جنبلاط يحذر من التخلي عن الطائف... والحريري يرفض {إيحاءاته}

حضر اجتماع «اللقاء الديمقراطي» في كليمنصو وتوعد بمواجهة من داخل الحكومة

الاجتماع الاستثنائي لكتلة اللقاء الديمقراطي بحضور وليد جنبلاط وبدا نجله تيمور في الوسط (تويتر)
الاجتماع الاستثنائي لكتلة اللقاء الديمقراطي بحضور وليد جنبلاط وبدا نجله تيمور في الوسط (تويتر)
TT

جنبلاط يحذر من التخلي عن الطائف... والحريري يرفض {إيحاءاته}

الاجتماع الاستثنائي لكتلة اللقاء الديمقراطي بحضور وليد جنبلاط وبدا نجله تيمور في الوسط (تويتر)
الاجتماع الاستثنائي لكتلة اللقاء الديمقراطي بحضور وليد جنبلاط وبدا نجله تيمور في الوسط (تويتر)

رأى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أن وضع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الخطوط العريضة للبيان الوزاري والمرحلة المقبلة بعد الإعلان عن تأليف الحكومة، «طعن بالطائف ولعب بالنار»، معتبراً أنه «إذا كان الحريري يريد التخلي عن الطائف فهذا يشكل أزمة كبرى في البلد»، مشدداً على «أننا لن نسحب وزراءنا من الحكومة وسيتولون ملفاتهم وسنواجه».
ولفت جنبلاط بعد اجتماع «اللقاء الديمقراطي» في كليمنصو أمس، إلى «أننا لاحظنا أحادية في تشكيل الحكومة وشبه غياب لمركز رئاسة الوزارة، وكأن باسيل وضع الخطوط العريضة للبيان الوزاري والمرحلة المقبلة بعد الإعلان عن تأليف الحكومة وهذا يطعن بالطائف ولعب بالنار».
وكشف جنبلاط عن أن وفداً من اللقاء سيزور رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري من أجل طرح السؤال: «الطائف إلى أين؟»، متمنياً أن يحصل من الحريري على جواب واضح، مضيفاً: «إذا كان الحريري يريد التخلي عن الطائف فهذا يشكل أزمة كبرى في البلد».
من ناحية أخرى، أشار جنبلاط إلى أن «التحالف الجديد فرض وزيرا لشؤون النازحين لونه سوري»، مؤكداً أننا «لن نتخلى عن موضوع حماية النازحين، ولن ننجر إلى رغبة الفريق السوري بإرسالهم إلى المحرقة والتعذيب في سوريا».
وجاءت تصريحات جنبلاط في أعقاب أزمة مع رئيس الحكومة سعد الحريري، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إثر تشكيل الحكومة.
وفيما يتعلق بقضية الضابط وائل ملاعب الذي وضعه مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بتصرف الديوان، أكد جنبلاط أنه مع القانون لكنه تمنى على مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان إزالة كل الفساد في مديريته، وأن يكون التحقيق مع ملاعب شفافاً، ودعاه «إذا استطاع، إلى ضبط الفضائح الكبرى في مطار بيروت، حيث هناك توازنات إقليمية ربما».
وكان المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، أصدر قراراً قضى بإقالة 5 ضباط في المؤسسة ينتمون إلى كلّ الطوائف من مراكزهم في ملفات فساد متهمين بارتكابها، ووضعهم بتصرّف ديوان المدير العام، وأعطى الإذن للنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون للبدء بملاحقتهم قضائياً، بجرائم تتعلق بالفساد وقبض رشاوى وتسهيل أعمال شبكات الدعارة، ومساعدة مطلوبين للقضاء على الفرار وحمايتهم من القبض عليهم.
وهاجم جنبلاط القرار بحق الضابط ملاعب، قائلاً: «ينتقمون منّا بإزاحة العقيد وائل ملاعب، لكنهم يعجزون أمام فوضى المطار والمصالح المتعددة».
لكن مصادر مقربة من اللواء عثمان، وتوضيحاً للمغالطات بشأن موضوع إعطائه الإذن بملاحقة عدد من الضباط المشتبه في تورطهم في ملفات فساد، أوضحت أن توقيت إحالتهم لا علاقة له بقريب أو من بعيد بالسياسة بل خلافا لذلك هو لمنع استغلال هذا الموضوع من أي طرف سياسي بوجه طرف آخر، وأن التوقيت مرتبط فقط باكتمال عقد المؤسسات مع تشكيل الحكومة الجديدة، خاصة أن الجميع يعرف التجاذبات التي رافقت عملية التأليف. وشددت المصادر على أن موضوع المحاسبة في قوى الأمن سيستمر ضمن مبدأ الثواب والعقاب للنهوض بهذه المؤسسة إلى مصاف المؤسسات الحديثة.
وحول الأزمة التي أثارها مقطع تلفزيوني عرض على قناة «الجديد» مساء الجمعة، ودفعت مناصري «الاشتراكي» للاحتجاج، وإقدام أحدهم على رمي قنبلة على مبنى القناة، أكد جنبلاط أمس أنه ضد التعدي الذي حصل على قناة «الجديد»، لكنه كشف أنه سيتقدم بدعوى قضائية ضد القناة، مشيراً إلى أن «المرتكب موجود ولاحقاً أرى الظرف المناسب لتسليمه»، لافتاً إلى أن «هناك شرائح معينة لا تقبل المس برموز، لأن هناك تحريضاً حصل على السلم الداخلي». ولاحقاً رد المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على جنبلاط من دون أن يسميه، مؤكداً أن رئاسة مجلس الوزراء في ضوء ما يصدر من مواقف وتعليقات حول عملية تشكيل الحكومة، «لا تجد في الكلام الذي يحاول النيل من دورها ومكانتها وأدائها في معالجة الأزمة الحكومية، سوى محاولة غير بريئة للاصطياد في المياه العكرة، والتعويض عن المشكلات التي يعانيها أصحاب هذا الكلام والتنازلات التي كانوا أول المتبرعين في تقديمها».
وأضافت: «من المفيد أن يدرك كل من يعنيه الأمر، أن رئاسة مجلس الوزراء، المؤتمنة على الطائف وعلى الصلاحيات التي أوكلها إليها الدستور، لن تكون مكسر عصا أو فشة خلق لأحد، وهي لا تحتاج إلى دروس بالأصول والموجبات الدستورية من أي شخص، ولن يكون المجدي لأي كان تزوير الوقائع، لا سيما ما يتعلق بإعداد البيان الوزاري، والإيحاءات التي تحاول تعكير المسار الحكومي بدعوى العمل على تصحيح الأوضاع».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.