بعد 13 عاماً على إعدامه... ما زال الجدل قائماً حول صدام حسين

TT

بعد 13 عاماً على إعدامه... ما زال الجدل قائماً حول صدام حسين

يثير تكرر مظاهر تمجيد الرئيس العراقي السابق صدام حسين جدلاً في العراق رغم مضي 13 عاماً على إعدامه. وفي هذا السياق، نفى مجلس القضاء الأعلى في العراق الأنباء التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي بشأن إصداره قراراً يتعلق بتجريم تمجيد الرئيس السابق الذي أعدم أواخر عام 2006. وكانت وكالات الأنباء ووسائل التواصل الاجتماعي وناشطون تداولوا خبراً مفاده أن مجلس القضاء الأعلى أصدر قراراً يقضي بالحكم بين 5 و10 سنوات على من يمجد صدام حسين.
وقال المركز الإعلامي في مجلس القضاء الأعلى في بيان له أمس، إن «تشريع أي قانون يتضمن تجريم فعل ما ومن ثم عقوبة ذلك الفعل هو من اختصاص مجلس النواب حصراً باعتباره الجهة المختصة بتشريع القوانين دستورياً». وأضاف البيان: «لا يوجد قانون إلى الآن بالوصف الذي تتداوله مواقع التواصل الاجتماعي». وكان فيديو انتشر أخيراً لشاعر في إحدى المحافظات الجنوبية من العراق خرج عن نص قصيدته وخاطب صدام بما معناه أنه «يكرهه ولكنه في الوقت نفسه يحبه لأسباب عددها في سياق قصيدته»، الأمر الذي ألهب حماس الجمهور في القاعة التي اشتعلت بالتصفيق. وحيث يظهر الفيديو اعتراض أحد الحضور على سلوك الشاعر في تمجيد رئيس النظام السابق، قال الشاعر ما مفاده: «لا أحد يزايد عليّ في الوطنية لأنني فقدت 16 شهيداً أعدمهم صدام».
وطبقاً لما جرى تداوله على نطاق واسع بشأن هذا الفيديو، فإن مدح شاعر متضرر من حقبة البعث (صدام حسين) يعكس مدى الإحباط الذي يعانيه الناس جراء الفشل الذي تعانيه العملية السياسية لجهة عدم تحقيق ما يتطابق مع حجم الآمال التي بنيت على عملية التغيير.
وبشأن نفي مجلس القضاء الأعلى إصداره تشريعاً يجرم تمجيد صدام، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجلس القضاء الأعلى ليس جهة تشريعية حتى يصدر قوانين أو قرارات بل هو جهة مهمتها تطبيق القانون». وأضاف أن «هناك قانوناً اسمه قانون حظر حزب البعث شرعه البرلمان العراقي يتضمن في بعض مواده عقوبات تصل إلى السجن مدداً معينة لمن يقوم بالترويج لحزب البعث، غير أنه من الناحية القانونية لا يوجد شيء حتى الآن يخص رئيس النظام السابق صدام حسين شخصياً». في السياق نفسه، دعا النائب في البرلمان العراقي عبد الإله النائلي، مجلس القضاء الأعلى، إلى تشكيل محكمة متخصصة لتطبيق قانون حظر حزب البعث. وقال النائلي في بيان أمس، إن «قانون حظر البعث النافذ يشير في نصوصه إلى أحكام قضائية واضحة بحق من يروج ويمجد البعث ورموزه». وأضاف البيان أن «مجلس القضاء الأعلى أصدر قراراً بخصوص الدكة العشائرية (إطلاق النار على منازل مطلوبين عشارياً) وهي لم يكن لها قانون بحيث عدها جرماً يعاقب عليه القانون، بينما قانون حظر حزب البعث نافذ وعلى جميع الجهات الالتزام به».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.