الحكومة اجتازت امتحان التأليف ... وامتحان النجاح بحاجة إلى ثقة المجتمع الدولي

TT

الحكومة اجتازت امتحان التأليف ... وامتحان النجاح بحاجة إلى ثقة المجتمع الدولي

يدخل لبنان مرحلة سياسية جديدة مع ولادة الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري بعد انتظار دام نحو تسعة أشهر، أدى إلى استنزاف عهد الرئيس ميشال عون، وكاد يأخذ البلد إلى المجهول لو لم يتجاوب مَن بيدهم الربط والحل في تأليفها، مع تهديد الحريري بأنه سيتخذ موقفاً في حال انقضى هذا الأسبوع من دون الإفراج عن التشكيلة الوزارية.
ومهما قيل، فمجرد تأليف الحكومة يبقى أفضل من بقاء البلد بلا حكومة، وقد يكون هذا هو الانتصار الوحيد، بغض النظر عن توزيع الحصص الوزارية التي تمثّلت فيها كل الكتل النيابية، باستثناء كتلة حزب «الكتائب»، مع أنه يبقى في إطاره المعنوي ريثما ينصرف الوزراء إلى العمل كفريق واحد يتعامل بانسجام مع التحديات التي تنتظر الحكومة وما أكثرها!
ويدرك الرئيس الحريري من أين يبدأ في ورشة الإنقاذ، كما يدرك الرئيس عون أن تعميم التجارب السابقة على حكومة العهد الأولى لا يشجّع على إتاحة الفرصة لحكومة حديثة الولادة للتقدُّم من المجتمع الدولي للحصول على ثقته، لأن ثقة البرلمان لن تكون كافية إلا بشرط قطع الطريق منذ الآن على تحويلها إلى جزر سياسية يقف على رأسها رئيس حكومة يتولى إدارة الأزمة العاتية التي ما زالت تضرب بالبلد.
أما الانصراف منذ الآن إلى لعبة العدّ، لاحتساب كل فريق حجمه العددي في الحكومة، فيعني أنها تبدأ مشلولة، لذلك فإن مبادرة رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل إلى التباهي فور انتهاء الحريري من إلقاء كلمته أمام منصة الرئاسة الأولى بعد صدور مراسيم تشكيل الحكومة بأن تياره والوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية حصل على أكثر من 11 وزيراً، أي ما يفوق «الثلث الضامن»، لم تكن في محلها، وكان في غنى عنها.
وفي هذا السياق، تستغرب مصادر وزارية مبادرة باسيل إلى التباهي في تسجيله انتصاراً في تشكيل الحكومة، وتسأل: كيف احتسب حصته العددية، وهو يُدرك سلفاً أن الوزيرين المحسوبين عليه وهما صالح الغريب (الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة النائب طلال أرسلان) وحسن عبد الرحيم مراد (اللقاء التشاوري الذي يضم النواب السنّة المعارضين للحريري) ما هما إلا «وديعتان» في كتلته النيابية التي تضم الوزراء من حصة رئيس الجمهورية؟!
وتضيف المصادر نفسها أن هذين الوزيرين قد ينتميان في الشكل إلى كتلته النيابية من خلال حضورهما اجتماعاتها الدورية، لكنهما في المضمون لن ينفصلا عن «حزب الله»، وتحديداً في خياراته السياسية الاستراتيجية.
وبكلام آخر (وبحسب المصادر الوزارية) فإن «حزب الله» يبقى الأقدر على تحريكهما في الاتجاه السياسي الذي يخدمه، وإن ادعاء باسيل الانتصار في التركيبة الوزارية لن يتعدى الربح الورقي لأنهما ينتميان سياسياً إلى ما يقرره «حزب الله» في حال اختلافه مع حليفه باسيل. وتقول إن باسيل أراد أن يوحي بأنه من يقرر سلفاً ميزان القوى داخل الحكومة، مع أنه يدرك أن تموضع هذين الوزيرين سيكون بالدرجة الأولى في محور «حزب الله»، وأن إصراره على توزير مراد بديلاً عن عثمان مجذوب المحسوب على النائب فيصل كرامي يكمن في رغبته في تمرير رسالة بأنه استبعد مَن هو على تحالف مع منافسه على رئاسة الجمهورية، أي زعيم «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية.
وتنصح هذه المصادر بتحييد الحكومة العتيدة عن معركة رئاسة الجمهورية، لأنه من المبكر الخوض فيها، لأن ما يهم الآن إعادة لبنان إلى الخريطة الدولية، وهذا ما يأخذه الحريري على عاتقه، لأنه يدرك أن مجرد غيابه عن رئاسة الحكومة وباعتراف من خصومه سيفقد لبنان مناعته العربية والدولية والإقليمية.
ويبقى السؤال: كيف سيتعامل الرئيس عون مع الحكومة، لأنه صاحب مصلحة في تهيئة الظروف التي تدفع في اتجاه إعادة الثقة إلى البلد، بدءاً بغالبية اللبنانيين الذين يعانون من اليأس والإحباط ويكادون يفقدون الأمل في إصلاح ذات البين، وانتهاءً بالمجتمع الدولي الذي سيضع الحكومة الآن تحت منظاره للتأكد من أنها ستعمل على لملمة الوضع، وبالتالي تستحق كل دعم ومساعدة؟
وهكذا، فإن الحكومة اجتازت اختبار التأليف، لأن وجودها أفضل من بقاء البلد في فراغ، لكن امتحان النجاح يتطلب منها التحضير له كشرط لكسب تأييد المجتمع الدولي.



اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)
جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)
TT

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)
جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وأكد الدكتور واعد باذيب، وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني، أهمية تبني نهج تنموي قائم على المناطق، يأخذ في الاعتبار الاحتياجات الخاصة لكل منطقة، ويعزز التكامل بين مختلف القطاعات. وأشار إلى ضرورة تطوير برامج مؤسسة التمويل الدولية في اليمن، مع التركيز على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم ريادة الأعمال، وتطوير القطاع المصرفي، مع إيلاء اهتمام خاص بتمكين المرأة اقتصادياً.

جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

جاء ذلك خلال لقاء جمع الدكتور واعد باذيب ووزير المالية سالم بن بريك مع المدير الإقليمي للبنك الدولي لمصر واليمن وجيبوتي، ستيفان جيمبرت، والمديرة القطرية للبنك الدولي في اليمن، دينا أبو غيداء، على هامش زيارتهما إلى واشنطن. وتم خلال اللقاء بحث خطط التنمية والإصلاحات الاقتصادية، بالإضافة إلى التدخلات المطلوبة لتنفيذها.

ووضع وزير التخطيط اليمني مسؤولي البنك الدولي أمام أولويات محفظة المشروعات المقبلة للمؤسسة الدولية للتنمية (IDA21)، مشدداً على ضرورة التوازن بين التدخلات الطارئة والتنموية مع التركيز على دعم المؤسسات الوطنية وتعزيز التنمية المستدامة. كما أكد أهمية زيادة المخصصات المالية المخصصة لليمن في الدورة الجديدة، مع مراعاة الاحتياجات الملحة للبلاد في مجالات البنية التحتية والتنمية الريفية وخلق فرص العمل، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سبأ).

بلغت معدلات الفقر في اليمن 80% جراء الصراع المستمر في البلاد منذ سنوات بحسب الحكومة اليمنية (أ.ف.ب)

وتطرق الدكتور باذيب أيضاً إلى النتائج الأولية لتقرير البنك الدولي للمناخ والتنمية (CCDR)، الذي يهدف إلى تحديد الروابط بين التنمية الاقتصادية والتغير المناخي في اليمن، مما يسهم في رسم مسار التنمية المستدامة عبر استكشاف الفرص الاستثمارية في مجالات الطاقة النظيفة والزراعة المستدامة وإدارة الموارد المائية. وأشار إلى أن هذه الخطوات تعزز من قدرة اليمن على الوصول إلى مصادر التمويل الأخضر العالمية، ما يدعم جهود التنمية المستدامة في البلاد.

وقدم رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات الحالية لتلبي المسوحات والاحتياجات الراهنة، مشيراً بشكل خاص إلى مشروع الخدمات الحضرية المتكاملة، كما أكد على أهمية تعزيز دور البلديات المستهدفة في عمليات التنمية الحضرية والتخطيط، مع التركيز على جوانب المرونة المناخية وإدارة النفايات والنقل الحضري والخدمات البلدية. مشدداً على ضرورة تخصيص مشروعات مستقلة في مجالات المياه والطاقة والنقل لضمان تحقيق تنمية مستدامة تلبي احتياجات المجتمع بشكل متكامل.

من جانبه، استعرض وزير المالية سالم بن بريك، خطة تطوير وتحديث المالية العامة، التي تشمل نتائج تقييم كشوفات الرواتب الحكومية وخطط استكمال تصميم متطلبات نظامي معلومات الإدارة المالية والموارد البشرية. وأوضح الجهود المبذولة من الوزارة في تحديث النظم المالية الحكومية، بما في ذلك تطوير سياسات وإجراءات عمل وحدة إدارة النقد، وأتمتة تحصيل الإيرادات العامة، وتفعيل نظام المدفوعات الإلكترونية. يأتي ذلك في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الإصلاحات الاقتصادية وتحسين كفاءة الإدارة المالية العامة.

تتوقع الحكومة اليمنية أن تستمر الحاجة إلى المساعدات الإنسانية خلال العام الحالي جراء تفاقم الأوضاع الاقتصادية (أ.ف.ب)

وأكد بن بريك على أهمية هذه الخطوات في تعزيز الشفافية وترشيد الإنفاق الحكومي، مشيراً إلى أن تحديث الأنظمة المالية سيسهم بشكل كبير في تحسين إدارة الموارد العامة وتعزيز الحوكمة المالية. وأضاف أن هذه الإصلاحات تعد جزءاً أساسياً من الجهود المبذولة لتقوية البنية الاقتصادية وتحقيق الاستدامة المالية في اليمن.

بدوره، أبدى ستيفان جيمبرت تفهماً عميقاً لاحتياجات اليمن التنموية، مجدداً التزام البنك الدولي بمواصلة دعمه لليمن في مساره نحو التعافي والتنمية المستدامة.

من جهتها، ركزت دينا أبو غيداء، على أهمية تعزيز التنسيق بين مختلف الشركاء التنمويين وزيادة فعالية المشروعات الممولة من البنك الدولي، بما يسهم في تحقيق الأهداف التنموية ورفع كفاءة تنفيذ المشروعات على أرض الواقع.