إلغاء مؤتمر لعرض وثيقة تطالب بإنهاء {استبداد} الأسد

معارضة الداخل تندد بمنع نشاطها في دمشق

إلغاء مؤتمر لعرض وثيقة تطالب بإنهاء {استبداد} الأسد
TT

إلغاء مؤتمر لعرض وثيقة تطالب بإنهاء {استبداد} الأسد

إلغاء مؤتمر لعرض وثيقة تطالب بإنهاء {استبداد} الأسد

منعت الأجهزة الأمنية السورية، أمس، مكونين أساسيين من معارضة الداخل، المقبولة إلى حد ما من النظام السوري، من عقد مؤتمر صحافي في دمشق، لعرض وثيقة مشتركة تطالب بإنهاء «النظام الاستبدادي»، وتتمسك بالحل التفاوضي السلمي لوضع حد لأزمة سوريا.
وعد معارضون في صفوف «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي» و«جبهة التغيير والتحرير»، اللتين دعتا إلى عقد المؤتمر أمس، الإجراء النظامي، بأنه «خطير» و«غير مسبوق»، خصوصا أنه يقطع الطريق على أي محاولة لتوحيد صفوف معارضة الداخل، بعد نحو شهر على بدء الرئيس السوري بشار الأسد ولايته الرئاسية الثالثة، وبعد يوم واحد فقط على إعادة تكليفه رئيس الوزراء الحالي وائل الحلقي، تشكيل حكومة جديدة.
وكان المؤتمر مخصصا لعرض «مذكرة تفاهم» بين «هيئة التنسيق» و«الجبهة» التي تضم قوى معارضة شاركت في الحكومة، أبرزها نائب رئيس الوزراء السابق قدري جميل، الذي أعفي من منصبه في شهر أكتوبر(تشرين الأول) الماضي. وتتضمن مذكرة التفاهم «مبادئ أساسية لحل سياسي تفاوضي يضمن وحدة سوريا». واتهم الطرفان، وفق قياديين فيهما، المكتب الإعلامي في القصر الرئاسي بإصدار تعليمات للأجهزة الأمنية بمنع انعقاد المؤتمر ظهر أمس.
وفي سياق متصل، نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «مصادر موثوقة»، قولها إن «وزارة إعلام النظام السوري، وبأوامر من لونا الشبل، مديرة المكتب الصحافي في رئاسة النظام السوري، أبلغت ليل أول من أمس وبشكل شفهي، صحافيين يعملون لدى مكاتب قنوات فضائية موجودة في العاصمة السورية دمشق، بعدم تغطية أي مؤتمر صحافي للمعارضة الموجودة في دمشق، إلا بعد الحصول على أمر خطي، من دون إبلاغهم عن اسم الجهة التي عليهم تقديم طلباتهم الخطية إليها، للحصول على الموافقة». كما تمنت وزارة الإعلام، بحسب المرصد الذي أشار إلى تزامن هذه الخطوة مع مؤتمر هيئة التنسيق، من الصحافيين عدم استضافة أي معارض على شاشاتهم من العاصمة دمشق.
وليست هذه المرة الأولى التي تعقد فيها هيئة التنسيق الوطنية أو جبهة «التغيير والتحرير» مؤتمرات لها في سوريا منذ بدء الأزمة منتصف شهر مارس (آذار) 2011. لكنها المرة الأولى التي تعرقل فيها القوات الأمنية انعقاد مؤتمرات مماثلة. ووصف منسق «هيئة التنسيق» حسن عبد العظيم الخطوة بأنها «سلوك جديد»، وعدّ أن «السلطة ترى أنها قدمت ما هو مطلوب منها. أعدت دستورا واستفتاء عليه وانتخابات لمجلس الشعب وانتخابات رئاسية، وأن الأزمة انتهت، وما على المعارضة إلا أن تقبل أو تسكت».
وقال عبد العظيم، وفق تصريحات نقلتها عنه وكالة «الصحافة الفرنسية»، أمس، إن المنع «إجراء كبير وخطير يحاول قطع الطريق على توحيد المعارضة صفوفها، ويوحد مواقفها التي لا تتبنى العنف ولا التدخل العسكري أو الفوضى أو سيطرة «(لدولة الإسلامية)». وتابع: «النظام (السوري) مع الأسف الشديد يريد أن يقول للناس ودول المنطقة والعالم: إما أنا أو (داعش)»، مؤكدا أنه «ليس مقبولا بقاء النظام كما هو مع نهج الاستبداد والاستئثار بالسلطة والثروة».
وشدد أمين سر هيئة التنسيق في المهجر ماجد حبو، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على أن «عملية التغيير الديمقراطي في سوريا في تواجه خطرين اليوم؛ خطر الاستبداد النظامي وخطر الإرهاب التكفيري المتمثل بتنظيم (داعش)».
وأوضح: «نعرف جميعا أن النظام لم يتخلّ عن استبداده، ولم يقبل بأي تغيير أو فتح قنوات حوار مع القوى الوطنية الديمقراطية في الداخل، في حين أنه يكتفي بمواجهة المجموعات الجهادية تحت اسم (محاربة الإرهاب)».
وقال حبو إن منع عقد المؤتمر الصحافي، أمس، بتعليمات من مكتب الشبل، يأتي في سياق «رفض النظام لأي عملية من شأنها فتح الباب أمام التحول ديمقراطي، ويؤكد مرة جديدة أن النظام الاستبدادي في سوريا هو أحد العوائق الحقيقية والأساسية أمام عملية التغيير»، مشددا على أنه «ليس جديدا على النظام السوري مواجهة كل القوى التي تطالب بالتغيير الديمقراطي الشامل في سوريا، علما بأن غالبية القوى الوطنية تطالب بإنهاء الاستبداد وترفض الخيار العسكري».
وأبدى حبو، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أسفه لأن «الأسد في خطاب القسم لم يعترف بوجود أزمة استبداد في سوريا، بل اعتبرها أزمة إرهاب، وهذا يشكل نصف الحقيقة»، وعدّ أن «النظام يرفض الاتفاق على خطة وطنية تقوم على توافق سياسي لمواجهة الإرهاب، ويريد مواجهته بالاستبداد، لذلك فهو يحاول إعادة إنتاج نفسه، مستندا على خوف القاعدة الشعبية من الإرهاب والجماعات التكفيرية».
ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن عضو الهيئة صفوان عكاش الذي كان من المقرر أن يشارك في المؤتمر، أن «حاجزا مؤلفا من ثمانية عناصر بالزي العسكري، بينهم ضابط، نصب على مدخل مقر (جبهة التغيير)، في حي الثورة وسط دمشق»، مشيرا إلى أن كل صحافي «كان يهم بالدخول قيل له إنه لا يملك تصريحا إعلاميا لمتابعة هذا النشاط، برغم أن الصحافيين جميعا مصرحون من وزارة الإعلام».
وفي حين ربط عكاش بين الخطوة الأمنية ومضمون المذكرة، بوصفها «تمثل تغييرا من قبل الجبهة التي انتقلت عمليا إلى المعارضة من خارج النظام، وهذا بالنسبة له أمر مزعج»، على خلفية مواقف قدري جميل، التي أدت إلى إعفائه من منصبه مطلع العام.
وأوضح حبو في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «القوى الوطنية في الداخل تتقاطع جميعها منذ اليوم الأول لأزمة سوريا على رفض العنف ووحدة المكونات الوطنية والبلاد، ورفض التدخل الخارجي والاتفاق على عملية التغيير الديمقراطي»، موضحا أن النظام لم يتوقف يوما عن استنزاف هذه المكونات واعتقال قياديين فيها.
ولفت حبو إلى أن «هيئة التنسيق أبرمت مذكرة تفاهم مماثلة مع الإدارة الذاتية، بجميع مكوناتها، في محافظ الحسكة، شمال شرقي سوريا»، موضحا أن «المكونات المنضوية في إطار القوى الوطنية الديمقراطية في الداخل ترى أن ما تقوم به هو المشروع الحقيقي أو المهمة الأساسية لمواجهة النظام الاستبدادي والقوى التكفيرية التي يمثلها تنظيم (داعش) في آن معا».
وتتضمن مذكرة هيئة التنسيق وجبهة التغيير التي نشرت على الموقع الإلكتروني للهيئة، نقاطا عدة، أبرزها «التغيير الجذري الشامل بما يعني الانتقال من النظام الاستبدادي القائم إلى نظام ديمقراطي تعددي»، إضافة إلى «الحفاظ على وحدة سوريا»، و«رفض أي تدخل عسكري خارجي»، و«نبذ العنف بكل أشكاله (...) وأوهام الحل العسكري»، و«مواجهة خطر إرهاب المجموعات الأصولية التكفيرية».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.