كلمة السر

قصتي مع اللإعلام

كلمة السر
TT

كلمة السر

كلمة السر

كلمة السر هي القصة. شغفي بالأخبار لا ينتهي، أستقي الخبر من أكثر من مصدر لأعرف أوجه الحقيقة كاملة ثم أكون رأيي وقناعاتي الذاتية. البداية من الإذاعة المصرية، مدرسة الالتزام التي أدين لها بالفضل الكبير في جل مشواري الإعلامي.
كان التحاقي بقناة «العربية» منبر الأخبار الأول عربياً، مذيعة أخبار في فترة الغزو الأميركي على العراق، حيث التغطيات الإخبارية المتواصلة، بمهنية ورؤية عربية شاملة، فتعلمت أنه على المذيع أن يكون صحافياً ومُعداً شاملاً، فلا وجود لمذيع أخبار في قناة دولية ليس شغوفاً بالقصة، كما أن التغطيات الطويلة على الهواء يلزمها إعداد واطلاع وقراءة وبحث ومعرفة كبيرة لتكون قادراً على التصدي لأي خبر عاجل محلي، عربي أو دولي على الهواء.
لكن الحلم بالانضمام للإعلام الغربي ظل يراودني، فانتقلت لعاصمة القرار واشنطن مذيعة أخبار في قناة «الحرة» الأميركية، وكانت انتخابات 2004 الرئاسية بداية مشواري مع التغطيات الدولية، وكيف يصنع القرار في أميركا وكيف يدار البيت الأبيض والكونغرس بمجلسيه وكثير من دهاليز السياسة الأميركية.
ثم تلتها تجربة إدارة مكتب «روسيا اليوم» العربية في واشنطن، وهنا كنت أتابع الأخبار الأميركية برؤية أوروبية - روسية، وكان اختباراً صعباً، البحث عن المسكوت عنه في السياسات الأميركية، وكانت تغطية انتخابات 2008 الرئاسية الأميركية تجربة فريدة، أتنقل مع الحملات الانتخابية للمرشحين في 50 ولاية لأنقل على الهواء الماراثون للبيت الأبيض، ومن أكثر القصص التي أعتز بها كانت لقاءً مع أحد الجنود الأميركيين العائدين من العراق، وكيف ظل ينتقد قرار الحرب الذي اتخذه الرئيس جورج بوش الابن وقتها، وكيف أضرت الحرب بالشعب العراقي وأنهكت الجنود الأميركيين وأدت لانهيار الاقتصاد الأميركي، بحسب قوله.
عودة إلى القاهرة من واشنطن، لتبدأ رحلتي من جديد مع الإعلام المصري في قناة «دريم» أول قناة فضائية مصرية، ومرحلة المتغيرات السياسية لثورتي 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران) وانتخابات الرئاسة المصرية 2012 و2014. مروراً بأحداث الربيع العربي، وهي التجربة التي عايشتها بكل أبعادها.
كانت انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016 سبباً آخر في عودتي لواشنطن لتغطيتها عبر شاشة قناة «النهار» المصرية، هذه المرة كنت أكثر خبرة بالعقلية العربية والأميركية معاً، فكان لها مذاق مختلف، كما أنها كانت انتخابات ساخنة بين الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترمب، استمتعت كثيراً بتغطيتها لاختلافها كثيراً عن أي انتخابات أخرى، وعدم توقع النتيجة كان أكثر ما ميزها من وجهة نظري كمحللة للملف السياسي الأميركي ورأي الشارع في سياسات واشنطن.
من القاهرة الآن وأنا على عتبة تجربة إعلامية جديدة، أشارككم مشواري الذي يحتوي عدداً كبيراً من الفضائيات التي منها أيضاً «إي أر تي أميركا»، «الساعة الإخبارية»، «التحرير الفضائية» و«الحياة المصرية»، فربما يفضل بعض الإعلاميين البقاء طويلاً في مؤسسة إعلامية واحدة، لكنني في بلاط صاحبة الجلالة يغريني دائماً التنوع في المصادر والاختلاف في التناول، وهو ما يثقل الخبرات ويفتح آفاق العقل لرؤية أوسع وأجندات تحريرية مختلفة، مما يجعل أبعاد القصة وخلفياتها تكتمل في عقل الصحافي؛ هنا يكمن التميز الذي يشكل البصمة والانفراد... فلهذه المهنة شغفٌ وبريقٌ خاصين يتطلبان دوام البحث والتعلم، لأن للحقيقة أوجه كثيرة، ولا يكشفها مصدر واحد ولا راوية واحدة... فالسر دائماً يكمن فيما لا يقال، في المسكوت عنه... والحقيقة قابعة بين وخلف السطور، ولهذا تسمى مهنة الصحافة والإعلام: «مهنة البحث عن المتاعب».
*إعلامية مصرية


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق تقرير «ليونز العالمي» يُعدّ معياراً عالمياً موثوقاً في مجالات الإبداع والتسويق لدى الوكالات والعلامات التجارية (الشرق الأوسط)

«SRMG Labs» تحصد لقب أفضل شركة سعودية للخدمات الإبداعية والإعلانية

حلّت «SRMG Labs» شركة الخدمات الإبداعية والإعلانية في المراتب الأفضل بين الشركات المدرجة هذا العام في تقرير «ليونز العالمي للإبداع».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق صدر كتاب السيرة الذاتية للإعلامي اللبناني كميل منسّى بعد أشهر على وفاته (الشرق الأوسط)

كميل منسّى يختم نشرته الأخيرة ويمضي

رحل كميل منسى، أحد مؤسسي الإعلام التلفزيوني اللبناني قبل أشهر، فلم يسعفه الوقت ليحقق أمنية توقيع سيرته الذاتية. تسلّم ابنه الأمانة وأشرف على إصدار الكتاب.

كريستين حبيب (بيروت)
العالم شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)

«ميتا» تحظر وسائل الإعلام الحكومية الروسية على منصاتها

أعلنت مجموعة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب»، فرض حظر على استخدام وسائل الإعلام الحكومية الروسية لمنصاتها، وذلك تجنّبا لأي «نشاط تدخلي أجنبي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية طرد صحافي من «جويش كرونيكل» لتقارير مزيَّفة عن «حماس» تخدم نتنياهو

طرد صحافي من «جويش كرونيكل» لتقارير مزيَّفة عن «حماس» تخدم نتنياهو

«جويش كرونيكل» تطرد صحافياً لنشره وثائق مزيَّفة تخدم تخريب نتنياهو للهدنة، وادعاءات أن «حماس» ستهرّب المختطفين إلى إيران واليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مجلة تثير جدلاً حول الحريات في ألمانيا

يورغن إيلاسر، مؤسس "كومباكت" وناشرها ورئيس تحريرها (غيتي)
يورغن إيلاسر، مؤسس "كومباكت" وناشرها ورئيس تحريرها (غيتي)
TT

مجلة تثير جدلاً حول الحريات في ألمانيا

يورغن إيلاسر، مؤسس "كومباكت" وناشرها ورئيس تحريرها (غيتي)
يورغن إيلاسر، مؤسس "كومباكت" وناشرها ورئيس تحريرها (غيتي)

قمع حرية التعبير أم حماية الديمقراطية؟ من الأسئلة التي باتت تواجه المشرّعين والسياسيين الألمان بشكل مزداد. وفي حين كانت الانتقادات خلال الأشهر الماضية تصبّ على تعامل السلطات الألمانية القاسي مع المدافعين عن الفلسطينيين، فتحت وزارة الداخلية الألمانية جبهة جديدة في «الصراع حول الحريات».

بدأت الانتقادات لوزيرة الداخلية نانسي فيزر بعدما قرّرت حظر مجلة «كومباكت» اليمينية المتطرفة وإغلاقها بحجة «حماية الديمقراطية والدستور». ولكن بعد أيام قليلة عادت محكمة لتقلب قرار الداخلية وتسمح للمجلة بالعودة إلى النشر. ومع أن قرار المحكمة كان «مؤقتاً» يسري مفعوله لغاية درس ملف المجلّة بشكل معمّق والتوصّل إلى قرار نهائي حول قانونية الحظر، جاءت الانتقادات لوزيرة الداخلية لاذعة.

غلاف أحد أعداد مجلة "كومباكت" اليمينية المتطرفة (IPON-MAGO)

انتقادات... بالجملة

بل إن فيزر، التي تنتمي إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) الحاكم، تتعرض فقط لانتقادات اليمين المتطرف واليمين التقليدي، بل كذلك من شركائها في الحكومة الذين حتى دعوها للاستقالة. ذلك أن نائب رئيس «البوندستاغ» (مجلس النواب)، فولفغانغ كوبيكي، المنتمي للحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي الوسطي)، الشريك في الائتلاف الحاكم، قال إن على فيزر «أن تفكّر بالاستقالة... وأن تنظر إلى نفسها وتسأل ما إذا كانت تريد أن تستمر بالقيام بحملات لصالح حزب البديل لألمانيا»، أم لا.

تصريحات مشابهة جاءت من حزب المعارضة الرئيسي، الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين تقليدي)، الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، ومن «شقيقه» الاتحاد المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا. وجاء على لسان النائب ألكسندر هوفمان، من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، قوله إن «الانتصار المرحلي لمجلة يمينية متطرّفة يظهر أن فيزر تصرّفت عبر قرارها المتسرّع بصورة معاكسة لحماية الديمقراطية».

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (رويترز)

المتطرفون يهزأون

أما حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف فقد هزأ من قرار الحظر، ودعت زعيمته أليس فايدل إلى إقالة فيزر على الفور. وللعلم، «البديل لألمانيا» حزب مصنّف يمينياً متطرفاً، ويتقدم باستطلاعات الرأي في الانتخابات المحلية المقرر تنظيمها بولايات ألمانية شرقية خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

مجلة «كومباكت» تؤيد بقوة الحزب المتطرف وتروّج لأفكاره، وغالباً ما تستضيف قادته وسياسييه. وفي هذه الأثناء، يثير تقدّم هذا الحزب في ولايات شرق البلاد الشرقية قلق الأحزاب الألمانية التي تعهدت كلها برفض التحالف معه حتى على الصعيد المحلي. وجاء كثير من انتقادات السياسيين لقرار فيزر، بسبب المخاوف من أن يترك حظر المجلة تأثيراً عكسياً على الناخبين، ويتسبّب بدفعة تعاطف إضافية للحزب المتطرف.

مع هذا، ظلت الوزيرة فيزر مصرّة على أنها اتخذت القرار الصائب، ووصفت قرار المحكمة التي تلقت طعناً قانونياً من المجلة، بأنه «ضروري في الديمقراطيات»، لكنها أكدت أن الداخلية «ستثبت للمحكمة بأن قرارها صائب».

ما يُذكر أن فيزر استندت في قرار الحظر إلى القوانين التي تُجيز منع الجمعيات ويمكن تطبيقه على شركات «في ظروف خاصة». وهي في قرار الحظر، لم تستهدف فقط المجلة، بل أيضاً الشركة التي تملك المجلة. ويسمح القانون بحظر الشركات التي «تعمل بصورة مخالفة للدستور».

ووصفت الوزيرة المجلة بأنها «قومية وتعتمد على مبدأ إثني اجتماعي، وتسعى لإبعاد الإثنيين الأجانب عن الدولة، الأمر الذي يتجاهل كرامة الناس الذين لا تنطبق عليهم أوصاف هذا المبدأ الإثني». أكثر من هذا، أورد قرار الحظر كذلك أن المجلة تستخدم بشكل متكرّر «خطاب المقاومة والثورة، وتروّج بشكل عدواني للانقلاب على النظام السياسي»، وهو ما يمكن «أن يشجع القراء على التصرف ضد الدستور».

يقدّر عدد قراء المجلة بنحو 40 ألفاً وهي تنشر على الإنترنت وتطبع بشكل شهري ولديها قناة على «يوتيوب» تبث عليها برامج أسبوعية

خلفيات عن «كومباكت»

جدير بالذكر، أنه سبق للاستخبارات الألمانية أن مجلة «كومباكت» من قبل بأنها «يمينية متطرفة» عام 2021، وهي تخضع للمراقبة منذ ذلك الحين. وراهناً، يقدّر عدد قراء المجلة بنحو 40 ألفاً، وهي تنشر على الإنترنت وتطبع أيضاً بشكل شهري، ولديها كذلك قناة على «يوتيوب» تبث عليها برامج أسبوعية. ومن «ضيوفها» وكتّابها الدائمين مارتن سيلنر، النمساوي اليميني المتطرف الذي كان شارك في اجتماع سرّي كشفه الإعلام الألماني نهاية العام الماضي بألمانيا، وناقش ترحيل ملايين المهاجرين من حملة الجنسية الألمانية. ولقد شارك سيلنر في ذلك الاجتماع، الذي ذكّر باجتماع النازيين لبحث «الحل النهائي» الذي سبق محرقة «الهولوكوست»، سياسيون من حزب «البديل لألمانيا».

أسّس «كومباكت» يورغن إيلاسر عام 2010 في برلين، وهو رئيس تحريرها منذ ذلك الحين، ولقد داهمت الشرطة منزله يوم إعلام حظر المجلة. وإبّان أزمة اللاجئين عام 2015، نشرت المجلة على غلافها صورة لأنجيلا ميركل وهي ترتدي الحجاب. ونشرت مقالاً تتهم فيه حكومة ميركل «بإغراق ألمانيا بشكل منهجي وخلط جيناتها بثقافات أجنبية بهدف تقليص الذكاء العام للشعب».

من جهة ثانية، منذ الحرب في أوكرانيا، اعتمدت المجلة خطاباً شبيهاً بخطاب اليمين المتطرف معادياً لأوكرانيا ومؤيداً لروسيا. وقبل فترة قصيرة، نشرت موضوعاً تحت عنوان «مجرمو حرب: كيف يخطّط جنرالات ألمان لاعتداء على روسيا». وبالتوازي، تصف المجلة سياسيين من حزب «البديل لألمانيا» مقرّبين من روسيا والصين، مثل ماكسيمليان كراه - الذي اعتقل مساعده بتهمة التجسس للصين - بأنهم «وطنيون تشوه سمعتهم بتهم التخوين». وقبل سنة تقريباً كتب إيلاسر نفسه مقالة قال فيها: «إننا، ببساطة، نريد الانقلاب على النظام». وهذه كلها مقاطع ستعتمدها وزارة الداخلية لتبرير قرار الحظر أمام المحكمة، وتأمل في أن تقبل بها وتعدّها كافية لتأكيد قرارها.

ولكن، في حال خسارة الوزارة القضية، ستكون وزيرة الداخلية أمام أزمة حقيقية قد تدفعها فعلاً إلى الاستقالة. وبالتالي، سيستخدم اليمين المتطرف، حتماً، قرار الحظر ثم سيلغيه لتحقيق مكاسب إضافية بعدما أصبح الحزب ثاني أقوى أحزاب البلاد بنسبة تأييد تتراوح بين 17 في المائة و19 في المائة، بعد الاتحاد الديمقراطي المسيحي، مع أنه قبل بضع سنوات لم تكن نسبة تأييده على الصعيد الوطني تتجاوز 11 في المائة.