن الهيئة العامة للكتاب. أما جائزة «العلوم الرقمية» فحجبت.
وفاز في العلوم الإنسانية كتاب «واحة الرب الأسود... ثقافة الإنتاج في مجتمع صحراوي» للدكتور حمدي سليمان، وفي الكتاب العلمي، ذهبت الجائزة للدكتور لطفي الشربيني، عن كتاب «الوصمة ومعاناة المريض النفسي» عن دار العلم والإيمان، وفي النقد الأدبي حصل على الجائزة الدكتور رضا عطية عن كتاب «الاغتراب في شعر سعدي يوسف»، وفي فرع المسرح فاز كتاب «يعيش أهل بلدي» للكاتب والفنان محمد بغدادي عن الهيئة للعامة للكتاب.
كذلك منحت الهيئة جوائز خاصة، بالتعاون مع عدد من الهيئات التابعة لوزارة الثقافة. هي جائزة الكتاب الأول، جائزة التراث، جائزة أفضل كتاب مترجم، جائزة أفضل كتاب مترجم للطفل، جائزة أفضل ناشر.
فاز بجائزة الكتاب الأول، الباحثة إيمان العوضي، عن كتاب «الفكر الليبرالي في مصر 1919 - 1961»،
وذهبت جائزة أفضل كتاب مترجم عام للمترجمة علا عادل عن كتاب «المختطفات... شهادات من فتيات بوكو حرام» تأليف فولفجانج باور. وكانت جائزة أفضل كتاب مترجم للطفل، لكتاب «يابا ياجا.. حكايات شعبية روسية»، للمترجمة علا عادل رشوان، وجائزة أفضل ناشر، لدار روابط للنشر وتقنية المعلومات. وفي مجال تحقيق التراث، ذهبت الجائزة لوليد مبارك، في «القول الصريح في علم التشريح» عن دار الكتب والوثائق.
وكشف الدكتور هيثم الحاج على، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، أن السنغال ستحلّ ضيف شرف على معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020 في دورته الـ51، التي تعقد في الفترة من 24 يناير (كانون الثاني) حتى 4 فبراير (شباط) من السنة المقبلة.


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»
TT

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة أو أن تُحسب دراسته، على الرغم من التفصيل والإسهاب في مادة البحث، أحدَ الإسهامات في حقل النسوية والجندر، قدر ما يكشف فيها عن الآليات الآيديولوجية العامة المتحكمة في العالمَين القديم والجديد على حد سواء، أو كما تابع المؤلف عبر أبحاثه السابقة خلال أطروحته النظرية «العالم... الحيز الدائري» الذي يشتمل على أعراف وتقاليد وحقائق متواصلة منذ عصور قديمة وحديثة مشتركة ومتداخلة، وتأتي في عداد اليقين؛ لكنها لا تعدو في النهاية أوهاماً متنقلة من حقبة إلى أخرى، وقابلة للنبذ والنقض والتجدد ضمن حَيِّزَيها التاريخي والاجتماعي، من مرحلة الصيد إلى مرحلة الرعي، ومنهما إلى العصرَين الزراعي والصناعي؛ من الكهف إلى البيت، ومن القبيلة إلى الدولة، ومن الوحشية إلى البربرية، ومنهما إلى المجهول وغبار التاريخ.

ويشترك الكتاب، الصادر حديثاً عن دار «الياسمين» بالقاهرة، مع أصداء ما تطرحه الدراسات الحديثة في بناء السلام وحقوق الإنسان والعلوم الإنسانية المتجاورة التي تنشد قطيعة معرفية مع ثقافة العصور الحداثية السابقة، وتنشئ تصوراتها الجديدة في المعرفة.

لم يكن اختيار الباحث فالح مهدي إحدى الظواهر الإنسانية، وهي «المرأة»، ورصد أدوارها في وادي الرافدين ومصر وأفريقيا في العالمَين القديم والجديد، سوى تعبير عن استكمال وتعزيز أطروحته النظرية لما يمكن أن يسمَى «التنافذ الحقوقي والسياسي والقانوني والسكاني بين العصور»، وتتبع المعطيات العامة في تأسس النظم العائلية الأبوية، والأُمّوية أو الذرية، وما ينجم عن فضائها التاريخي من قرارات حاكمة لها طابع تواصلي بين السابق واللاحق من طرائق الأحياز المكانية والزمانية والإنسانية.

إن هذه الآليات تعمل، في ما يدرسه الكتاب، بوصفها موجِّهاً في مسيرة بشرية نحو المجهول، ومبتغى الباحث هو الكشف عن هذا المجهول عبر ما سماه «بين غبار التاريخ وصورة الحاضر المتقدم».

كان الباحث فالح مهدي معنياً بالدرجة الأساسية، عبر تناول مسهب لـ«المرأة» وعلاقات القوى المؤثرة في وجودها الإنساني عبر مسار التاريخ، بأن يؤكد أن كل ما ابتكره العالم من قيم وأعراف هو من صنع هيمنة واستقطاب الآليات الآيديولوجية، وما يعنيه بشكل مباشر أن نفهم ونفسر طبيعةَ وتَشكُّلَ هذه الآيديولوجيا تاريخياً ودورها التحويلي في جميع الظواهر؛ لأنها تعيد باستمرار بناء الحيز الدائري (مفهوم الباحث كما قلت في المقدمة) ومركزة السلطة وربطها بالأرباب لتتخذ طابعاً عمودياً، ويغدو معها العالم القديم مشتركاً ومتوافقاً مع الجديد.

إن مهدي يحاول أن يستقرئ صور «غبار التاريخ» كما يراها في مرحلتَي الصيد والرعي القديمتين، ويحللها تبعاً لمسارها في العهد الحداثي الزراعي الذي أنتج النظم العائلية، وبدورها أسفرت عن استقرار الدول والإمبراطوريات والعالم الجديد.

يرصد الكتاب عبر تناول مسهب «المرأة» وعلاقات القوى المؤثرة في وجودها الإنساني عبر مسار التاريخ في ظل استقطاب آيديولوجيات زائفة أثرت عليها بأشكال شتى

ويخلص إلى أن العصر الزراعي هو جوهر الوجود الإنساني، وأن «كل المعطيات العظيمة التي رسمت مسيرة الإنسان، من دين وفلسفة وعلوم وآداب وثقافة، كانت من نتاج هذا العصر»، ولكن هذا الجوهر الوجودي نفسه قد تضافر مع المرحلة السابقة في عملية بناء النظم العائلية، وأدى إليها بواسطة البيئة وعوامل الجغرافيا، بمعنى أن ما اضطلع به الإنسان من سعي نحو ارتقائه في مرحلتَي الصيد والرعي، آتى أكله في مرحلة الزراعة اللاحقة، ومن ثم ما استُنْبِتَ في الحيز الزراعي نضج في الحيز الصناعي بمسار جديد نحو حيز آخر.

ومن الحتم أن تضطلع المعطيات العظيمة التي أشار إليها المؤلف؛ من دين وفلسفة وعلوم وآداب زراعية؛ أي التي أنتجها العالم الزراعي، بدورها الآخر نحو المجهول وتكشف عن غبارها التاريخي في العصرَين الصناعي والإلكتروني.

إن «غبار التاريخ» يبحث عن جلاء «الحيز الدائري» في تقفي البؤس الأنثوي عبر العصور، سواء أكان، في بداية القرن العشرين، عن طريق سلوك المرأة العادية المسنّة التي قالت إنه «لا أحد يندم على إعطاء وتزويج المرأة بكلب»، أم كان لدى الباحثة المتعلمة التي تصدر كتاباً باللغة الإنجليزية وتؤكد فيه على نحو علمي، كما تعتقد، أن ختان الإناث «تأكيد على هويتهن».

وفي السياق نفسه، تتراسل دلالياً العلوم والفلسفات والكهنوت والقوانين في قاسم عضوي مشترك واحد للنظر في الظواهر الإنسانية؛ لأنها من آليات إنتاج العصر الزراعي؛ إذ تغدو الفرويدية جزءاً من المركزية الأبوية، والديكارتية غير منفصلة عن إقصاء الجسد عن الفكر، كما في الكهنوت والأرسطية في مدار التسلط والطغيان... وهي الغبار والرماد اللذان ينجليان بوصفهما صوراً مشتركة بين نظام العبودية والاسترقاق القديم، وتجدده على نحو «تَسْلِيع الإنسان» في العالم الرأسمالي الحديث.

إن مسار البؤس التاريخي للمرأة هو نتيجة مترتبة، وفقاً لهذا التواصل، على ما دقّ من الرماد التاريخي بين الثقافة والطبيعة، والمكتسب والمتوارث... حتى كان ما تؤكده الفلسفة في سياق التواصل مع العصر الزراعي، وتنفيه الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا في كشف صورة الغبار في غمار نهاية العصر الصناعي.