تفاهم أميركي ـ تركي على «المنطقة الأمنية»... وواشنطن تتمسك بقاعدة التنف لمواجهة ايران

تنشر اهم نقاط الاتفاق والخلاف... وخطوات روسية للضغط على أنقرة

نقطة مراقبة في ريف حلب فوقها أعلام روسيا وسوريا ومجلس الباب العسكري المدعوم من واشنطن (الشرق الأوسط)
نقطة مراقبة في ريف حلب فوقها أعلام روسيا وسوريا ومجلس الباب العسكري المدعوم من واشنطن (الشرق الأوسط)
TT

تفاهم أميركي ـ تركي على «المنطقة الأمنية»... وواشنطن تتمسك بقاعدة التنف لمواجهة ايران

نقطة مراقبة في ريف حلب فوقها أعلام روسيا وسوريا ومجلس الباب العسكري المدعوم من واشنطن (الشرق الأوسط)
نقطة مراقبة في ريف حلب فوقها أعلام روسيا وسوريا ومجلس الباب العسكري المدعوم من واشنطن (الشرق الأوسط)

تطورت ملامح التفاهم الأميركي – التركي حول «المنطقة الأمنية» شمال شرقي سوريا، لكن الأيام المقبلة ستكون حاسمة للوصول إلى اتفاق نهائي بين واشنطن وأنقرة من جهة وتحديد دور «المراقبين» الأوروبيين في «المنطقة الأمنية» وحماية الأكراد من جهة أخرى بالتزامن مع جس نبض روسي لتركيا إزاء تفعيل «اتفاق أضنة» بين دمشق وأنقرة.
وتعقد في واشنطن الثلاثاء المقبل، اجتماعات اللجنة الأميركية - التركية على مستوى كبار الموظفين قبل لقاء وزير الخارجية مايك بومبيو ومولود جاويش أوغلو على هامش المؤتمر الوزاري للتحالف الدولي ضد «داعش» في اليوم اللاحق، لحل «العقد» أمام «خريطة الطريق» الجديدة بين الطرفين.
وسيكون المؤتمر أساسيا باعتبار أن ممثلي 79 دولة سيشاركون في أول اجتماع موسع ورفيع منذ قرار الرئيس دونالد ترمب في 14 ديسمبر (كانون الأول) الانسحاب من سوريا وقرب القضاء على «داعش»، واتفاقه مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان على تشكيل «منطقة آمنة» وتفاهمه (ترمب) مع نظيره الفرنسي مانويل ماكرون على «حماية الأكراد» ثم عودته للاتصال بإردوغان في 23 ديسمبر (كانون الأول) (كانون الأول) وطلب «حماية الأكراد».

- «خريطة» جديدة
على ماذا اتفقت واشنطن وأنقرة؟ بعد اتصال ترمب - إردوغان وإعلان «مفاجأة الانسحاب»، زار مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ومسؤول الملف السوري جيمس جيفري وقائد الأركان جون دونفورد أنقرة قبل لقاء الأخير مع نظيره التركي على هامش مؤتمر «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) في بروكسل واتصالات بومبيو - جاويش أوغلو.
الخلاف الأول، كان على اسم المنطقة إلى أن حسم لصالح أنقرة بأن تسمى «منطقة أمنية» حماية للأمن القومي التركي وليس «منطقة عازلة» أو «آمنة» بينها وبين الأكراد.
هناك اتفاق واضح أيضا على نقطتين: أن يكون عمق المنطقة 20 ميلاً، أي بين 30 و32 كيلومترا وأن تكون خالية من السلاح الثقيل والقواعد العسكرية في أيدي «وحدات حماية الشعب» الكردية.
أنقرة تريد إخراج نحو سبعة آلاف «مقاتل نواة صلبة» من «وحدات حماية الشعب» الكردية إلى خارج «المنطقة الأمنية»، على أن يحل محلهم مقاتلون من «البيشمركة» من المقاتلين والمنشقين الأكراد السوريين الموجودين في كردستان العراق بدعم من رئيس الإقليم مسعود بارزاني، إضافة إلى مقاتلين عرب سيوفرهم رئيس «تيار الغد» أحمد الجربا الذي كرر زياراته إلى أنقرة وأربيل. أنقرة تريد حرية التحرك في هذه المنطقة لـ«ملاحقة الإرهابيين». كما ترفض حالياً أي وجود لقوات الحكومة السورية وتقترح مجالس محلية منتخبة من السكان الأصليين، إضافة إلى إعادة لاجئين إلى الشمال السوري.
هناك رغبة أميركية – تركية بنسخ تجربة «خريطة الطريق» الخاصة بمنبج (إخراج مقاتلي الوحدات من المدينة، دوريات مشتركة، تنسيق أمني، مجالس محلية منتخبة خالية من أنصار الوحدات الكردية) في شرق الفرات بدءا من «المنطقة الامنية». لكن هناك «عقدا» موضع نقاش، إذ أن واشنطن تقترح أن يشمل الإبعاد فقط المقاتلين الأكراد غير السوريين والمحسوبين على «حزب العمال الكردستاني» بزعامة عبد الله أوجلان ذلك ضمن تصور أوسع تربطه بالعملية السياسية بين أنقرة و«حزب العمال».

- حذر أوروبي
لا تزال هناك سجالات مفتوحة إزاء الدور الأميركي في هذه «المنطقة الأمنية». وهنا يأتي الحديث عن الحوار القائم بين واشنطن وعواصم أوروبية. هل تقيم واشنطن وباريس ولندن في الصفحة نفسها؟
قرار ترمب الانسحاب فاجأ أيضا حلفاءه في أوروبا الذين سبق وأن استجابوا لدعوته في ربيع العام الماضي وزادوا مستوى الانخراط العسكري و«المشاركة في تحمل العبء» بإرسال قوات خاصة لتقاتل مع ألفي جندي أميركي تنظيم داعش. كما أن عددا من الدول بينها فرنسا، أرسلت دبلوماسيين وأقاموا إلى جانب الدبلوماسيين الأميركيين شرق الفرات.
فور وقوع «هول المفاجأة»، تواصل بولتون وبومبيو مع لندن وباريس. كما أن جيمس جيفري، الذي أصبح المبعوث الأميركي في التحالف الدولي ضد «داعش» خلفا لبريت ماكغورك، زار العاصمة الفرنسية قبل يومين. الرسالة الفرنسية، أن «موضوع حماية الأكراد أهم موضوع لدى الرأي العام الفرنسي لأنهم حلفاء وقاتلوا «داعش» نيابة عن الفرنسيين». ماكرون أبلغ الرسالة إلى ترمب. الرسالة الأميركية إلى الحلفاء الأوروبيين، هي: أميركا ستسحب القوات البرية في نهاية أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) كحد أقصى، يجب القضاء على «داعش» قبل ذلك، قاعدة التنف الأميركية ستبقى بعد الانسحاب لأنها مرتبطة بالضغط على موسكو ودمشق ومراقبة نفوذ إيران وقطع الطريق البري بين إيران وسوريا، ستوفر أميركا إمكانات عسكرية لحماية القاعدة، أميركا تريد بقاء قوات خاصة واستخبارات من الدول الحليفة شرق الفرات وأن تساهم في «المنطقة الأمنية»، في المقابل ستقدم أميركا الدعم الاستخباراتي وستستخدم قواتها في العراق للتدخل السريع ضد «داعش» أو أي تهديد، إضافة إلى احتمال كبير بالإبقاء على الحظر الجوي.
ظهرت معضلة هنا: أميركا تريد من حلفائها تعهد الالتزام العسكري كي تتمكن من المضي قدما بالحظر الجوي والدعم الاستخباراتي لـ«الأمنية» وجوارها والإبقاء على التنف. الدول الأوروبية تريد تعهدا أميركيا بالبقاء جوا واستخباراتيا وفي التنف، كي تستطيع المضي في بحث بقاء القوات الخاصة والاستخبارات. في الوقت نفسه، هناك حذر فرنسي – بريطاني إزاء إمكانية تنفيذ «الوعود» القادمة من مسـؤولين أميركيين لثلاثة أسباب: الأول، صعوبة الرهان على استقرار قرارات الإدارة الأميركية في ظل حكم ترمب. الثاني، روسيا (وطهران ودمشق) ستختبر أميركا مرات عدة كما أن موسكو ستعرقل ذلك عسكرياً. الثالث، عدم وجود تفويض من الكونغرس الأميركي للبقاء شرق سوريا بعد هزيمة «داعش».
هناك من يستند إلى إمكانية تبرير البقاء بـ«دعم القوات الأميركية في العراق»، غير أن أغلب الظن أن بعض الدول الأوروبية ستنسحب من شرق سوريا قبل الأميركيين.

- إغراء روسي
ضمن هذه السجالات، التي ستحتدم بين وزراء التحالف الدولي في واشنطن الأربعاء، ومحاولات إبرام اتفاق بين واشنطن وأنقرة من جهة والمفاوضات الحذرة بين أميركا وحلفائها من جهة ثانية، قامت موسكو ودمشق بهجوم مضاد. أوفدت العاصمة السورية مبعوثا إلى بارزاني لـ«فرملة» خيار إرسال «بيشمركة» من كردستان إلى شرق الفرات. ولوحظ امس قيام رئيس «هيئة التفاوض» المعارضة نصر الحريري بزيارة اربيل ولقاء بارزاني لدعم موقف انقرة.
كما مارست موسكو ضغوطا إعلامية على أنقرة في إدلب مع حشد دمشق قواتها شمال حماة بالتزامن مع اتهام تركيا بعدم تنفيذ اتفاق سوتشي في «مثلث الشمال».
تضمن الهجوم الروسي تشكيكا بجدية الانسحاب الأميركي وتقديم طلب خطي بتسلم قائمة بأمكنة وكمية السلاح الثقيل والقواعد الأميركية شرق سوريا وجدول زمني لخروجها أو تفكيكها أو تدميرها.
لكن الورقة الروسية الرئيسية كانت أن موسكو على الطاولة التركية «اتفاق أضنة» بين أنقرة ودمشق الذي يعود إلى العام 1998. بدلاً من خطة أميركية - تركية لـ«المنطقة الأمنية».
«اتفاق أضنة» يعطي أنقرة الحق بملاحقة «حزب العمال الكردستاني» لعمق 5 كيلومترات شمال سوريا، وتتخلى بموجبه دمشق عن أي مطالبة بحقوقها في لواء إسكندرون (إقليم هاتاي) الذي ضمّته تركيا في 1939. ويعني الاتفاق اعتراف أنقرة بشرعية الحكومة السورية؛ لأن تنفيذه يتطلب كثيراً من الإجراءات، بينها تشكيل لجنة مشتركة وتشغيل خط ساخن بين أجهزة الأمن، إضافة إلى اتصالات سياسية مباشرة، بدلاً من «اتصالات غير مباشرة» وإعادة تشغيل السفارة التركية في دمشق، والسفارة السورية في أنقرة باعتبار أن الاتفاق يتطلب تعيين ضابط ارتباط أمني في كل سفارة. كما يعني انتشار القوات الحكومية السورية على الحدود، والاعتراف بالحدود القائمة من البحر المتوسط إلى العراق.
أنقرة توازن بين عرضين: أميركي وروسي. لديها نافذة مفاضلة تستمر إلى حين إجراء الانتخابات المحلية في مارس المقبل وقرب الانتهاء من الانسحاب الأميركي في مايو والقضاء علـى «داعش». تحاول أنقرة الحصول على «الأفضل» من العرضين. لكن أغلب الظن، بحسب دبلوماسيين غربيين، فإن إردوغان لن يغضب قبل الانتخابات المحلية، ترمب الذي كان لوح بـ«تدمير الاقتصاد التركي» وهو سيلجأ ال] «قضم» قرى عربية شمال سوريا مثل تل ابيض وإلى «الحضن الروسي» بعد الانسحاب الأميركي للحصول على نسخة معدلة من «اتفاق أضنة». يعني ذلك: انتشار الشرطة الروسية وقيامها برعاية تنفيذ الاتفاق كما فعلت في الجولان بضمان تنفيذ «اتفاق فك الاشتباك» بين دمشق وتل أبيب، بحيث يتم إرجاء انتشار القوات الحكومية السورية مع الفصل بين «الوحدات» الكردية و«حزب العمال» في الشريط الحدودي مع ترتيبات لا مركزية بين «قلب شرق الفرات» الكردي في القامشلي و«قلب العروبة النابض» العربي في دمشق. أي، أن تكون هذه ترتيبات مؤقتة إلى حين نضوج ظروف حصول خطوات عسكرية وترتيبات بين أنقرة ودمشق.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.