توقيف عنصري أمن واستدعاء آخرين على خلفية إشكال في مطار بيروت

القضاء يحقق في ملابسات خبر كاذب عن «حقيبة مشبوهة» لقائد الجيش

عملية مسح الحقائب في مطار بيروت (الشرق الأوسط)
عملية مسح الحقائب في مطار بيروت (الشرق الأوسط)
TT

توقيف عنصري أمن واستدعاء آخرين على خلفية إشكال في مطار بيروت

عملية مسح الحقائب في مطار بيروت (الشرق الأوسط)
عملية مسح الحقائب في مطار بيروت (الشرق الأوسط)

تفاعل الإشكال الذي وقع داخل حرم «مطار رفيق الحريري الدولي» يوم السبت الماضي، بين عناصر من جهاز أمن المطار وآخرين من الجمارك، قضائياً وأمنياً وحتى سياسياً، إذ وسّع القضاء العسكري نطاق التحقيق والملاحقة القضائية ليطال أحد الصحافيين، على خلفية ترويج أخبار ومعلومات كاذبة، أفادت بأن «الإشكال وقع إثر رفض جهاز أمن المطار تفتيش حقيبة مشبوهة عائدة لقائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، وعدم السماح بوضعها على آلة السكانر»، قبل أن يتبيّن أن الحقيبة تعود إلى مدير عام في إحدى الوزارات وخالية من أي مواد ممنوعة.
وعلى أثر الضجة التي أحدثها الإشكال، أصدرت قيادة جهاز أمن المطار بياناً أوضحت فيه أن «الحقيبة التي تم تفتيشها في المطار لا تعود لقائد الجيش، كما ذكرت بعض وسائل الإعلام». وأعلنت أنها «تعود للسيد هاشم حيدر (أمين عام اتحاد كرة القدم اللبناني ومدير عام مجلس الجنوب) الذي يسافر منذ سنوات عبر صالون الشرف لقاء دفع بدل، وتمت مراجعة القضاء العسكري الذي طلب فتح تحقيق في الحادث».
وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، «وضع يده على القضية، وفتح تحقيقاً فورياً لمعرفة ملابسات الحادث والمتسببين فيه». وأكد أن جرمانوس «أمر بتوقيف عنصرين من جهاز أمن المطار على ذمة التحقيق للاشتباه بدورهما في الإشكال، واستدعى أشخاصاً آخرين للمثول أمامه». وأشارت إلى أنه «سيصار إلى استدعاء ضابط في الجمارك شارك في الإشكال لاستجوابه، والتحقق مما إذا كانت له علاقة بدس الخبر الكاذب، الذي يزعم أن الحقيبة التي تسببت بالخلاف عائدة لقائد الجيش».
هذا الحادث لم يكن حالة فريدة في «مطار رفيق الحريري الدولي»، إذ سبقته إشكالات مماثلة بين عناصر من وحدات أمنية متعددة، تعمل كلّها ضمن جهاز أمن المطار والخاضعة بكليتها لسلطة وزارة الداخلية، بسبب سوء التنسيق بين هذه الوحدات، وحوادث أخرى بين بعض الأجهزة ومسافرين من جنسيات لبنانية وغير لبنانية.
واستكمالاً للإجراءات القضائية، سطّر مفوض الحكومة القاضي بيتر جرمانوس، بلاغ بحث وتحرّ لمدة شهر بحق الصحافي ميشال قنبور، ناشر موقع «ليبانون ديبيت» الإخباري، على خلفية الخبر الذي نشره الموقع، وزعم أن الحقيبة عائدة لقائد الجيش، وذلك بجرم «الافتراء والمس بمعنويات الجيش اللبناني وقيادته، ونشر معلومات كاذبة عنه، والاستمرار في خلق أجواء تشوّه سمعة مطار رفيق الحريري الدولي أمام اللبنانيين والمجتمع الدولي».
ويأتي صدور بلاغ البحث والتحرّي، بعد استدعاء قنبور للتحقيق معه أمام مخابرات الجيش والشرطة العسكرية، ورفضه المثول أمامهما للإدلاء بإفادته، باعتبار أن «الجرم المفترض أن تعود صلاحية التحقيق فيه إلى المحكمة الناظرة بجرائم المطبوعات، وليس من اختصاص المخابرات والأجهزة الأمنية».
لكنّ مصادر مطلعة على مسار القضية، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما نشر وتمّ ترويجه، لا يعدو كونه خبراً كاذباً فحسب، بقدر ما هو اتهام مباشر لقائد الجيش اللبناني بمحاولة إدخال حقيبة تحتوي مخدرات أو مواداً مشبوهة، والترويج بأن قائد الجيش يريد تمرير حقيبة من دون تفتيشها، علماً بأن الحقيبة كانت خضعت للتفتيش قبل وقوع الإشكال». الدعوى القضائية التي حرّكها القضاء العسكري ضدّ صاحب موقع «ليبانون ديبايت» هي الثانية في أقلّ من أسبوع، حيث ادعى القاضي بيتر جرمانوس يوم الخميس الماضي على صحيفة لبنانية، على خلفية مقال نشرته. واسند فيه جرمانوس إلى المدعى عليهم ارتكابهم جرم «القدح والذم بالجيش اللبناني ونشر أخبار كاذبة والتشهير بالمؤسسة العسكرية». وأحالهم على محكمة المطبوعات لمحاكمتهم.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.