تركيا: التضخم يعاود الصعود متأثراً بأسعار الغذاء

تراجع مبيعات قطاع السيارات 59 % في يناير

عاود معدل التضخم في تركيا ارتفاعه في يناير مما يدل على عدم قدرة الحكومة على كبحه ووقف ضغوط أسعار الغذاء العالية (رويترز)
عاود معدل التضخم في تركيا ارتفاعه في يناير مما يدل على عدم قدرة الحكومة على كبحه ووقف ضغوط أسعار الغذاء العالية (رويترز)
TT

تركيا: التضخم يعاود الصعود متأثراً بأسعار الغذاء

عاود معدل التضخم في تركيا ارتفاعه في يناير مما يدل على عدم قدرة الحكومة على كبحه ووقف ضغوط أسعار الغذاء العالية (رويترز)
عاود معدل التضخم في تركيا ارتفاعه في يناير مما يدل على عدم قدرة الحكومة على كبحه ووقف ضغوط أسعار الغذاء العالية (رويترز)

عاود معدل التضخم في تركيا ارتفاعه في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وبلغ 20.35 في المائة على أساس سنوي، مما كشف من وجهة نظر محللين عن عدم قدرة الحكومة على كبح التضخم ووقف ضغوط أسعار الغذاء العالية وتكاليف الغذاء التي وصلت إلى أعلى مستوى منذ عام 2004. على مؤشر أسعار المستهلكين.
وأظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية الرسمية أمس (الاثنين) أن معدل التضخم الشهري في البلاد قفز بنسبة 1.06 في المائة. وبحسب التقديرات، كان من المتوقع أن يستقر معدل التضخم في تركيا عند 20.3 في المائة خلال يناير على أساس سنوي، وهو المعدل نفسه، الذي تحقق في ديسمبر (كانون الأول) السابق عليه. وجاء معدل التضخم أكبر من توقعات استطلاعين أجرتهما كل من «رويترز» و«بلومبرغ».
وكانت «بلومبيغ» توقعت في تقرير أمس، أن تضرب أسعار الغذاء جهود احتواء التضخم في تركيا، وقالت إن أسعار الغذاء زادت على وقع فيضانات مفاجئة ضربت مدينة أنطاليا الساحلية التي تعد محوراً لزراعة الصوب في البلاد، وأدت إلى نقص في المواد الغذائية.
وزادت الأزمة الغذائية من متاعب المستهلكين الأتراك، بعد الانهيار السريع الذي لحق بالليرة التركية منذ أغسطس (آب) الماضي حيث فقدت 47 في المائة من قيمتها، قبل أن تعوض بعض خسائرها عند مستوى 30 في المائة في نهاية العام، ورفع تكلفة الواردات الغذائية والنقل.
وتوقعت «بلومبرغ» أن يتردد البنك المركزي التركي في خفض أسعار الفائدة عن مستوى 24 في المائة، في ظل الضغوط التصاعدية لتكلفة الغذاء على مؤشر أسعار المستهلك، ولا سيما أن الغذاء يعد أكبر مكون في المؤشر.
وبحسب بيانات غرفة تجارة إسطنبول، ارتفعت أسعار التجزئة للمواد الغذائية بنسبة 2.53 في المائة على أساس شهري في يناير (كانون الثاني) الماضي.
يُشار إلى أن تركيا تقول إنها تستهدف الوصول بالتضخم إلى 14.6 في المائة بنهاية العام الجاري، نزولاً من 20.3 في المائة في نهاية عام 2018. وبلغ التضخم أعلى مستوى له منذ 15 عاماً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مسجلاً 25.24 في المائة.
وأظهرت البيانات أن مؤشر أسعار الغذاء والمشروبات غير الكحولية ارتفع إلى 31 في المائة خلال يناير الماضي على أساس سنوي، وهي أعلى قراءة منذ عام 2004، مقابل 25.1 في المائة المسجلة في الشهر السابق له ديسمبر (كانون الأول) 2018. أما على أساس شهري، فإن مؤشر أسعار المستهلكين في تركيا ارتفع بنسبة 1.06 في المائة خلال يناير الماضي، وهي نفس وتيرة الارتفاع المسجلة في ديسمبر (كانون الأول).
وفي بيانات منفصلة، فإن مؤشر أسعار المنتجين سجل نمواً بنحو 32.9 في المائة خلال يناير الماضي على أساس سنوي، مقابل 33.6 في المائة المسجلة في ديسمبر (كانون الأول) و12.1 في المائة المسجلة في يناير 2018.
وبحلول الساعة 09:12 بتوقيت غرينتش، تراجعت الليرة التركية مقابل الدولار بنسبة تزيد عن 0.3 في المائة، ليرتفع الدولار إلى حدود 5.23 ليرة.
في الوقت ذاته، كشف اتحاد موزعي السيارات في تركيا، في بيان أمس، عن هبوط حاد في مبيعات السيارات خلال يناير الماضي، وسط بيانات ارتفاع في معدل التضخم وازدياد نسبة البطالة، الأمر الذي نال من القدرة الشرائية للمواطنين الذين يعانون منذ أشهر جراء الانخفاض الكارثي في قيمة الليرة التركية.
وأضاف البيان أن مبيعات سيارات الركوب والمركبات التجارية الخفيفة في تركيا تراجعت بنسبة 59 في المائة على أساس سنوي في يناير الماضي. وكانت مبيعات السيارات تراجعت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بنحو 43 في المائة على أساس سنوي.
ويشكل تراجع مبيعات السيارات ضغطا على معدلات الإنتاج في أحد أهم القطاعات الصناعية في البلاد، وبالتالي على معدلات التوظيف فيه. وأظهرت بيانات رسمية في منتصف يناير الماضي أن معدل البطالة في تركيا قفز إلى 11.6 في المائة في الفترة من سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.
وأعلنت جمعية موزعي السيارات في تركيا، في وقت سابق، أن مبيعات سيارات الركاب والمركبات التجارية الخفيفة هبطت بنسبة 35 في المائة في عام 2018. وتراجع الإنتاج الصناعي في تركيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بنسبة 5.7 في المائة على أساس سنوي.
وتعاني تركيا أزمات اقتصادية متنوعة أبرزها تراجع قيمة عملتها وارتفاع مديونياتها؛ حيث تقدر ديونها بـ400 مليار دولار، منها 30 مليار دولار مستحقة بنهاية العام الجاري، وأدت سياسة رفع أسعار الفائدة التي ينتهجها البنك المركزي التركي ضد رغبة الرئيس رجب طيب إردوغان من أجل محاربة التضخم إلى زيادة تكلفة التمويل على الشركات وركود في الأسواق.
وكانت شركة «سيكست» العالمية العريقة لتأجير السيارات قد تقدمت في آخر يناير الماضي بطلب تسوية إفلاس لفرعها في تركيا. وتأسست الشركة عام 1912 وتمتلك فروعاً في 110 دول حول العالم، وبدأت العمل في قطاع تأجير السيارات في تركيا منذ عام 1990. والخطوة ذاتها أقدمت عليها شركة «فليت كورب» الكويتية لتأجير السيارات؛ حيث تقدمت أيضاً بطلب تسوية إفلاس لفرعها في تركيا.
وفي السياق ذاته، أعلنت محكمة تركية إفلاس شركة «هدف يابي»، وهي إحدى كبريات شركات الإنشاءات والمقاولات في تركيا، رسميا، بعد تقدمها قبل 3 أشهر بطلب تسوية إفلاس؛ بسبب تعثرها مالياً.
ومنحت المحكمة التجارية في إسطنبول في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مهلة مدتها 3 أشهر للشركة، بعد تقديمها طلب تسوية إفلاس، وعينت مراقبين ماليين وإداريين لمراقبة الوضع المالي للشركة، ثم أعلنت إفلاس الشركة رسمياً.
و«هدف يابي» هي التي كانت تتولى أعمال إنشاء مسجد «تشامليجا» الأكبر في إسطنبول وتركيا، ومركز تسوق ومساكن آك آسيا، وفندق هيلتون أضنة، وجامعة صابانجا، وخط النفط الخام باكو - تبليسي - جيهان.
وبإمكان الشركات في تركيا طلب تسوية إفلاس من القضاء للحماية من الإفلاس والحجز على ممتلكاتها، وتعني الخطوة إرجاء الإفلاس مؤقتاً لحين سداد الديون خلال مدة 3 أشهر. وبموجب هذا الإجراء تصبح ممتلكات الشركة خاضعة للحماية بقرار قضائي، ولا يتم اتخاذ أي إجراءات حجز عليها، لكن يتوجب على الشركات سداد نصف ديونها كي يُقبل طلبها.
وأعلن إفلاس 15 ألفا و400 شركة تركية في عام 2018 وتوقع تقرير دولي لمجموعة «إيولر هيرماس» أن يزداد هذا العدد بواقع ألف شركة في عام 2019.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.