عباس: لا أحد ينوب عنا أو يتكلم باسمنا

{فتح} تنهي مشاورات أولية حول الحكومة... و{حماس} تصر على انتخابات عامة

عباس مع نظيره النمساوي عقب اجتماعهما في رام الله أمس (أ.ف.ب)
عباس مع نظيره النمساوي عقب اجتماعهما في رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

عباس: لا أحد ينوب عنا أو يتكلم باسمنا

عباس مع نظيره النمساوي عقب اجتماعهما في رام الله أمس (أ.ف.ب)
عباس مع نظيره النمساوي عقب اجتماعهما في رام الله أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إنه لا يوجد من ينوب عن الفلسطينيين في التفاوض بشأن القضية الفلسطينية وصنع السلام، مؤكدا أن إطلاق مؤتمر دولي للسلام هو الطريق الوحيد للمضي قدما في عملية سياسية.
وقال، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله في الضفة الغربية في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره النمساوي ألكسندر فان دير بيلينلام، إنه يجب «عقد مؤتمر دولي وإنشاء آلية متعددة الأطراف للمضي قدما في طريق السلام»، لكنه شدد على أن الفلسطينيين «لن يشاركوا في أي مؤتمر دولي لم يتخذ الشرعية الدولية أساسا له». في إشارة إلى مؤتمر وارسو الذي يرفضه الفلسطينيون. وأضاف عباس: «نحن لم نكلف أحدا بالتفاوض نيابة عنا، ونحن أصحاب الموقف الأول والأخير في القضية الفلسطينية ولا أحد ينوب عنا ولا أحد يتكلم باسمنا».
ويرفض الفلسطينيون المشاركة في مؤتمر وارسو في بولندا الذي دعا إليه وزير الخارجية الأميركية في الـ13 من الشهر الحالي ويستهدف مناقشة الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط، باعتبار المؤتمر شكلا من أشكال التطبيع المباشر والعلني مع إسرائيل ويحاول تغيير الأولويات في المنطقة. وتمنت السلطة الفلسطينية على غالبية الدول العربية عدم المشاركة في المؤتمر.
وتريد السلطة مؤتمرا خاصا بالسلام الفلسطيني الإسرائيلي ينتج عنه تشكيل آلية متعددة الأطراف تشرف على مفاوضات سلام ضمن سقف زمني محدد. وقال عباس: «هنا تأتي أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأوروبي ودُوَله الأعضاء إلى جانب مجلس الأمن».
وأضاف: «نعوّل كثيرا على أن يقوم الاتحاد الأوروبي بدوره في عملية السلام، أميركا لم تعد مؤهلة وحدها للقيام بدور الوساطة لأنها منحازة لإسرائيل، وما اتخذته من قرارات مخالفة للقانون الدولي حول القدس واللاجئين وغيرها، نريد آلية دولية، أول الشركاء الذين نريدهم في هذه الآلية هم الاتحاد الأوروبي».
وتمنى عباس على الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء الاعتراف بدولة فلسطين «لأن ذلك يساعد كثيرا في دفع عملية السلام إلى الأمام».
ورد الرئيس النمساوي بتأكيده أن الاتحاد الأوروبي وبلده «يؤيدان حل الدولتين من خلال المفاوضات». وأضاف: «بلادنا حزينة (للوضع الحالي) ونحن نرفض ولا نقبل ما قامت به الإدارة الأميركية بشأن القدس عبر نقل سفارتها من تل أبيب والانسحاب من دعم الأونروا، وإغلاق مكتب المنظمة في واشنطن». وتابع: «الحل الوحيد هو الحل القائم على حل الدولتين من خلال مفاوضات، وهذا هو موقفنا الذي يمثل الاتحاد الأوروبي وبالطبع النمسا التي هي صديق حميم للشعب الفلسطيني». وأردف: «تحدثنا خلال الاجتماع عن محادثات السلام في الشرق الأوسط، ونعلم أن الوضع سيئ».
وكان عباس أوضح أنه شرح لضيفه آخر المستجدات السياسية «في ضوء انسداد الأفق السياسي»، متهما الحكومة الإسرائيلية «بالتعنت ورفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومواصلة احتلالها للأراضي الفلسطينية، وخرق الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين». وأكد عباس أنه في مواجهة كل ذلك، يعمل «على تشكيل حكومة جديدة، والتحضير لانتخابات تشريعية خلال الفترة المقبلة وفق القانون، ونأمل أن يتعاون الجميع لعقدها في الضفة والقدس وقطاع غزة». وأضاف أن «الديمقراطية هي طريقنا لاستعادة الاستقرار ووحدة الأرض والشعب، والتخفيف من معاناة شعبنا في قطاع غزة ودعم ومساندة أهلنا في القدس».
وجاء تأكيد عباس على مضيه في تشكيل حكومة جديدة والسعي لإجراء انتخابات تشريعية، بعد أن أنهت لجنة مركزية شكلتها حركة فتح، مشاورات مع فصائل منظمة التحرير ومستقلين حول تشكيل حكومة جديدة.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن فصائل رفضت بشكل مطلق المشاركة في هذه الحكومة مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية، فيما طلبت فصائل وقتا أطول لحسم المسألة مثل حزب الشعب، ووافقت فصائل فورا على الانضمام مثل جبهة النضال، فيما تحفظ مستقلون على فكرة تشكيل الحكومة، وسيشارك آخرون.
وبحسب المصادر، وضعت مركزية فتح تصورا شبه نهائي للحكومة ونسبت للرئيس عباس اقتراحات بشأن رئاسة الحكومة وشركاء الحركة في تشكيلها. وأكدت المصادر أن الحركة تتجه لاختيار عضو مركزيتها محمد أشتيه رئيسا للوزراء على أن تستكمل باقي الأسماء في مشاورات أخرى مع الشركاء.
وقالت المصادر إنه يفترض أن يرد عباس ويختار بنفسه رئيس الحكومة ثم يصادق على أعضائها. وبحسب الخطة المرسومة فإنه يتوقع أن ترى الحكومة النور قبل نهاية الشهر الحالي. وأضافت المصادر: «قد تتأخر لحين انتهاء مباحثات موسكو بين الفصائل منتصف الشهر، لإعطاء فرصة للخارجية الروسية، مع عدم وجود توقعات بإحداث اختراق في اللقاءات الفصائلية التي ستلتقي فيها جميع الفصائل بما في ذلك فتح وحماس».
ورفضت حماس سلفا تشكيل حكومة من فصائل منظمة التحرير واشترطت المشاركة في الانتخابات بإعلانها انتخابات عامة وليست تشريعية فقط.
وأكدت حماس في بيان مشترك مع الجهاد الإسلامي بعد لقاء مطول جرى في القاهرة «ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إجراء انتخابات شاملة بالتوافق وصولا إلى تحقيق الشراكة الوطنية».
وقالت الحركتان في بيان صحافي مشترك إنه يجب «استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام على قاعدة الشراكة الوطنية لمواجهة صفقة القرن وإسقاطها، وضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إجراء انتخابات شاملة بالتوافق، وصولا إلى تحقيق الشراكة الوطنية وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وعدم تبديد الوقت في تجارب ومقترحات تطيل زمن الانقسام».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».