غديري المرشح للرئاسية الجزائرية: عازم على إحداث «معجزة» في الانتخابات

انتقد في حديث لـ «الشرق الأوسط» حكم بوتفليقة و«التصحر السياسي» في البلاد

اللواء المتقاعد علي غديري (الشرق الأوسط)
اللواء المتقاعد علي غديري (الشرق الأوسط)
TT

غديري المرشح للرئاسية الجزائرية: عازم على إحداث «معجزة» في الانتخابات

اللواء المتقاعد علي غديري (الشرق الأوسط)
اللواء المتقاعد علي غديري (الشرق الأوسط)

لا يبدي اللواء المتقاعد علي غديري، المرشح الرئاسي لانتخابات الجزائر، اهتماماً كبيراً بتنبؤات قطاع من الإعلام والطبقة السياسية التي تحدثت في أكثر من مناسبة عن «هزيمة مدوية سيمنى بها على يد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة»، إذا صحت الأخبار بأنه سيترشح لولاية خامسة في انتخابات 18 أبريل (نيسان) المقبل.
وقال غديري لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاء جرى بـ«إقامته الانتخابية» في حي بارادو الراقي بالعاصمة، حيث يقيم كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وكثير من أغنياء البلد، إنه عازم على إحداث «معجزة» في الانتخابات المقبلة، و«يرحب بترشح الرئيس الحالي الذي سأواجهه في المعترك، كما أني مستعد لمواجهة أي مرشح آخر يختاره النظام».
وأضاف غديري، الذي غادر الجيش بناءً على رغبته عام 2015: «لي ثقة كبيرة في الشعب. فأنا أحد أبنائه، وأستلهم قوتي من أبنائه الستة الخالدين الذين أنجزوا معجزة قبل 65 سنة»، وهم قادة بارزون في «الحركة الوطنية»، أخذوا على عاتقهم تفجير الثورة ضد المستعمر الفرنسي عام 1954، وهم رابح بيطاط، ومحمد بوضياف، وكريم بلقاسم، والعربي بن مهيدي، ومصطفى بن بولعيد، وديدوش مراد.
وبسؤاله إن كان يشعر بأي نقص بعد إقدامه على الترشح لأسمى منصب في الدولة، على اعتبار أنه لا يملك مساراً سياسياً، ولا سابق نضال في أي مجال مرتبط بالحقوق والحريات، أجاب غديري متهكماً: «وهل الولاة (المحافظون) والوزراء يملكون مسارات سياسية، أو سبق أن ناضلوا في أحزاب؟... يا سيدي يوجد على رأس المؤسسات المهمة أشخاص جاءوا من العدم، ولا يثير ذلك انزعاج أي أحد. لكن أن يترشح عسكري قضى 42 سنة من عمره في الجيش للرئاسة، فإن ذلك يعتبر أمراً غريباً ومستهجناً في نظر البعض! أنا لم آت من العدم، وعلى عكس ما يظنه البعض فإن ميلي للسياسة بدأ منذ شبابي».
وعما إذا كان له أنصار داخل المؤسسة العسكرية، قال غديري: «إذا كنت تقصد أنني في ذاكرة رفاق في الجيش، فذلك أمر مؤكد. أما إن كنت تقصد إن هناك عساكر يناضلون معي سياسياً، فإن للمؤسسة العسكرية مهام محددة دستورياً، وهي تفرض على أفرادها الابتعاد عن السياسة، وأنا متأكد من وجود من يساندني فيها. لكن أعتقد أن هناك أيضاً من يعارضني»، في إشارة إلى رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح، الذي هاجم غديري مرات عدة، بعد أن دعاه إلى منع بوتفليقة من تمديد حكمه.
وبسؤاله إن كان يشعر بالخوف من صالح، بعد أن هدده ضمناً بسحب الرتبة العسكرية منه، أجاب غديري: «أنا مواطن وأمارس حقي الدستوري (بخصوص الترشح للرئاسية)... لقد قالوا عني (يقصد هجوم صالح ضده) إنني غير متمكن من القضايا الاستراتيجية، ولا أفقه فيها، لكن الحقيقة أنني العسكري الوحيد الذي يحمل رتبة لواء، وحاز كل الشهادات العسكرية وبدرجات عالية. اسمي منقوش على جدارية أكاديمية موسكو الحربية، وأملك كل الشهادات الجامعية، والدكتوراه على رأسها». وحول تقييمه لـ20 سنة من حكم الرئيس بوتفليقة، قال غديري بصراحته المعهودة: «فترة بوتفليقة هي امتداد لفترات سابقة؛ لأن نفس منظومة الحكم مستمرة منذ الاستقلال (1962). وفيما يخصني، فأنا تحدوني عزيمة قوية لبناء الدولة الوطنية، التي خطط لها الشهداء ومجاهدو الثورة... دولة بكل مكوناتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقائمة على قيم أخلاقية. وأنا أرى أن مواصفات هذه الدولة تجسدت خلال فترة حكم الرئيس هواري بومدين (1965 - 1978). لكن سارت بعدها من سيئ إلى أسوأ، رغم ما توفر لديها من قدرات كبيرة للنهوض اقتصادياً، وبخاصة بعد انتعاش أسعار النفط (بعد وصول بوتفليقة إلى الحكم)... لقد توفرت كل مقومات بناء اقتصاد جديد ومؤسسات... وكنا نطمح إلى ما هو أفضل. لكن خابت آمالنا».
وعلى عكس قطاع من أحزاب المعارضة، يعتقد غديري أن مسؤولية «إقامة حكم فردي»، وحالة «التصحر السياسي في البلاد»، وغياب سياسيين ذوي أوزان ثقيلة، لا يتحملها بوتفليقة وحده، «بل المجتمع وكل المسؤولين في البلاد، فما دام الوالي وافق على أن يتم تعيين كاتب عام البلدية بمرسوم رئاسي، والوزير وافق على تعيين مديرين بوزارته بقرار رئاسي، فطبيعي أن يعتبر رئيس الجمهورية أنه من حقه أن يستأثر بكل السلطات ويسيطر على المؤسسات».
واعتبر اللواء الستيني المتقاعد، أن «الأزمة في الجزائر سياسية بالأساس؛ فالدولة في حاجة إلى إعادة هيكلة لنضع آليات جديدة، حتى تشتغل الأجهزة وفق ما عهد إليها من صلاحيات قانونية. والفوضى التي تعيشها المؤسسات أصابت الدولة بالوهن، وأضحى كل شيء رسمي وحكومي محل توجس ورفض.. وما يصدر حالياً عن الجهات الرسمية لا يأخذه أحد بعين الاعتبار.. إننا نعيش أزمة ثقة في المؤسسات وبين الأفراد، وأزمة ثقة بين الرئيس والشعب».
ووصف غديري إلغاء ما يمنع الترشح للرئاسة لأكثر من ولايتين من الدستور عام 2008، بأنه «اغتصاب»، وقال: إن ذلك «لم يكن انحرافاً (من جانب بوتفليقة) كما يعتقد البعض، بل كان اغتصاباً للدستور. ولو وقف المجتمع وقفة رجل واحد لمنعه، لما كنا وصلنا إلى الضعف الذي تعاني منه هيئات الدولة اليوم».
وبسؤاله كيف عاش التعديل الدستوري، الذي فتح باب الرئاسة مدى الحياة لبوتفليقة، أجاب غديري: «لقد تأثرت كثيراً لما جرى، وكان ذلك شعور غيري من العسكريين المواطنين، لكن لم يكن باليد حيلة ونحن نرى الرئيس يتوجه إلى ولاية ثالثة (رئاسية 2009)، يمنعها الدستور. في الحقيقة، كنت معارضاً لاختيار بوتفليقة رئيساً منذ أول انتخابات (1999). ففي هذه الانتخابات عاتبني رفاق في الجيش على عدم التصويت لصالح بوتفليقة، على أساس أنه يعكس العهد الذهبي لحكم الرئيس بومدين، وكان رأيي أن الرجل كان سيصلح رئيساً لو تولى الحكم مباشرة بعد وفاة بومدين. أما أن يأتي إلى القيادة في عصر غير عصره، فهذا غير مقبول. جزائر سنوات 2000 تختلف عن جزائر سبعينات القرن الماضي. فقد تغيرت ولم يكن مقبولاً أخلاقياً أن أمنح صوتي لهذا الرجل».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».