رفاق نتنياهو يتهمونه بوضع لائحة تصفيات لمعارضيه في {ليكود}

TT

رفاق نتنياهو يتهمونه بوضع لائحة تصفيات لمعارضيه في {ليكود}

عشية الانتخابات الداخلية في حزب الليكود الحاكم في إسرائيل، المقرر إجراؤها اليوم لثلاثاء، بمشاركة 125 ألف عضو مسجل، أعرب الكثيرون من قادة الحزب عن قلقهم من اكتشاف لوائح تصفية أعدها المقربون من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تستهدف استبعاد خصومه وكل من يتعاطف معهم، وتهدد بسقوط عدد من النواب والوزراء الحاليين.
وقال الرئيس السابق للائتلاف الحكومي، ديفيد بيتان، وهو مقرب من نتنياهو، إنه يجد نفسه مضطرا للاختلاف مع رئيس الحزب «للدفاع عن قادة محترمين مخلصين له». وأضاف: «التغيرات في النظام الداخلي للحزب تسببت في توتر شديد إذ إن مساحة المناورة والتنافس ضاقت. فإذا قرر نتنياهو وضع قوائم شطب عدد من النواب يزداد التوتر وربما يتحول إلى صراع داخلي. وهذا يضر بنا جميعا وليس فقط بضحايا التصفيات». وشكا مسؤولون آخرون من تصرفات نتنياهو، لكنهم لم يجرؤوا على الظهور علنا، واكتفوا بتسريبات إلى الصحافة قالوا فيها إنه يتصرف بأنانية بالغة: «ليس مصلحة الحزب هي التي ترشده بل مصلحته الشخصية».
وكان نتنياهو ورجاله المقربون، قد وضعوا خصمه، الوزير السابق جدعون ساعر، في رأس قائمة الشطب والتصفية، بدعوى أنه «تآمر مع رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، للانقلاب على نتنياهو بعد الانتخابات». وحسب هذا الزعم، في حال فوز الليكود بالأكثرية، ينوي رفلين استبعاد نتنياهو عن تشكيل الحكومة بسبب توجيه لائحة اتهام ضده في قضايا الفساد وسيكلف ساعر بتشكيل الحكومة مكانه. ففي هذه الحالة يكون رفلين قد حافظ على روح القانون وكلف الليكود بتشكيل الحكومة وفي الوقت ذاته منع عار وقوف متهم بالرشوة في رأس الحكم في إسرائيل. ومع أن ساعر ورفلين فندا هذا الزعم، فإن نتنياهو يصر عليه. وقد صرح أمس بأن «ثلاثة مسؤولين في الحزب قالوا له إن ساعر طلب منهم أن يؤيدوه ويمتنعوا عن تأييد تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة المقبلة». ومن جهته، نفى ذلك ساعر جملة وتفصيلا، معتبرا الأمر محاولة شفافة من رئيس الوزراء للمساس به قبل الانتخابات الداخلية.
وأضاف ساعر: «لا توجد مواجهة أو خلاف، وإذا كان الأمر كذلك فهو بحاجة إلى طرفين». مضيفا أن رئيس الوزراء قرر أن يعيد بث أكاذيب جديدة كان قد قالها قبل عدة أشهر، على حد تعبيره. وانتقد هذه التصريحات قائلا إنها أخبار لا أساس لها من الصحة. موضحا أن هذه الأخبار أذهلته عند سماعها. ولكن هذا النفي لم يمنع نتنياهو ورفاقه من مواصلة السعي لتصفية ساعر، علما بأنه كان قد حصل على أعلى نسبة تأييد بعد نتنياهو في الانتخابات السابقة مرتين متتاليتين. وقوائم الشطب التي أعدوها تستهدف ساعر وكل من يتعاطف معه من قادة الحزب.
من جهة أخرى، يبذل نتنياهو جهودا كبيرة لتوحيد قوى اليمين، من حلفائه وخصومه، لمنع فوز حزب الجنرالات بقيادة بيني غانتس وموشيه يعلون. فقد توجه إلى النائب المتطرف، بتسلئيل سموتريتش (البيت اليهودي)، داعيا إياه العمل على إقامة تحالف مع حركة «عوتسما يهوديت» اليمنية المتطرفة، بقيادة ميخائيل بن آري وباروخ مارزل وإيتمار بن غفير، كما توجه إلى قادة الحزبين الدينيين، «شاس»، بقيادة وزير الداخلية، أرييه درعي، و«يهدوت هتوراه»، بقيادة نائب وزير الصحة، يعكوف ليتسمان، ليخوضا الانتخابات بقائمة واحدة ويمنعا بذلك تسرب أصوات إلى خارج المعسكر اليميني. وقال نتنياهو إنه يركز في التحضيرات للانتخابات المقبلة على معسكر اليمين ككل، ولا تقتصر حساباته على قائمة الليكود، وذلك في محاولة لعدم «إهدار أصوات اليمين المهددة بعدم عبور نسبة الحسم». وقد وعد كل من توجه إليه بامتيازات إضافية في الحكومة المقبلة.
وأوضح نتنياهو أن دوافعه لاتباع هذه الاستراتيجية، هي مصلحة اليمين وليس فقط منع خسارته بل أيضا إقامة حكومة قوية برئاسته. وقال إنه رغم نتائج استطلاعات الرأي التي تظهر حصول الليكود برئاسته على 30 مقعداً، فإن كتلة معسكر اليمين البرلمانية، لا تزال تتراوح بين 61 و63 مقعداً من مجموع 120 وهذا يعني أنه سيقيم حكومة ضعيفة. ولكن قادة أحزاب اليمين الإسرائيلي يشتبهون بتصرفات نتنياهو ويخشون من أنه يريد تحصيل أصوات على حسابهم، خصوصا أنه ورفاقه تحدثوا عن إمكانية إقامة تكتل كبير يضم حزبي «اليمين الجديد» و«كولانو». وقد أعلن وزير المالية ورئيس حزب «كولانو»، موشي كحلون، أنه لن ينضم لقائمة الليكود حتى لو استمر في الحصول على نتائج سلبية في الاستطلاعات.
وأعلنت وزيرة القضاء، ايليت شاكيد، أن حزبها «اليمين الجديد» لن يتحد ويندمج مع حزب الليكود لخوض الانتخابات الحالية، مؤكدة أن مثل هذا الاقتراح «لم يكن أبدا على الطاولة» ولم تتم مناقشته. وبدلا من ذلك، انتقدت قيادة نتنياهو خلال السنوات الماضية، مدعية أن الائتلافات الحكومية السابقة بقيادته جاءت بعد تصويت الإسرائيليين لصالح حكومات يمينية، لكنها بدلا من ذلك حصلت على حكومة يسارية. وتابعت شاكيد: «عندما كان الليكود قويا وحصل على 40 قويا، قادهم قادتهم نحو الانفصال عن غزة. وعندما جلس نتنياهو مع إيهود باراك، كانت حكومة يسارية». وحذرت شاكيد من أن «حكومة نتنياهو الجديدة القادمة يمكن أن تتشكل بين ائتلاف يجمع حزب الليكود مع حزب بيني غانتس الجديد «الحصانة لإسرائيل»، «إذا لم تعطونا نحن القوة لمنع تدهور كهذا». وشددت شاكيد على سياستها المؤيدة للاستيطان، وقالت إن «اليمين الجديد» بقيادتها يؤيد ضم المنطقة C في الضفة الغربية إلى إسرائيل، وقالت: «سنطبق القانون الإسرائيلي في المنطقة C، هذا كان دائما إيماننا، وننوي فعل ذلك».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.