وزير الاقتصاد اللبناني: لن نعتمد سياسة تقشفية تزيد الأعباء على المواطنين

قال لـ «الشرق الأوسط» إن الإصلاح يجب أن يطال العجز في المالية العامة والميزان التجاري

منصور بطيش
منصور بطيش
TT

وزير الاقتصاد اللبناني: لن نعتمد سياسة تقشفية تزيد الأعباء على المواطنين

منصور بطيش
منصور بطيش

طمأن وزير الاقتصاد منصور بطيش أن توجه الحكومة الجديدة ليس باتجاه سياسة تقشفية تزيد الأعباء على اللبنانيين، لافتاً إلى أنه «سيتم العمل على إصلاحات بنيوية تطال وبشكل أساسي السياسات المالية وتحفيز الإنتاج ولجم الاحتكار وحماية المستهلك، ليتحول اقتصادنا إلى اقتصاد منتج ليبرالي مؤنسن بعيداً عن الفوضوية التي تسمح للبعض بالتعدي على حقوق الآخرين».
وأشار بطيش المحسوب على تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه الوزير جبران باسيل، إلى أنه في لبنان «لا تنقصنا الخطط للنهوض بالاقتصاد الوطني بل الإرادة»، واصفا الوضع الاقتصادي الحالي بـ«الدقيق» والمرحلة التي نمر بها بـ«الصعبة» بسبب الاختلالات في بنية الاقتصاد نتيجة التراكمات، وأضاف: «لكن في بلدنا طاقات بشرية وإمكانيات مادية تمكننا من النهوض من الوضع الذي نرزح تحته، كما لدينا حلول علمية وعملية سنبدأ باعتمادها فورا باعتبار أن الزمن زمن أفعال».
وأوضح بطيش، ردا على سؤال، أن الحكومة تتجه لاعتماد خطة «ماكينزي»، لكن هذه الخطة تبقى جزءاً من الحل ولا تؤمن الحل الكامل باعتبارها تحاكي قطاعات الإنتاج فقط، أما الإصلاح فيجب أن يطال عدة مفاصل وبخاصة العجز بالمالية العامة والعجز بالميزان التجاري، وهناك حلول موجودة للتعامل مع المسألتين. وقال: «وزارة الاقتصاد ستمضي بعملها لجهة رسم السياسات الاقتصادية لكنها بالوقت عينه ستشارك بوضع السياسات المالية والنقدية وستعمل على تحفيز المنافسة الحقيقية ومواجهة الاحتكارات».
واستعانت الحكومة اللبنانية السابقة بطلب وزير الاقتصاد السابق رائد خوري من شركة الاستشارات المالية الأميركية العالمية «ماكينزي» لوضع خطة للنهوض بالاقتصاد اللبناني. ونشرت وكالة «بلومبرغ» مؤخراً تقريرا أشارت فيه إلى أن توصيات الخطة الموضوعة تراوحت بين بناء مركز لإدارة الثروات والاستثمار والبنوك، إلى تشريع بيع «القنب الهندي» المعروف بـ«الحشيشة» لغايات طبية.
واستبعد بطيش أن تنسحب المناكفات السياسية إلى عمل وزارته، لافتاً إلى أن «أولى جلسات مجلس الوزراء التي انعقدت في قصر بعبدا يوم السبت الماضي كانت مشجعة جدا والجو كان بناء، ما يوحي بأن كل الفرقاء يتجهون لفتح صفحة جديدة منتجة»، وأضاف: «لا أعتقد أن الخلافات السياسية ستؤثر على الملف الاقتصادي، فهذه الخلافات ممكن أن تُحل على طاولة مجلس الوزراء من دون أن تمس مصالح البلد واللبنانيين الاقتصادية». وشدد على أن «التوجه هو للنهوض مجددا بالاقتصاد الوطني من خلال إعادة الثقة بالفعل وليس بالكلام»، لافتا إلى أن «ما سيتم العمل عليه هو بناء اقتصاد حقيقي ومنتج وليس اقتصادا ريعيا واستلحاقيا».
وأكد بطيش المضي بالسياسة التي اعتمدها الوزير السابق رائد خوري في التعاطي مع أصحاب المولدات الكهربائية (التي تزود المواطنين بالطاقة البديلة)، لافتا إلى أن الإصلاح الذي طال هذا القطاع سينسحب قريبا إلى قطاعات أخرى، «فنحن سنكون بالمرصاد لأي اختلالات أينما وجدت».
واعتبر البنك الدولي ومسؤولون بالأمم المتحدة الأسبوع الماضي أنه يجب على الحكومة اللبنانية الجديدة أن تعطي أولوية لإصلاح قطاع الكهرباء وأن تسعى إلى معالجة الانقطاعات اليومية للتيار الكهربائي وما تتحمله الدولة من تكاليف ضخمة.
وأوضح بطيش أنه «قبل عام 1975 كانت الصادرات اللبنانية تتجاوز الـ60 في المائة كما أننا كنا معروفين تماما بمستوى الخدمات التي نقدمها، وبالتالي نحن قادرون اليوم على إعادة تفعيل هذه القطاعات، خاصة إذا ترافق ذلك مع عمل دؤوب سنقوم به لتحفيز التصدير إلى الخارج من خلال تشجيع الإنتاج وتأمين كل الظروف المناسبة لذلك».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».