مطالب برلمانية وسياسية مصرية بإجراءات تصعيدية ضد «هيومن رايتس»

على خلفية ادعاءات المنظمة الأميركية

TT

مطالب برلمانية وسياسية مصرية بإجراءات تصعيدية ضد «هيومن رايتس»

طالبت قوى برلمانية وسياسية في مصر بإجراءات تصعيدية ضد منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية، على خلفية ادعاءاتها الأخيرة ضد البلاد، وقيامها بعمل لقاءات مع متهمين متورطين في قضايا إرهاب. وكانت مصر قد طالبت المنظمة في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي بتوخي الدقة فيما تنشره من بيانات بشأن حقوق الإنسان في البلاد. ونفت النيابة المصرية في بيان رسمي لها قبل يومين: «تعرض مُتهمين للتعذيب كانت المنظمة تحدثت عن حالاتهم».
وأصدرت المنظمة تقريراً في سبتمبر (أيلول) 2017 زعمت فيه تعرض سجناء لانتهاكات داخل السجون، وتضمن التقرير مقابلات مع مواطنين مصريين سبق اتهامهم في قضايا إرهابية. وادعت المنظمة أنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة خلال مرحلتي الضبط والتحقيق، لحملهم على الاعتراف بوقائع تلك القضايا. لكن النيابة المصرية أشارت إلى أن «ما تضمنه تقرير المنظمة قد استند إلى معلومات نشرت ببعض المواقع الإلكترونية دون التأكد من صحتها».
وأكد النائب محمد الغول، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري (البرلمان)، أنه سوف يتقدم بمذكرة برلمانية إلى مكتب التعاون الدولي بمكتب النائب العام المصري، لرفع دعوى رسمية ضد المنظمة، مضيفاً أن «المنظمة ذكرت في تقريرها أنها التقت بمجموعة من المصريين، ورفضت الإفصاح عن أسمائهم، في حين أن من التقت بهم 3 (إرهابيين) متهمين في قضايا قتل وإرهاب، وأعلنت عن أسماء الضباط ووكلاء النيابة الذي أجروا التحقيقات، مما يعرضهم وذويهم للخطر».
وطالب الربان عمر المختار صميدة، رئيس حزب المؤتمر بمصر، بإجراءات تصعيدية ضد المنظمة، التي دأبت على بث السموم والأكاذيب ضد الدولة المصرية، وضرورة أن يتم مقاضاتها دولياً وفضح أكاذيبها. مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «تقارير المنظمة تجاه مصر خلال السنوات الأخيرة (مسيسة) بشكل واضح، وتهدف إلى الضغط على مصر عبر ادعاءات غير حقيقية وغير موجودة»، لافتاً إلى أن «المنظمة تركز بشكل أساسي على شهادات مغرضة لعناصر من جماعة الإخوان».
بينما أشار النائب رياض عبد الستار، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، إلى أن كل من وزارة الخارجية المصرية وكذلك البرلمان، يقومان بجهود كبيرة نحو فضح هذه المنظمات الحقوقية الدولية التي تستهدف القاهرة، وهناك تواصل دائم مع المسؤولين في دول العالم، للتوضيح بالأدلة والبراهين، لكشف وفضح زيف وكذب وادعاءات تلك التقارير الحقوقية المحرضة.
ويشار إلى أن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري تزور بانتظام السجون وأقسام الشرطة، للرد على جميع الادعاءات والتقارير التي تصدر في هذا الشأن من بعض المنظمات الدولية. وأكدت النائبة مارجريت عازر، وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، لـ«الشرق الأوسط» أن «اللجنة زارت السجون وأقسام الشرطة، ولم ترصد أي تجاوزات بحق المحتجزين أو المسجونين».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.