إياد مدني يباشر عمله أمينا لـ«التعاون الإسلامي»

تعهد بتجسيد رؤية قادة الدول الأعضاء

إياد مدني
إياد مدني
TT

إياد مدني يباشر عمله أمينا لـ«التعاون الإسلامي»

إياد مدني
إياد مدني

باشر إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي مهام عمله أمس، بمقر المنظمة في جدة (غرب السعودية). ونقلت وكالة الأنباء السعودية أن الأمين «أعرب عن شكره وامتنانه للدول الأعضاء على الثقة التي أودعتها إياه، باختيارها له أمينا عاما عاشرا للمنظمة، كما توجه إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والمملكة العربية السعودية بالشكر والعرفان على ترشيحه لهذا المنصب، مؤكدا عزمه على ترجمة هذه الثقة إلى سعي دؤوب، ومواصلة العمل خدمة للأمة الإسلامية، وقضاياها العادلة.
وقال الأمين العام في كلمة ألقاها خلال حفل ترحيبي أمس: «إن أمين عام المنظمة، أيا كان، إنما يعمل لتجسيد رؤية قادة وزعماء الدول الأعضاء واقعا محسوسا على الأرض، وعليه أن يسعى إلى تجسير المسافة بين ما يطرح من رؤى حول القضية الواحدة، وأن يبحث عن مساحات التوافق التي ينبني عليها العمل المشترك».
وأضاف أن «منظمة التعاون الإسلامي يقع على عاتقها مواجهة ما يمر بالدول الأعضاء من قضايا سياسية تمس حرياتها، وتتعلق بمصيرها، وتهدد في بعض الأحيان أساس وجودها، فإنه يقع على عاتقها أيضا مد قنوات التواصل بين الدول الأعضاء، وتعظيم التبادل الثقافي والاجتماعي والإنساني بينها، وإزالة الصور النمطية التي قد يختزلها بعضنا عن بعضنا الآخر».
وقال الدكتور عبد الله العسكر رئيس لجنة الشؤون السياسية بمجلس الشورى السعودي إن المنظمة تحمل على عاتقها زيادة التفاعل وتأدية دور أكثر نشاطا عن ذي قبل. وأضاف: «تحتاج المنظمات السياسية إلى إرادة سياسية من قبل الأعضاء، لا سيما النافذين منهم».
ورأى العسكر أن المنظمة يجب أن يتسع دورها إلى الشعوب، وأن لا يقتصر على التواصل مع الحكومات وحسب.
وقال في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن تعيين «إياد مدني يجلب التفاؤل بحكم تجربته العميقة مع الحكومة السعودية، وتوسده عدة مناصب، فالمنظمة كلما كانت قريبة من الشعوب ارتفعت قيمتها بشكل أكبر. الشعب يضغط على حكوماته إما عن طريق البرلمانات وإما مؤسسات المجتمع المدني».
واستطرد العسكر قائلا: «لعل المنظمة تركز على المكنون العربي، باعتباره يعاني مشكلة سياسية وثقافية»، مضيفا: «نرجو تفعيل بعض إدارات المنظمة والمشاريع التابعة لها كاتحاد وكالات الأنباء الإسلامية، إلى جانب تشجيع المشاريع المعلن عنها مسبقا كإطلاق قناة فضائية تخاطب العالم الإسلامي».
يشار إلى أن إياد مدني، وهو من مواليد عام 1946، وسبق أن تولى وزارة الحج السعودية، يعد من الراسخين في كيفية التعاطي والتعامل مع كل الدول والوفود الإسلامية التي تحل في السعودية سنويا لأداء النسك، ومنذ عام 1999 إلى 2003 كان إياد مدني مسؤول الحج ووزيره.
حتى وإن كان المنصب الحالي للأمين سياسيا بحتا، فإن خبرة الوزير التي اكتسبها من خلال مسيرته التي تتراوح ما بين التعليم والخبرة ستجيب على كل الأسئلة، فإياد مدني أحد خريجي جامعة أريزونا الأميركية، وسبق أن تولى حقيبة الثقافة والإعلام بعد حقيبة الحج، في عام 2003 وحتى 2009، فضلا عن جملة مناصب عليا في شركات وهيئات وأجهزة حكومية، وأخرى إعلامية، منذ كان رئيس تحرير لصحيفة «سعودي غازيت» أو مديرا لمؤسسة عكاظ الإعلامية التي تصدر صحيفة واسعة الشهرة غرب السعودية.
وللأمين الجديد مقولة عن بلاده، كان دوما يرددها في المناشط الخارجية والمشاركات، إذ يرى أن السعودية «تقدم على مشروعها للتحديث من دون وجل أو تردد أو شكوك في كينونتها أو ضبابية في هويتها، فخلال المائة عام الماضية ظهرت المملكة كقوة معتدلة بارزة ساهمت في دعم الوسطية، والاعتدال، والاستقرار، وتصدت للتطرف والراديكالية».
وكان إياد مدني، قبل تعيينه أمينا لمنظمة التعاون الإسلامي، يشغل منصب نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز لوالديه للإسكان التنموي.
ويعد مدني ثاني أمين يجري اختياره عن طريق الانتخاب بين دول المنظمة، بعد سلفه البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلي المنتخب أمينا منذ سنة 2005 وحتى 2013.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».