الولايات المتحدة تسلح البيشمركة الكردية مباشرة والاتحاد الأوروبي يدرس الانضمام إليها

اجتماع في بروكسل اليوم بطلب من إيطاليا وفرنسا لبحث الخيارات

مقاتلتان من طراز «إف إيه 18» تقلعان من حاملة الطائرات الأميركية «جورج إتش دبليو بوش» في الخليج العربي في مهمة فوق العراق أمس (أ.ب)
مقاتلتان من طراز «إف إيه 18» تقلعان من حاملة الطائرات الأميركية «جورج إتش دبليو بوش» في الخليج العربي في مهمة فوق العراق أمس (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة تسلح البيشمركة الكردية مباشرة والاتحاد الأوروبي يدرس الانضمام إليها

مقاتلتان من طراز «إف إيه 18» تقلعان من حاملة الطائرات الأميركية «جورج إتش دبليو بوش» في الخليج العربي في مهمة فوق العراق أمس (أ.ب)
مقاتلتان من طراز «إف إيه 18» تقلعان من حاملة الطائرات الأميركية «جورج إتش دبليو بوش» في الخليج العربي في مهمة فوق العراق أمس (أ.ب)

في حين بدأت الولايات المتحدة إرسال شحنات أسلحة مباشرة إلى إقليم كردستان، يدرس الاتحاد الأوروبي اليوم طلب رئيس الإقليم مسعود بارزاني بتسليح قوات البيشمركة لتمكينها من مواجهة مسلحي «داعش» الذين يتمركزون على حدود الإقليم ويواصلون حملتهم ضد الأقليات وفي مقدمتها الإيزيديون والمسيحيون.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس، أن الولايات المتحدة بدأت على عجل تسليم أسلحة وذخائر إلى القوات الكردية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، ماري هارف، على شبكة تلفزيون «سي إن إن»: «نتعاون مع الحكومة العراقية لإرسال أسلحة إلى الأكراد الذين يحتاجون إليها بأقصى سرعة. العراقيون سيزودونهم بأسلحة من مخزوناتهم، ونعمل على أن نفعل الأمر نفسه، نزودهم بأسلحة من مخزوناتنا». وأضافت هارف أن تلك الجهود مستمرة منذ الأسبوع الماضي من دون أن تحدد الجهة الأميركية المسؤولة عن ذلك ونوع السلاح الذي جرى إرساله.
ولدى الولايات المتحدة قنصلية ومنشآت أخرى في أربيل. وقد أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الماضي عن توجيه ضربات جوية في شمال العراق لمواجهة تقدم «داعش».
ومن شأن الجهود الأميركية لدعم قوات البيشمركة الكردية أن تعقد العلاقات بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية التي تقاتل بدورها مقاتلي «داعش» ولكن علاقتها مع أربيل متوترة. لكن هارف أكدت أنه في الأزمة الحالية يعمل الاثنان سويا. وقالت: «لقد رأينا مستوى تعاون غير مسبوق بين القوات العراقية والقوات الكردية. لم نشهد ذلك في الماضي. إنهم يساعد بعضهم بعضا». وتابعت: «نحن نعمل حاليا على إيصال الأسلحة الأكثر إلحاحا بأي طريقة ممكنة». وأضافت: «سنعمل مع الحكومة العراقية لتحقيق ذلك، ولكن نعتقد أن هناك ضرورة قصوى لأن نفعل ذلك».
في غضون ذلك، أعلن مصدر أوروبي أنه جرت الدعوة إلى اجتماع استثنائي لسفراء دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم لدراسة وسائل تطويق تقدم مسلحي «داعش» في العراق. وقال المصدر إن اجتماع اللجنة السياسية والأمنية سيبدأ نحو الساعة العاشرة (8.00 تغ) اليوم، «لكن لا يتوقع اتخاذ أي قرار على الرغم من أن الأمر ملح». وأضاف أن «الأمر يتعلق بالتنسيق بأفضل شكل ممكن».
وتأتي الدعوة إلى هذا الاجتماع تلبية لطلب وزيرة الخارجية الإيطالية فيديريكا موغيريني التي تتولى بلادها رئاسة الاتحاد حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس. وذكر مصدر أوروبي أن اجتماعا لوزراء خارجية الاتحاد «ليس مستبعدا» لكن من الصعب جمع كل الوزراء في أغسطس (آب) الحالي.
وتعقد اللجنة السياسية والأمنية للاتحاد على مستوى سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وهي الهيئة التي تعالج الأزمات وتدرس كل الخيارات الممكنة لرد الاتحاد الأوروبي. وسيبحث السفراء أيضا الوضع في أوكرانيا وغزة.
وصرحت الوزيرة الإيطالية للإذاعة العامة: «ندرس مع أكبر شركائنا الأوروبيين أنجع السبل» لوقف زحف مقاتلي «داعش». وتابعت: «إنه ليس تدخلا عسكريا، بل هو دعم، عسكري أيضا، للحكومة الكردية».
وقالت إن «عددا من البلدان بدأ يتحرك، لكن لا بد من مبادرة على الصعيد الأوروبي»، مؤكدة أنها تتوقع «ردا إيجابيا» من آشتون. وأكدت موغيريني أنها مستعدة على غرار زميلتها في الدفاع روبرتا بينوتي لعرض موقف الحكومة من العراق أمام البرلمان «في أي لحظة». وأعربت عن قناعتها بأن المخاوف بشأن العراق تشكل «قلقا مشتركا لدى كل القوى السياسية الإيطالية». وأفادت صحيفة «كورييري ديلاسيرا» أن روما ترغب في تزويد مقاتلي البيشمركة الأكراد بالأسلحة. وقال نائب وزيرة الخارجية الإيطالي لابو بيستيلي العائد من مهمة في أربيل شمال العراق في تصريحات صحافية: «إنهم وحدهم الذين يستطيعون الدفاع عن المسيحيين وصيانة دور كردستان بوصفها منطقة عازلة، لكنهم ليسوا كثرة، تقريبا 50 ألفا، ومسلحون فقط بكلاشنيكوف على جبهة تمتد على نحو ألف كيلومتر». وقال بيستيلي إن هناك ثلاثة تحركات ضرورية في العراق هي: «العمل الدبلوماسي من أجل الحث على تشكيل حكومة وحدة بين الشيعة والسنة والاكراد»، و«المساعدات الإنسانية لمساعدة التدفق الهائل من المدنيين الفارين»، و«التزويد العسكري للبيشمركة المحرومين من الأسلحة الثقيلة المتوفرة» لدى مقاتلي «داعش».
من جهتها، تسعى الحكومة الألمانية الآن للاقتصار على تقديم مساعدات إنسانية فقط للعراق الذي يشهد صراعات. وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أمس أن إرسال شحنات أسلحة للأكراد في شمال العراق ليس مطروحا الآن، حسبما أفادت به وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.