أوساط عسكرية إسرائيلية تعترض على خصم ملايين الدولارات من الفلسطينيين

TT

أوساط عسكرية إسرائيلية تعترض على خصم ملايين الدولارات من الفلسطينيين

يجتمع المجلس الوزاري المصغر لشؤون السياسة والأمن في الحكومة الإسرائيلية (الكابنيت)، غداً الأربعاء، للبحث التمهيدي في اقتطاع جزء من أموال الضرائب التي تنقلها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية، بسبب استمرارها في دفع رواتب الأسرى والشهداء. ويأتي الاجتماع وسط خلافات حول الموضوع. ففي حين يطالب وزراء اليمين المتطرف باقتطاع مبلغ كبير يصل إلى 140 مليون دولار، شهرياً، يحذر قادة المخابرات والجيش من أن خطوة كهذه تلحق ضرراً ستنعكس نتائجه على إسرائيل.
المعروف أن هذه الأموال تقدر بنحو 350 مليون دولار شهرياً، وهي ملك للسلطة الفلسطينية، لكن وزارة المالية الإسرائيلية وسلطات الضرائب والجمارك فيها تقوم بجبايتها لصالح السلطة، من الصفقات التي يبرمها رجال الأعمال من الطرفين، وكذلك من الواردات الفلسطينية من الخارج. وتحصل إسرائيل لقاء ذلك أجرة تصل إلى 3 في المائة من قيمة الأموال. ومنذ تولي اليمين الحكم، وبشكل خاص في زمن بنيامين نتنياهو، تتعامل الحكومة مع هذه الأموال وكأنها منح إسرائيلية للسلطة، تخصم منها الأموال كما تشاء. تارة تخصم مبالغ لتسديد ديون شركات إسرائيلية، وتارة تخصمها لدفع غرامات للمحاكم الإسرائيلية، التي لا تتعامل بنزاهة إزاء الفلسطينيين. وفي الآونة الأخيرة تحاول خصم الأموال عقاباً للسلطة الفلسطينية على قيامها بدفع مخصصات لعائلات الشهداء الفلسطينيين، أو لجرحى العمليات العسكرية، أو للأسرى في السجون الإسرائيلية.
وعشية الانتخابات الإسرائيلية، تتصاعد المطالبة بخصم الأموال؛ خصوصاً داخل الأحزاب اليمينية. فكل من يريد أن يتم انتخابه مرشحاً للنيابة يطلق مطالب معادية أكثر للفلسطينيين. ويتولى قيادة هذا المطلب حالياً عضو الكنيست آفي ديختر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن، الذي صرح قائلاً: «كل قرش نقلته السلطة للإرهابيين، سيتم خصمه، لخلق الردع ضد الإرهاب». وقد أمر نتنياهو، بوصفه وزيراً للدفاع، بإعداد تقرير يتضمن معطيات دقيقة لتحديد المبالغ التي دفعتها السلطة الفلسطينيّة لعوائل الأسرى والشهداء.
وسيطرح الموضوع للبحث غداً بشكل أولي، على أن يعود ويتخذ قراراً نهائياً في الموضوع، خلال الأسبوعين المقبلين.
وقالت مصادر عليمة في تل أبيب، إن الجيش والمخابرات لا يتحمسان لخصم الأموال. فهم يخشون من أن يكون خصم الأموال بمثابة «ضربة اقتصاديّة» ثانية للسلطة الفلسطينيّة، بعدما أوقفت الولايات المتحدة الأميركية مساعداتها المالية. فمثل هذه الضربة يمكن أن تؤدي لأزمة اقتصادية شاملة في الضفة الغربية، تؤدي إلى انفجارات سياسية وأمنية تنعكس بالتالي على إسرائيل نفسها.
وأكدت هذه المصادر أن نتنياهو يتفهم موقف أجهزته الأمنية، ويشاركهم القلق من إمكانية أن يؤدي الاقتطاع إلى الإضرار باستقرار السلطة الفلسطينيّة، ونُقل على لسانه أنه سيبحث عن «طريقة لتطبيق القانون الإسرائيلي الذي يلزم الحكومة بتنفيذ الخصم، ولكن في الوقت نفسه يضمن الحفاظ على استقرار السلطة الفلسطينيّة».
يذكر أن الحسابات الإسرائيلية تشير إلى أنه في عام 2018 نقلت السلطة الفلسطينية 502 مليون شيقل على الأقل لعائلات الشهداء والأسرى، في حين أظهر الفحص الذي أجرته جهات فلسطينية أن المبلغ لا يتعدى 230 مليون شيقل.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.