تلجأ المؤسسات الدولية وكبار المستثمرين إلى شراء سندات بعض الدول المهمة مثل الدول أوروبية، حتى بعض الدول الأفريقية، لضمان مردود مغرٍ يحميهم من تقلبات الأسواق المالية. لكن التحليلات الألمانية بشأن ديناميكية هذه السندات تشير إلى تقلص مردودها شيئاً فشيئاً على مرّ السنين.
في هذا الصدد تقول سيلفانا مولر، وهي خبيرة ألمانية في بورصة فرانكفورت، إن ظاهرة التراجع التدريجي في مردود السندات ظاهرة مالية عرفتها معظم الأوراق المالية التابعة للدول الغربية. فالسندات الألمانية التي تستحق بعد عشرة أعوام كان عائدها في نهاية ثمانينيات القرن الماضي عادة ما يرسو على 9 في المائة.
وبدأ مردود السندات الألمانية تراجعه عاماً تلو الآخر. وتكمن المشكلة في تلك السندات التي تُستحق بعد وقت طويل في أن الضغوط على مبيعاتها تتجاوز بكثير حركة الإقبال على شرائها.
بدورها تقلّد سندات الدولتين الإيطالية والفرنسية ما يحصل مع نظيرتها الألمانية. وكلما تتشابك المشكلات السياسية بعضها ببعض كلما كان مفعولها سلبياً على هذا المردود.
وتضيف هذه الخبيرة أن الضغط التاريخي على مردود السندات يعود إلى عدة أسباب واكبت تباطؤ التضخم في الدول الصناعية، حيث توجد صلة وصل مباشرة بين هذا المردود والتوقعات حول مؤشر الأسعار في الأسواق الاستهلاكية الدولية. وعندما تكون هذه التوقعات متشائمة يتعرّض هذا المردود لانتكاسة.
في سياق متصل، يشير الخبير الاقتصادي الألماني ألبيرت شتاينر في برلين إلى أن عوامل جديدة ساعدت في تبريد تكاليف المعيشة، في مقدمتها رقمنة الاقتصاد العالمي. ففي قطاع بيع وشراء السلع كان للتجارة الإلكترونية دور رائد في التخلص من مطبات الوسطاء وتكاليفهم. كما أن ارتفاع نسبة الشيخوخة في الدول الغربية، وبالتالي ارتفاع معدل الحياة لدى المواطنين الغربيين له دور جدير بالذكر في احتواء التضخم، بما أن الحركة الاستهلاكية لدى المسنين ضعيفة نسبياً.
ويشدد الخبير شتاينر على أن التضخم يرافق مؤشر النمو الاقتصادي العالمي بصورة غير مؤذية حالياً، ما يجعل أغلب خبراء الاقتصاد الدوليين مطمئنين لهذه المعادلة. صحيح أن مردود السندات الدولية، ومن ضمنها السندات الألمانية، ابتعدت كثيراً عن أحوالها السابقة. لكن معدل تأرجحها اليوم صعوداً وهبوطاً ليس إلا بالقليل. وهذا دليل مهم على أن اقتصاديات الدول الغربية بدأت تفقد قوتها. من جهة ثانية، لا يستبعد المراقبون الماليون عودة مردود هذه السندات إلى مجدها السابق، إن تعرّضت الأسواق المالية لصدمة قاسية فجائية مثل إفلاس أحد المصارف العملاقة، أو اشتعال الحرب بين دولتين صناعيتين، أو قيام صناديق التحوط بمضاربات مالية عملاقة في غاية الخطورة في قطاعات حيوية مثل أسواق الصرف أو قطاع السندات الخاصة.
لكن برأيه، التضخم بات بعيداً كل البعد عن أي عامل قد يؤثر على مجرى مردود السندات الدولية.
السندات الأوروبية تفقد بريقها مع تراجع عوائدها
السندات الأوروبية تفقد بريقها مع تراجع عوائدها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة