في سياق الأزمة المستفحلة التي يعرفها قطاع التعليم في تونس، نظمت الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ (جمعية مستقلة) يوم أمس، «مسيرة مليونية»، غاضبة ضد الأطراف المتفاوضة، بسبب فشلها في إيجاد حلول عملية لأزمة التعليم الثانوي، وتهديدها بـ«سنة تعليمية بيضاء» يرسب فيها جميع التلاميذ، ما يعني تكاليف إضافية باهظة سيتحملها الآباء لتغطية تكاليف دراسة أولادهم في السنة المقبلة، وتضييع سنة دراسية من عمر كل طالب.
وطالبت الجمعية في مسيرتها بالعودة الفورية للنسق العادي داخل المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية، وإعادة برمجة ما تبقى من السنة الدراسية، بكيفية تضمن الظروف الملائمة للنجاح، إلى جانب التعهد بعدم حشر الطلبة مستقبلاً في النزاعات القائمة بين سلطة الإشراف ونقابة العمال. وعلى صعيد متصل، نفى لسعد اليعقوبي، رئيس نقابة التعليم الثانوي، التوصل إلى أي اتفاق مع وزارة التربية بشأن المطالب التي تقدمت بها، موضحاً أنها لم تجد تجاوباً من قبل سلطة الإشراف، ودعا إلى الإعداد لـ«يوم غضب وطني» في 6 فبراير (شباط) الحالي، تاريخ ذكرى اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، ما سيجعل المطالب النقابية تختلط مع الملفات السياسية العاقة، حسب بعض المراقبين. من جهتها، طالبت الجبهة الشعبية اليسارية، التي يتزعمها حمة الهمامي، أمس، الحكومة ووزارة التربية بالتفاوض الجدي مع الطرف النقابي حول مطالب الأساتذة المشروعة، من أجل تجنيب التلاميذ سنة بيضاء، وإنجاز الامتحانات الوطنية في أفضل الظروف.
وتلتقي تحركات المحتجين مع جلسات التفاوض، التي يخوضها اتحاد الشغل مع الحكومة من أجل الزيادة في الأجور، بحجة تضرر المقدرة الشرائية لمعظم التونسيين. ومن المنتظر أن ينظم إضراباً عاماً جديداً يومي 20 و21 فبراير الحالي.
كما ينتظر أن يحيي الذكرى السادسة لاغتيال شكري بلعيد في اليوم نفسه الذي تنظم فيه نقابة التعليم الثانوي «يوم غضب»، سعياً لتحقيق مطالبها المهنية.
وتطالب نقابات التعليم الثانوي بمراجعة القيمة الماليّة للمنح الخصوصية، المتعلقة بمنحة العودة المدرسية، ومنحة الامتحانات الوطنية، ومنحة العمل الدوري، وتفعيل الاتفاق القاضي بتصنيف مهنة مدرسي التعليم الثانوي والإعدادي بجميع رتبهم ضمن الأعمال الشاقة والمرهقة، بما يسمح لهم بالتقاعد الاختياري في سنّ 55، و30 سنة عمل. لكن وزارة التربية رفضت هذه المطالب، وهددت في المقابل بالاقتطاع من رواتب الأساتذة تحت ذريعة «العمل غير المنجز».
من جهة ثانية، أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة القصرين (وسط غرب) أحكاماً بالسجن ضد شبان شاركوا في الاحتجاجات الكبيرة، التي عرفتها مدينة تالة والقصرين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتراوحت هذه الأحكام بين السجن 15 يوماً وسنة، وشملت 14 متهماً، احتجوا بعد حادثة انتحار المصور التلفازي عبد الرزاق الزرقي حرقاً. لكن بعض المنظمات الحقوقية التونسية والمحامين، الذين دافعوا عن الموقوفين، عبروا عن «صدمتهم» من «قساوة» الأحكام ضد شبان يعانون البطالة، «وشاركوا في الاحتجاجات أملاً في تغيير واقعهم الاجتماعي والاقتصادي الصعب».
وفيما اعتبر محمد الرحيمي، أحد المحامين المدافعين عن الشباب المحتج، أن هذه الأحكام تمثل «تجريماً للحراك الاجتماعي»، قال مسعود الرمضاني، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة)، إن الحلول الأمنية للقضايا الاجتماعية «لا يمكن أن تفرز نتائج إيجابية، ومن الضروري البحث عن طرق أفضل لتلبية مطالب المحتجين، والابتعاد عن المحاكمات العشوائية لمشاركين في مسيرات سلمية»، على حد قوله.
تونس: مسيرة مليونية غاضبة تندّد باستفحال أزمة التعليم
أحكام بسجن المشاركين في الاحتجاجات الاجتماعية تثير حفيظة منظمات حقوقية
تونس: مسيرة مليونية غاضبة تندّد باستفحال أزمة التعليم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة