ماكينات رواد الصناعة تواجه تحديات الركود

ماكينات رواد الصناعة تواجه تحديات الركود
TT

ماكينات رواد الصناعة تواجه تحديات الركود

ماكينات رواد الصناعة تواجه تحديات الركود

تشهد اقتصادات آسيوية وأوروبية كبرى ضعفا ملحوظا في النشاط الصناعي، ويرى خبراء أن تداعيات الحرب التجارية بين أميركا والصين وضعف الطلب العالمي، يفرضان على رواد الصناعة تحديات كبيرة، ورغم محاولات أميركا الحفاظ على نشاط صناعي أكثر انتعاشا عبر الحوافز الضريبية، يرى خبراء أن آثار هذه الحوافز لن تكون مستدامة.
وأظهرت بيانات صينية أخيرة ارتفاع مؤشر عن النشاط الصناعي بنحو 0.1 نقطة خلال يناير (كانون الثاني)، حيث زاد مؤشر مديري المشتريات الشهري، الصادر عن المكتب القومي للإحصاءات واتحاد الصين للوجيستيات والمشتريات، إلى 49.5 نقطة من 49.4 نقطة في الشهر السابق. لكن المؤشر ظل أقل من مستوى 50 نقطة الذي يعكس نمو النشاط.
وتأتي هذه النتائج في سياق من التباطؤ الاقتصادي، حيث تراجع النمو الصيني إلى أقل مستوياته في ثلاثة عقود خلال 2018 عند 6.6 في المائة، بعد أن انخفض النشاط خلال الربع الأخير من هذا العام إلى أقل مستوياته منذ الأزمة المالية في 2008.
ويأتي تراجع النمو رغم الجهود الحكومية لمكافحة التباطؤ عبر تحفيز البنوك على التوسع في الإقراض وتنشيط الأعمال الإنشائية العامة. ويعد النمو الصيني في الوقت الحالي منخفضا قياسا بمستوياته التاريخية، حيث وصل إلى 14 في المائة خلال 2007.
وهناك توقعات بأن يتجاوز النمو الاقتصادي في 2019 نسبة 6 في المائة، وهو ما يقل عن معدل النمو في السنة السابقة ويأتي مدفوعا بالإنفاق الحكومي الذي يغطي على التراجع الاقتصادي في بعض المناطق.
وتعد الحرب التجارية بين الصين وأميركا، التي تصاعدت بوتيرة متسارعة خلال العام الماضي مع فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوما متتالية على الواردات الصينية، أبرز العوامل الضاغطة على النشاط الصناعي الصيني بجانب التباطؤ الحالي في الاقتصاد العالمي.
وعكست بيانات الشهر الأخير من العام الماضي الآثار المباشرة لهذه الحرب على التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم، حيث انخفضت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بـ3.5 في المائة بينما تراجعت وارداتها من الولايات المتحدة بـ35.8 في المائة.
ولمواجهة الضغوط الأميركية ومخاطر الاقتصاد العالمي، يسعى قادة الصين لجعل البلاد أكثر اعتمادا على نفسها في خلق النمو، من خلال نشاط اقتصادي يعتمد على الإنفاق الاستهلاكي بدلا من التجارة.
ويعاني ثالث أكبر اقتصاد في العالم، اليابان، من آثار الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين، فالصين هي الشريك التجاري الأكبر من اليابان، وتستورد منها كثيرا من مدخلات الإنتاج.
وفي هذا السياق تراجعت صادرات اليابان خلال ديسمبر (كانون الأول) إلى أقل مستوى في عامين، وهناك مخاوف من أن يزيد تراجعها بشكل أكبر إذا ما فشلت المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة والصين واتجهت أميركا لزيادة الرسوم العقابية على الصادرات الصينية في مارس (آذار)، كما يهدد ترمب.
وعكست البيانات الأخيرة لمؤشر ماركيت نيكاي لمديري المشتريات الصناعية باليابان في يناير رؤية سلبية بشأن هذا القطاع، حيث تراجع المؤشر إلى 50.3 نقطة، مقابل 52.6 نقطة في ديسمبر.
ورغم أن المؤشر لايزال فوق مستوى الـ50 نقطة، وهو ما يعكس توسع القطاع، ولكن ضعف الصادرات والإنتاج يزيدان من التوقعات بأن المؤشر قد يتجه للتراجع في الفترة المقبلة.
وقال جو هايس، الاقتصادي في ماركيت، إن قراءة القطاع الصناعي في ثالث أكبر اقتصاد في العالم تعد أخبارا سيئة بشأن دورة التجارة العالمية في مطلع 2019.
وإذا ما أراد مصنعو اليابان الاستعاضة جزئيا عن السوق العالمية بالتوجه للسوق المحلية فإنهم يواجهون تحديات التباطؤ الداخلي.
وفي عام 2013 بدأ البنك المركزي في تطبيق سياسة تيسير نقدي تهدف إلى رفع التضخم إلى 2 في المائة في غضون عامين لتنشيط الطلب المحلي ومواجهة شبح الركود الاقتصادي.
لكن التضخم الياباني في الفترة التالية جاء أضعف مما كان البنك المركزي يأمل فيه وهو ما أجبره على المضي في برنامج التحفيز رغم آثاره السلبية.
لكن استطلاعا أخيرا لـ«رويترز»، يعكس قدرا من التفاؤل بالنمو الياباني، حيث رجح الخبراء أن يكون الاقتصاد تعافى نسبيا في الربع الأخير من العام السابق، مدفوعا بالإنفاق الرأسمالي والاستهلاك المحلي، بحيث يكون سجل نموا بـ1.4 في المائة، بعد انكماش بـ2.5 في المائة خلال الربع السابق.
ويمثل الاستهلاك الخاص نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي باليابان، ومن المتوقع أن تظهر البيانات اليابانية ارتفاعه بـ0.8 في المائة خلال الربع الرابع، بعد أن كان انكمش بـ0.2 في المائة في الربع السابق.
لكن الطلب المحلي الياباني يواجه تحديات خلال العام الحالي، مع مخططات الحكومة لزيادة ضرائب الاستهلاك في 2019.
وعلى الصعيد الأوروبي شهد النشاط الصناعي ضعفا خلال 2018 في معظم بلدان منطقة اليورو، مع تصاعد القلق بشأن تداعيات الحرب التجارية العالمية وهيمنة التباطؤ على الاقتصاد العالمي.
وتعد اختبارات الانبعاثات الجديدة أحد العوامل التي أثرت على إنتاج السيارات في أوروبا مؤخرا، حيث لم تتواءم معها بعد القوى الكبرى المنتجة في القارة، كما تراجعت مبيعات السيارات في الصين خلال العام الماضي لأول مرة منذ 1992. وهو ما يزيد من المخاوف بشأن حدود استفادة المصنعين الأوروبيين من أكبر سوق للسيارات في العالم.
وتراجع مؤشر مديري المشتريات الصناعية الصادر عن ماركيت بشأن منطقة اليورو في يناير إلى 50.5 نقطة، مقابل 51.4 نقطة في الشهر السابق، وهي أقل قراءة للمؤشر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014.
وعكست بيانات ماركيت استمرار الضعف في قطاع السلع الوسيطة خلال بداية العام، بينما تدهورت ظروف التشغيل في قطاع السلع الرأسمالية لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2013.
واللافت أن أكبر أربعة اقتصادات في منطقة اليورو هي التي سجلت أقل قراءة للمؤشر خلال يناير، بل إن ألمانيا، الاقتصاد الأكبر، دخلت في منطقة التراجع بالمؤشر لأول مرة في أربعة أعوام.
وقال كريس ويليامسون، كبير اقتصاديي البيزنس في ماركيت، إن بيانات يناير ترجح أن قطاع الصناعة الأوروبي في ركود، وسينعكس ذلك على أداء الاقتصاد خلال الربع الأول. رغم الآثار المؤقتة مثل مظاهرات السترات الصفراء في فرنسا واختبارات الانبعاثات الجديدة، فإن هناك أسبابا أكثر عمقا تؤثر على الاقتصاد تتعلق بالقلق بشأن عدم اليقين السياسي وتصاعد الحمائية الدولية.
أما في الولايات المتحدة، فقد زاد الإنتاج الصناعي بأكبر وتيرة في 10 أشهر خلال ديسمبر، مدفوعا بإنتاج السيارات وعدد آخر من السلع، وهو ما قلل من المخاوف بشأن تباطؤ حاد للنشاط الصناعي.
وقال بنك الاحتياطي الفيدرالي إن الإنتاج الصناعي ارتفع بـ1.1 في المائة خلال ديسمبر، وهو أكبر مكسب منذ فبراير (شباط) 2018، وتم تعديل بيانات نوفمبر لأعلى قليلا، بحيث يكون الإنتاج الصناعي سجل نموا 0.1 في المائة بدلا من ثباته على معدلات الشهر السابق.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».