«التسوية الحكومية» تفاقم الخلاف بين جنبلاط والحريري

TT

«التسوية الحكومية» تفاقم الخلاف بين جنبلاط والحريري

يستمر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في انتقاد «التسوية الحكومية» وسياسة رئيس الحكومة سعد الحريري مروراً بملاحقة ضابط في قوى الأمن الداخلي محسوب عليه، وقال جنبلاط أمس: «ينتقمون منا بإزاحة العقيد وائل ملاعب، لكن يعجزون أمام فوضى المطار والمصالح المتعددة».
وكانت معلومات قد أشارت إلى أن مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان أعطى الإذن بملاحقة عدد من الضباط المشتبه في تورطهم في ملفات فساد، من بينهم ملاعب، فيما نفت مصادر مطلعة على الملف لـ«الشرق الأوسط» استهداف ملاعب، مؤكدة أن من تتم ملاحقتهم ينتمون إلى مختلف الطوائف.
وبعدما كان جنبلاط قد أعلن المواجهة بعد ساعات من تشكيل الحكومة، قائلاً: «الطوق السياسي سيزداد وسنواجه بكل هدوء»، وذهب وزير الصناعة، والقيادي في «الاشتراكي» وائل أبو فاعور إلى حد القول: «زرعوا الخناجر، الأقربون قبل الأبعدين في هذه الحكومة، وسنكسرها نصلاً تلو نصل لأن قدرنا الانتصار»، تشير مصادر مطلعة على موقفه، أن استياء رئيس «الاشتراكي» من سياسة الحريري تشمل مواضيع عدة، بدءاً من رفضه إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة بمبلغ 2700 مليار ليرة، قبل اتخاذ القرار في شأن إعلان الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، مروراً بما يعتبرها تسوية حكومية حصلت في فرنسا، وأخيرا تعيين وزير كان قد فشل في الانتخابات النيابية في منطقة الشوف من حصة «التيار الوطني الحر»، وهو وزير المهجرين غسان عطا الله، ومنح وزارة الدولة لشؤون النازحين إلى صالح الغريب ممثل رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» طلال أرسلان، لينقل بذلك هذا الملف إلى حلفاء النظام السوري بعدما كان من حصة «تيار المستقبل».
وأضيف إلى هذا الاستياء يوم أمس عامل إضافي، وظهر التوتر جلياً بين الحريري و«الاشتراكي» في جلسة مجلس الوزراء، وانعكس برودة بين وزراء الأخير ورئيس الحكومة، حيث تمثل العامل الجديد بتسمية الوزير صالح الغريب أيضاً، كدرزي ثانٍ إلى جانب وزير «الاشتراكي» أكرم شهيب، في لجنة صياغة البيان الوزاري بناء على طلب وزير الخارجية جبران باسيل، وهو ما يعتبر سابقة، يرفض جنبلاط تكريسها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.