حماس تقبل طلب إسرائيل بتولي السلطة إدارة المعابر

قيادي فلسطيني لـ(«الشرق الأوسط»): نريد رفع الحصار والإسرائيليون يريدون تنظيمه

موظف يطلع على بطاقة تموين مواطن فلسطيني للحصول على معونات توزعها الأمم المتحدة في مخيم الشاطئ بمدينة غزة أمس (رويترز)
موظف يطلع على بطاقة تموين مواطن فلسطيني للحصول على معونات توزعها الأمم المتحدة في مخيم الشاطئ بمدينة غزة أمس (رويترز)
TT

حماس تقبل طلب إسرائيل بتولي السلطة إدارة المعابر

موظف يطلع على بطاقة تموين مواطن فلسطيني للحصول على معونات توزعها الأمم المتحدة في مخيم الشاطئ بمدينة غزة أمس (رويترز)
موظف يطلع على بطاقة تموين مواطن فلسطيني للحصول على معونات توزعها الأمم المتحدة في مخيم الشاطئ بمدينة غزة أمس (رويترز)

تشكل مفاوضات القاهرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل الوصول إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة فرصة ذهبية من أجل رفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع. وتأمل حركة حماس في رفعه من دون حلول وسط، غير أن إسرائيل تسعى، على ما يبدو، إلى «تنظيم» الحصار فقط.
وأعلنت حركة حماس أمس موافقتها على أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة المعابر في قطاع غزة وهو أحد المطالب الإسرائيلية الأساسية في مفاوضات القاهرة، كما أكدت موافقتها على أن تتولى السلطة إدارة عملية إعمار القطاع بعد الحرب.
وفي أول تصريح من نوعه، أعلن عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس عضو وفدها في مباحثات القاهرة، أن الحركة ليس لديها مانع في أن تتولى السلطة الفلسطينية إعادة إعمار غزة وتنفيذ ما يتفق عليه. وأبدى استعداد حماس تسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية وغيره من المعابر.
وناقش الوفد الفلسطيني في القاهرة وضع خطة عمل لفتح المعابر بما فيها معبر رفح، ويفترض أن تقدم للمصريين والإسرائيليين. ومنذ منتصف يونيو (حزيران) 2007 أي بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، ضربت إسرائيل حصارا كاملا على القطاع، جويا وبريا وبحريا، منعت بموجبه تحويل الأموال وإدخال بضائع رئيسية إلى القطاع، وقننت في أخرى بينها المحروقات والكهرباء، ولم تسمح بالطبع لأي طائرات أو سفن أو حتى سيارات من العبور إلى غزة أو مغادرتها. وأحكمت إسرائيل سيطرتها على القطاع الصغير من خلال مراقبة البحر والبر، وإغلاق جميع المعابر الإنسانية والتجارية التي تتحكم بها، ووضع آلية لمنع تحويل أموال إلى غزة.
وخلال سبع سنوات لم تسمح إسرائيل تحت الضغط الدولي سوى لأصناف محدودة بالدخول إلى غزة، من بين الآلاف التي كان يحتاجها القطاع، وبعض هذه المواد خضعت لـ«كوتة» محددة خشية أن تستخدم لأغراض عسكرية.
ويتضح مما يتسرب من المفاوضات الجارية في القاهرة حاليا أن مفهوم رفع الحصار يختلف كليا بين حماس وإسرائيل. ويعني بالنسبة للأولى إقامة مطار وإنشاء ميناء وفتح جميع معابر القطاع بما فيها معبر رفح مع مصر، والسماح بحركة الأفراد والبضائع ودخول الأموال من دون تدخل إسرائيلي.
ويعني بالنسبة للثانية (إسرائيل) إبقاء الحصار البري والجوي، والسماح بحركة الأفراد وإدخال البضائع والأموال إلى غزة لكن تحت رقابة دولية شديدة.
وقال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة قيس عبد الكريم (أبو ليلى) لـ«الشرق الأوسط» إن إسرائيل تحاول «تنظيم الحصار وليس رفعه». وأضاف: «إنهم يريدون استئناف التقييدات التي كانت قائمة على ما يسمى بالمواد مزدوجة الاستعمال (مثل مواد البناء) والسقف العددي لحركة الأفراد والوجود على المعابر. مرة يطلبون (الإسرائيليون) وجودا علنيا ومرة خفيا. هذا تنظيم للحصار وليس رفعه أبدا».
من جانبه، قال سامي أبو زهري، الناطق باسم الحركة، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «حماس لن تقبل بأي إملاءات أو شروط إسرائيلية وهي لن تقبل بأي تهدئة لا ترفع الحصار عن قطاع غزة كليا». وأضاف: «حماس تريد فتح جميع معابر القطاع من أجل السماح بحركة الأفراد وحركة البضائع». وتابع: «من حق شعبنا أن يحيا حياة كريمة تعوضه سنين الحصار الظالمة».
وعد أبو زهري أن جميع المطالب المقدمة بما فيها الميناء والمطار، مطالب جميع الفلسطينيين وقال: إنه «تم التوافق عليها فلسطينيا مع جميع الفصائل».
من جانبها، تريد إسرائيل عودة السلطة الفلسطينية إلى المعابر وتسلمها بالكامل بما فيها معبر رفح مع مصر، كما تريد آلية رقابة دولية على كل ما سيدخل إلى غزة.
وقالت وزيرة القضاء الإسرائيلية تسيبي ليفني، أمس، بأنه «يجب تأسيس آلية ما تكون مهمتها فرض رقابة دقيقة على مواد البناء ومختلف السلع التي تنقل إلى القطاع. كما يجب التأكد من أن الأموال التي ستحوّل لإعادة إعمار قطاع غزة لن تستخدم لتمويل نشاطات إرهابية». وأضافت: «يجب العمل من أجل إقامة نظام جديد في قطاع غزة يضمن الهدوء لفترة طويلة».
من ناحيته، قال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان «نحن لا نعارض فتح معبر رفح لكن طالما بقيت حماس مسيطرة على القطاع لا يوجد فرصة لذلك ولا حتى لمجرد نقاش فكرة فتح ميناء أو مطار، وحتى ترميم وإعادة بناء غزة لن تتم إلا من خلال إقامة جهاز مراقبة وإشراف فعال يراقب مواد البناء والأموال حتى نضمن استخدامها فعلا في صالح السكان وليس لاستخدامها في دعم الإرهاب الموجه ضد سكان إسرائيل».
وكانت مصر رفضت ضم النقاشات بشأن إعادة معبر رفح البري إلى مفاوضات القاهرة الحالية، وقالت: إنها ستناقش الموضوع لاحقا مع السلطة الفلسطينية فقط.
وأكدت الخارجية المصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس أن المباحثات الخاصة بمعبر رفح لم تبدأ بعد.
وقال السفير بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، إن الأمور المتعلقة بمعبر رفح، والتي تصر القاهرة على أن تكون بصورة ثنائية بين السلطات المصرية ونظيرتها الفلسطينية، لم تطرح للتباحث حوله بعد. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الاهتمام والجهود الحالية منصبة على تثبيت التهدئة في قطاع غزة، بهدف الوصول إلى هدنة دائمة وشاملة».
ونفى عبد العاطي وجود أي موعد تقديري لبدء المناقشات بشأن المعبر، قائلا: «لا يمكن الحديث عن موعد الآن لأن الهدنة قابلة للاهتزاز في أي وقت. نريد تثبيت التهدئة أولا دون استعجال للأمور الأخرى».
وحول ما أثير من بعض المصادر من أن إعلان السلطة المصرية عن فتح المعبر حاليا بالتزامن مع إعلان الهدنة ربما يكون نوعا من ترطيب أجواء المفاوضات لتليين المواقف، وخاصة من قبل حماس، أكد السفير عبد العاطي: «هذا كلام غير صحيح إطلاقا، ولا توجد أي صلة بين فتح المعبر والهدنة. المعبر مفتوح منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، ويعمل بصورة يومية من أجل الوضع الإنساني فقط».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.