يمنيون ينتقدون «التراخي الأممي» إزاء الخروقات

TT

يمنيون ينتقدون «التراخي الأممي» إزاء الخروقات

تزايدت المواقف اليمنية الرسمية والشعبية الرافضة للصمت الأممي تجاه ما تمارسه ميليشيات الحوثي الإيرانية من انتهاكات تهدف إلى إفشال اتفاق ستوكهولم (السويد)، وتجاهل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث كل تلك الخروقات في مدينة الحديدة على وجه الخصوص.
زاد من حدة استنكار مواقف المبعوث الأممي، التصريح الذي نشره مكتبه يوم الاثنين 28 يناير(كانون الثاني) قال فيه إن طرفي اتفاق السويد (الحكومة والحوثي) «ملتزمان باتفاق ستوكهولم، ومنخرطان بشكل إيجابي وبناء من أجل العمل على تنفيذ الاتفاق»، وهو ما يتعارض مع الوقائع على الأرض وفقاً لمصادر حكومية، «فلا تزال الانتهاكات الحوثية في تصاعد مستمر، دون تحقيق أي تقدم في الملفات المتفق عليها في المشاورات بما في ذلك الملف الإنساني الأبرز (ملف الأسرى والمختطفين)».
على المستوى الرسمي هناك مواقف داخلية رافضة للدور الذي يمارسه المبعوث الأممي وتعامله الذي وصفته بـ«الناعم» تجاه انتهاكات ميليشيات الحوثي وخرقها اتفاق ستوكهولم، بداية بلقاء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومطالبته بوضع النقاط على الحروف، وإحاطة المجتمع الدولي بمكامن القصور، ومن يضع العراقيل أمام خطوات السلام، وفرص نجاحها، في إشارة إلى تعنت الانقلابيين، وعدم وفائهم على الدوام بتنفيذ أي اتفاق، ومسيرتهم وتجاربهم السابقة تؤكد هذا.
وتأكيداً لما ذكره الرئيس هادي في لقائه غرد مدير مكتب الرئاسة الدكتور عبد الله العليمي بقوله: «إن التراخي في تنفيذ الاتفاق، وغياب الوضوح في تسمية المعرقلين، يشجع هذه الاستفزازات، ويدفع بالأمور إلى الفشل. ويضيف العليمي في تغريدات على صفحته بـ«تويتر»: «منذ وصول الجنرال باتريك إلى اليمن ولا تزال الأمور كما لو أنها في يومها الأول، ولم نحصل على آلية مزمَّنة لتنفيذ الاتفاق، يعرقل الحوثيون الاتفاقات، وتقدم الحكومة عملاً مسؤولاً، ولا تقارير توضح العرقلة، ولا شهادات لحسن التعامل».
ويرى وزير الأوقاف والإرشاد الدكتور أحمد عطية، أن ما تمارسه ميليشيا الحوثي من نقض للاتفاقيات وخرق للهدنة في الحديدة يمثِّل جريمة تدينها الأعراف الدولية، والتقاليد المجتمعية، والأديان السماوية، مؤكداً أن الشعب اليمني يستغرب من تواطؤ منظمات الأمم المتحدة تجاه انتهاكات الحوثي ضد حقوق الإنسان في اليمن. وأضاف قائلاً: «نريد ولو لمرة واحدة أن تكون الأمم المتحدة منصفة وواضحة في الملف اليمني، وتعلن من المعرقل لعملية السلام».
أما وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب فتح فقد غرد قائلاً: «غريفيث يمدد، والأمين العام يقدم الوعود، والميليشيات تحفر الخنادق وتنتهك التمديد. يعطوننا بيانات ووعود ويعطونها مواقف وعهود، مدرسة حوار الملف النووي الإيراني تتكرر وبنفس الخطوات».
على المستوى الشعبي هناك حالة غضب واستنكار تجاه الدور الذي تمارسه المنظمات الأممية مع الميليشيات، وعلى وجه الخصوص الشبهات التي تدور حول أداء المبعوث الأممي تجاه الانتهاكات الصارخة التي تمارسها الميليشيات الحوثية.
الناشط جعبل طعيمان انتقد المبعوث بالقول: «أنت تعرف أن الميليشيات الحوثية كسرت الاتفاقيات المحلية والدولية، لقد أظهرت الأمم المتحدة أنها راضية عن الانقلاب المسلح»، بينما يرى ماجد عبد الرحمن، وهو من المغردين الذين ينشرون بكثافة عن أداء غريفيث، أن أداء المبعوث «ملتزم بحماية الميليشيات الحوثية وإنقاذها من أي مأزق تقع فيه، ولا يهتم بمعاناة اليمنيين من جرائم وانتهاكات الميليشيات الحوثية، بل ولديه الاستعداد الكامل للتغطية عنها بكل الوسائل لتنفيذ الأجندة الخاصة به».
وبصوت مرتفع يقول السياسي اليمني علي البخيتي: «أبلغوا السيد غريفيث أن الكيل طفح، وأننا مللنا من تصريحاته الإنشائية ذات العبارات المطاطية؛ عليه أن يكون واضحاً، ويحدد من يعرقل الحل؛ ليتم الضغط عليه. بلدنا يضيع، والمبعوث ومكتبه يبيعون لنا الوهم».
في السياق ذاته، أطلق ناشطون يمنيون على وسائل التواصل الاجتماعي حملة للمطالبة بتغيير المبعوث الأممي مارتن غريفيث بسبب تواطئه مع الميليشيات الحوثية، وعدم تحديد الطرف المعرقل لاتفاق ستوكهولم. عبد الله إسماعيل الكاتب اليمني يقول «إن رفض المبعوث الأممي إعلان الحوثيين معرقلين لتنفيذ اتفاق السويد يضعه في خانة المشجع لسلوك الميليشيا، ويجعله جزءاً من الأزمة وليس جزءاً من الحل».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.