البنوك اللبنانية تدرس خيارات الدفاع في الدعوى الأميركية ضدها

تركز على الدفوع الشكلية بعد اتهامها بتقديم خدمات مالية لـ«حزب الله»

المقر الرئيسي لمصرف لبنان (أ.ب)
المقر الرئيسي لمصرف لبنان (أ.ب)
TT

البنوك اللبنانية تدرس خيارات الدفاع في الدعوى الأميركية ضدها

المقر الرئيسي لمصرف لبنان (أ.ب)
المقر الرئيسي لمصرف لبنان (أ.ب)

تدور حركة ناشطة داخل أروقة المصارف اللبنانية التي تواجه دعويين مدنيتين رفعتا في نيويورك، بزعم تسهيل أعمال لصالح «حزب الله»، والتسبب جزئياً بالضرر اللاحق بالعائلات التي فقدت جنوداً أميركيين أو تعرضوا للإصابة إبان العمليات العسكرية في العراق بين 2004 و2011.
وقد رفعت الدعوى أمام محكمة مدنية في نيويورك في مطلع الشهر الجاري، ولم تحدد المحكمة حتى الآن موعد بدء المحاكمة التي توقع المحامي ويليام فريدمان الذي يعمل في شركة المحاماة الأميركية «أوسي إل إل سي» (الموكلة بالادعاء باسم 400 عائلة أميركية) في مقابلة مع قناة «الحرة» التلفزيونية، أن تستغرق سنوات. لكنه أكد عزم الشركة المضي في القضية إلى النهاية وبأقصى إمكاناتها، وأشار إلى أنها الأولى من نوعها التي تقام تحت قانون مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة.
ويغلف الكتمان المطبق كامل المشاورات والاتصالات الجارية داخل المصارف الـ11 المعنية، وبينها وبين جمعية المصارف والتشاور القائم مع أركان حاكمية مصرف لبنان. كما يجري التواصل بين المحامين الداخليين ومكاتب المحاماة والاستشارات القانونية المتعاقدة مع هذه المصارف، وذلك توخياً لاستنباط أفضل القواعد والآليات التي يمكن اعتمادها لمواجهة هذا النوع من «التجنّي» ربطاً بمساره القضائي.
ورغم رسائل الاطمئنان التي سارعت جمعية المصارف إلى تعميمها عبر الإشارة إلى رفض المحاكم الأميركية في العام 2007 لدعوى مماثلة سابقة ضد 5 مصارف لبنانية، تحرص إدارات المصارف المعنية على إيلاء القضية أهمية استثنائية لجهة الإحاطة التامة بها والطلب إلى المحامين إعداد خلاصات محددة مبنية على دعاوى مماثلة أو شبيهة، والاستعانة بخبرات قانونية أميركية، بحيث يمكن تحديد المسار الذي سيتم اعتماده للمواجهة.
وأشار رئيس الجمعية الدكتور جوزف طربيه إلى أن المصارف المعنية تتحضر للتعامل بما يتناسب مع هذه المسألة، وأنها تعمل على تعيين مكاتب محامين في نيويورك. كما وفر مكتب مستشار الجمعية الأميركي «دي إل اي بايبر» بعض المستلزمات المشتركة، ومنها الحصول على فترة ستة أشهر للرد. وأكد أن الجمعية ستقوم بدور تنسيقي محلياً من خلال لجنة محامين للمتابعة.
وعلمت «الشرق الأوسط» بوجود تباينات صريحة بين المصارف المدعى عليها لجهة المقاربات الأولية يتمدد مضمونها إلى التوجهات اللاحقة للاحتواء والمعالجة. ويشير ذلك إلى عدم وجود فرصة حقيقية لتطوير التواصل والتشاور وصولاً إلى تجميع «المدعى عليهم» ضمن منصة قانونية موحدة تتولى صياغة مخطط موحد للدفاع بدءا من الدفوع الشكلية. فالبعض يعتقد أن التهم الموجهة إلى مصرفه عرضية وليست ذات شأن بحيث يمكن الطعن فيها في مذكرة الدفوع الشكلية، بينما تتطلب التهم الموجهة لمصارف أخرى دفاعاً صلباً ومركزاً في حال عدم القبول بردها في المرحلة الأولى.
ويلفت خبير لبناني يحوز خبرات أكاديمية وعملية في القوانين والمحاكم الأميركية، إلى الضرورة القصوى للتحوط والاحتراز في دعاوى من هذا النوع والتي تستظل بالبعد النفسي للمواطنين الأميركيين المرتبط بيافطة مكافحة الإرهاب الدولي وتمويله. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أنه من الممكن إنهاء القضية بكل مضامينها وتداعياتها في مرحلة الدفوع الشكلية، لكن ينبغي الاستعداد المتكامل لكل الاحتمالات وتوكيل مكاتب محاماة أميركية ذات باع في مخاطبة المحكمة وهيئات المحلفين بهدف تكوين القناعات المطلوبة».
ويوضح أنه «في حال عدم إنهاء القضية بكامل تشعباتها في مرحلة الدفوع الشكلية، ستكون البنوك المعنية أمام خيارات متعددة بحسب مكانة الدفوع وقوة الإقناع التي يوردها الدفاع. فكما هي الاتهامات موزعة ومختلفة، يمكن لقرارات القاضي أن تماثلها بين قبول كلي أو جزئي للدفوع المقدمة، وبالتالي يمكن إخراج كل البنوك أو بعضها من القضية. ويتم البناء على المستجدات للمرحلة الثانية في حال لم يتم قبول كامل الدفوع الأولى».
من الممكن في هذه المرحلة، بحسب الخبير القانوني الدولي، الولوج فورا في مرحلة التقصي والاستكشاف (ديسكوفري). هذه المحطة تسبق الحكم الابتدائي، وينشط فيها المحامون من الأطراف كافة. يمكن القول إنها مرحلة «اللعب على المكشوف». فكل الأوراق تصير متاحة بما فيها من مكامن قوة ومن ثغرات تتيح للخصم تحسين موقفه التفاوضي. كذلك يمكن أن تتكرر هذه المحطة في حال تجاوز الأحكام الابتدائية والانتقال إلى محكمة الاستئناف، وهو حق للمتقاضين من الطرفين.
وبدءاً من الإشارات الشكلية، يركز الخبير على التوقيت «الذكي» الذي استبق انتهاء مفاعيل القانون الخاص مطلع العام الحالي، وعلى «اختيار» بروكلين لإقامة الدعويين الخاصتين بالمصارف اللبنانية. فاختيار المحلفين ضمن هذه المنطقة الشرقية من نيويورك سيخضع حكماً لطبيعة سكانها والسلطات المحلية فيها. والغالبية في هذه المنطقة لا تعرف عن لبنان وعن مجمل الدول العربية إلا القليل مما تتلقاه من وسائل الإعلام الأميركية، والتي تسلط الضوء على الإرهاب والأعمال الحربية. كما أن إجماع المدعين على حصر التوكيل بمكتب محاماة واحداً، يؤشر إلى «مصالح مالية وغير مالية» تكفلت بالإعداد وجمع التواقيع وعقد اتفاقات لتوزيع «المغانم»، والتي يمكن أن تكون مضاعفة ثلاث مرات وفقا للقانون المرفوعة تحت لوائه.
وتتماهى إشارات الخبير نسبياً مع مضمون تصريح نقله موقع إلكتروني عن السفير اللبناني في واشنطن غابي عيسى، ومفاده أن «لا حرب أميركية مالية على لبنان بعد رفع مكتب محاماة دعوى من قبل «متضرّرين من حزب الله» ضد عدد من المصارف اللبنانية أمام القضاء الأميركي. ويوضح: «هذه الدعوى تم رفعها بتاريخ 1-1-2019، وتستند على قانون قديم يسمى (تيروريزم آكت)، كان من المتوقع انتهاء العمل به عام 2013 قبل أن تمدد فترته لست سنوات تنتهي يوم الثاني من يناير (كانون الثاني) 2019، أي إن مكتب المحاماة تقدم بالدعوى قبل يوم واحد من انتهاء المدة».
يشير الخبير إلى التمايز في وضعية البنوك التي طالتها الدعويان. فأحد البنوك سبق أن شارك بمعالجة ملفات واتهامات تخص مصرفا ثانيا قبل إنجاز شرائه ودمجه. وقد استغل مكتب المحاماة هذه الوقائع للزج مجددا باسم المصرف الدامج مع تبيان مرجعية الملفات للمصرف السابق (البنك اللبناني الكندي) الذي خرج نهائيا من السوق وتم شطب رخصته. ثم أضاف لائحة ثانية بتهم تقديم خدمات مالية من قبل البنك الدامج (إس جي بي إل) لصالح عملاء ومؤسسات من ذوي الصلة بمؤسسات حزبية وإسلامية يصنفها القانون الأميركي كأذرع تمويلية «إرهابية». وتورد الدعوى ما أعلنته إدارة مكافحة المخدرات الأميركية في يونيو (حزيران) من العام 2013، وأيضا مدعي عام منهاتن في بيان تسوية «الدعوى المدنية بالتزوير وتبييض الأموال التي رفعتها واشنطن ضد البنك اللبناني - الكندي وأصوله».
وعموما تستند الدعويان أيضا إلى المراسيم التطبيقية للقانون الأميركي لمكافحة ومنع تمويل «حزب الله» الصادرة مطلع 2016، وحددت الجهات التي يشملها القانون بـ«حزب الله» كمنظمة، و{الأفراد والشركات والممتلكات التي وضعت على لوائح العقوبات الأميركية والدوليّة». وتشمل القضية مصارف «سوسييتيه جنرال»، «بنك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، «عودة»، «لبنان والمهجر»، «بيبلوس»، «فرنسبنك»، «بنك بيروت»، «لبنان والخليج»، و«اللبناني الفرنسي»، و«بيروت والبلاد العربية»، و«جمال تراست بنك».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.