حيدر العبادي.. من داعم للمالكي الى بديله

بعد معارضته نظام صدام حسين من لندن بات أبرز وجوه «الدعوة» في بغداد

حيدر العبادي.. من داعم للمالكي الى بديله
TT

حيدر العبادي.. من داعم للمالكي الى بديله

حيدر العبادي.. من داعم للمالكي الى بديله

رغم أن حيدر العبادي، القيادي البارز في حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، يُصنف من صقور الدعوة والمدافعين الأقوياء طوال السنوات الماضية عن سياسات المالكي، فإنه يجد نفسه دائما في حالة وسط بين التشدد من جهة، وإبداء المرونة اللازمة في الظروف الحرجة من جهة أخرى. وربما هذه من الخصال التي جعلته يتقدم الى منصب رئيس الوزراء فجأة، خاصة وان اسمه لم يكن مطروحا قبل أسابيع قليلة.
وتكرر الأمر نفسه قبل أربعة أعوام. اذ خلال انتخابات عام 2010، كان قد طُرح اسمه مرشحا بديلا للمالكي، عندما بدت فرص الرجل الثاني في الدعوة، علي الأديب، في تولي المنصب ضعيفة، بسبب أصوله الإيرانية، لكن العبادي سرعان ما نفى تلك الأنباء وأصبح من قادة الدعوة المحسوبين على خط المالكي. وتكرر الأمر صيف عام 2012 عندما تشكل فريق أربيل – النجف، الذي طالب بسحب الثقة من المالكي، فإن العبادي كان أحد البدلاء المطروحين للمالكي، لكنه تمكن ثانية من الاحتفاظ بثقة المالكي المعروف عنه أنه لا يثق بأحد بسهولة.
ويرى مراقبون سياسيون أن محاولة المالكي ترشيح العبادي لمنصب النائب الأول لرئيس البرلمان، مرشحا عن حزب الدعوة والتحالف الوطني معا، لم تكن سوى محاولة منه لإرضاء طموحات الرجل المتصاعدة، وسد الباب أمامه بوصفه منافسا جرى تداول اسمه دائما في بورصة العمل السياسي، حتى وإن لم يصنفه ندا له، كما هو الحال مع حسين الشهرستاني المقبول نسبيا من أعلى مرجعية في العراق، وهي مرجعية آية الله علي السيستاني، وهادي العامري، زعيم منظمة بدر الذي يملك 22 مقعدا في البرلمان.
وأمام ما بات يتداول في الشارع العراقي بأنه انقلاب من جانب المالكي على الديمقراطية، من جهة، وفشل مكونات التحالف الوطني الأخرى، وفي المقدمة منها التيار الصدري والمجلس الأعلى، في التوصل إلى مرشح مقبول، من جهة ثانية، فإن ترشيح التحالف شخصية كبيرة من حزب الدعوة، مثل العبادي، إنما هو ضرب عصفورين بحجر واحد؛ إقصاء المالكي من المشهد السياسي، وشق حزب الدعوة، وإنهاء أسطورة هيمنة ائتلاف دولة القانون على المشهد السياسي العراقي طوال السنوات الثماني الماضية.
العبادي كان مهد لترشيحه للمنصب في ذروة الأزمة الدستورية التي يشهدها العراق، ففي الصباح الباكر من يوم أمس وفي تغريدة له على «تويتر»، فاجأ العبادي القراء والمتابعين بتغريدة مفادها أن التحالف الوطني يقترب جدا من الاتفاق على مرشح لمنصب رئيس الوزراء. وتجنب العبادي في تغريداته التي حظيت منذ ساعات الفجر الأولى باهتمام الصحافة العالمية، الإشارة إلى اسم ائتلاف دولة القانون، وتحدث عن التحالف الوطني، وهو ما يعكس طبيعة المشاورات الجارية منذ أيام بمعزل عن المالكي، واقتناع أهم القيادات في ائتلاف دولة القانون، بأن المطلوب الانسجام مع رؤية المرجعية بإحداث تغيير في قيادة الحكومة.
وقال العبادي في تغريداته على «تويتر» إن «التحالف الوطني على وشك اختيار مرشح مقبول»، مؤكدا أن «الوضع الأمني مستقر في بغداد جدا، وهناك تحركات لقطعات عسكرية لزيادة حماية العاصمة بسبب قرب تسمية مرشح رئاسة الوزراء».
العبادي، البالغ من العمر 62 سنة، كان تولى منصب وزير الاتصالات في حكومة إياد علاوي عام 2004. وكان العبادي الحائز على الدكتوراه في الهندسة من لندن عام 1980 قد انخرط في صفوف حزب الدعوة الإسلامية منذ شبابه الأول. وكان معارضا في لندن حيث مازالت عائلته. وتدرج في المواقع الحزبية حتى وصل إلى منصب مسؤول المكتب السياسي لحزب الدعوة الإسلامية الذي يشغله حتى الآن، والمتحدث الرسمي باسم الحزب، ومسؤول فرع الحزب في بريطانيا.
ومنذ عام 2011، شغل منصب رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي، مما أثار انتقادات موسعة له في بغداد وخارجها إذ فشل في محاسبة حكومة المالكي على تجاوزات مالية وقضايا فساد لطالما طالب العراقيون بالنظر فيها.
وخلال السنوات الماضية، كان العبادي، خاصة بسبب موقعه ناطقا باسم حزب الدعوة، من أشد الداعمين للمالكي، لكنه في الوقت نفسه أبقى علاقات جيدة مع رئيس الوزراء العراقي السابق إبراهيم الجعفري، الذي انشق عن حزب الدعوة ومهد لعزل المالكي.
ويذكر انه يتعين على العبادي ترك منصبه نائبا أول لرئيس البرلمان، بعد أن كلف رسميا بتشكيل الحكومة العراقية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم