أفريقيا الوسطى تعلن التوصل إلى اتفاق سلام خلال محادثات الخرطوم

دورية تابعة لقوات الأمم المتحدة في شوارع بانغي (ا.ب)
دورية تابعة لقوات الأمم المتحدة في شوارع بانغي (ا.ب)
TT

أفريقيا الوسطى تعلن التوصل إلى اتفاق سلام خلال محادثات الخرطوم

دورية تابعة لقوات الأمم المتحدة في شوارع بانغي (ا.ب)
دورية تابعة لقوات الأمم المتحدة في شوارع بانغي (ا.ب)

توصّلت حكومة أفريقيا الوسطى و14 مجموعة مسلّحة يوم أمس (السبت)، إلى اتفاق سلام من أجل وضع حدٍّ لنزاعٍ دام أسفر عن مقتل الآلاف، بحسب ما أعلنت الأطراف المتنازعة وجهة وسيطة.
وأعلنت حكومة الرئيس فوستان اركانج تواديرا عبر "تويتر"، التوصّل لاتّفاق غداة تعليق المحادثات التي تجرى في الخرطوم برعاية الأمم المتحدة، بسبب خلافات، خصوصاً حول مسألة العفو عن المسؤولين عن ارتكاب جرائم.
وأعلنت الحكومة أنه "تم التوصل إلى اتفاق سلام في الخرطوم"، مؤكدة أنه "سيتم التوقيع عليه بالأحرف الأولى غداً" ثم يوقع "في بانغي بعد أيام".
وأكد مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي إسماعيل شرقي عبر "تويتر" أيضاً، التوصل إلى الاتفاق بين "الحكومة والمجموعات المسلحة الـ14" الممثلة في مفاوضات الخرطوم.
من جهته قال أبو بكر الصديق الناطق باسم أبرز المجموعات المسلحة (الجبهة الشعبية لنهضة أفريقيا الوسطى): "نبارك التوصل إلى توافق حول النقاط العالقة التي كانت حول العفو وحكومة شاملة".
ويعد هذا الاتفاق، هو اتفاق السلام السابع الذي يتم التوصل إليه منذ العام 2012.
وكانت مفاوضات السلام بين أطراف أفريقيا الوسطى بدأت في الخرطوم في 24 يناير (كانون الثاني).
وتوقفت مباحثات السلام عدة مرات بسبب بعض القضايا العالقة والخلافية على رأسها مطالبة المتمردين بعفو عن الجرائم المرتبكة أثناء النزاع.
وطالبت المجموعات المسلحة أيضا بحلّ الحكومة الحالية وتشكيل حكومة مؤقتة يقودها شخص من جانبهم، بحسب ما جاء في وثيقة اطّلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية.
وبضغط من شركائها الغربيين، رفضت بانغي على الدوام العفو عن زعماء الحرب الذين يخضع العديد منهم لعقوبات دولية أو تتهمهم تقارير أممية بانتهاك حقوق الإنسان.
وشُكلت محكمة جنائية خاصة في بانغي لمحاكمة الأشخاص المتّهمين بارتكاب جرائم حرب في البلاد منذ العام 2003، إلا أنها لم تحقق أي نتائج ملموسة بعد.
ومنذ انطلاق المباحثات، نفذت مجموعة "الاتحاد من أجل السلام" المسلحة، أحد أبرز فصائل تحالف التمرد السابق سيليكا الذي أطاح بنظام الرئيس بوزيزي في 2013، عدة اعتداءات في وسط البلاد.
ولم تؤد اتفاقيات السلام الست السابقة بين الأطراف المتنازعة إلى استعادة الاستقرار في هذا البلد الإفريقي المضطرب.
وتنشر الأمم المتحدة نحو 12 ألف جندي من قوات حفظ السلام في هذه المستعمرة الفرنسية السابقة.
لكن منظمة العفو الدولية انتقدت فشل القوات الأممية في وقف اعتداء للمتمرّدين أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص في مخيم للنازحين في مدينة ألينداو في وسط البلاد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وتعد جمهورية أفريقيا الوسطى من أفقر دول العالم رغم مواردها المنجمية الغنية مثل الذهب والماس. وتبذل جهوداً مضنية لتخطي حرب أهلية اندلعت عام 2013 في أعقاب الإطاحة بالرئيس المسيحي فرنسوا بوزيزيه، على يد متمردي سيليكا وغالبيتهم من المسلمين.
وانتقاماً لبوزيزي، شكّل المسيحيون، الذين يشكّلون 80 في المائة من عدد السكان، وحدات أمنيّة سمّوها "انتي بالاكا" في إشارة إلى منجل محلي يستخدمه متمرّدو سيليكا.
وقتل آلاف الأشخاص في هذا النزاع، فيما شردت أعمال العنف ربع سكان جمهورية أفريقيا الوسطى البالغ عددهم 4,5 ملايين نسمة.



بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.