أوروبا تعلن أول خطوة للالتفاف على عقوبات إيران... وواشنطن تحذر

قناة التجارة بغير الدولار تستهدف في المرحلة الأولى سلعاً لا تشملها العقوبات

وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا أثناء قراءة بيان مشترك حول تدشين قناة جديدة للتجارة مع إيران (إ.ب.أ)
وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا أثناء قراءة بيان مشترك حول تدشين قناة جديدة للتجارة مع إيران (إ.ب.أ)
TT

أوروبا تعلن أول خطوة للالتفاف على عقوبات إيران... وواشنطن تحذر

وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا أثناء قراءة بيان مشترك حول تدشين قناة جديدة للتجارة مع إيران (إ.ب.أ)
وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا أثناء قراءة بيان مشترك حول تدشين قناة جديدة للتجارة مع إيران (إ.ب.أ)

قطع الثلاثي الأوروبي (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) «أول خطوة» لحفظ الاتفاق النووي، بتأسيس الآلية الخاصة للتجارة مع طهران، لتفادي العقوبات الأميركية، وسط تحذير أميركي سريع للشركات الأوروبية من حرمانها من الوصول إلى شبكة المال الأميركية، فيما استبعد دبلوماسيون أوروبيون أن تتمخض الخطوة عن معاملات تجارية كبيرة، تطالب بها إيران لتحسين أوضاعها الاقتصادية المتأزمة منذ الانسحاب الأميركي.
وأصحبت الآلية رسمية أمس، بعد قراءة بيان في مؤتمر صحافي مشترك لوزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، هايكو ماس، وجان إيف لودريان، وجيرمي هانت، على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبية في بوخارست.
ودافع الوزراء الثلاثة عن الآلية الجديدة، قائلين إنها علامة على التزامهم بالاتفاق النووي لعام 2015 مع طهران. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان للصحافيين بعد اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بوخارست: «إنه إجراء سياسي... إنه إشارة إلى حماية الشركات الأوروبية». وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إن الدول الثلاث تعمل عن كثب مع طهران لوضع اللمسات الأخيرة على ترتيبات للسماح بتجارة في المواد الإنسانية والمستحضرات الطبية والمنتجات الزراعية والمنتجات الاستهلاكية. وأضاف قائلا: «التسجيل خطوة كبيرة، لكن ما زال هناك كثير من العمل الذي يجب إنجازه».
وأعلن وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس تدشين البلدان الثلاثة آلية مالية لمساعدة الشركات الأوروبية ذات المصالح التجارية الشرعية في إيران على تجنب التعرض للعقوبات الأميركية.
وقال ماس، عقب اجتماع مع نظرائه الأوروبيين: «لم نتحدث فقط عن الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران على قيد الحياة، لكننا الآن أحدثنا إمكانية لإجراء معاملات تجارية». وتابع: «هذا شرط مسبق لنا للوفاء بالالتزامات التي تعهدنا بها، من أجل مطالبة إيران بأنها لا تبدأ تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية».
وتسمح الآلية التي يطلق عليها «كيان للأغراض الخاصة» بالتدفقات المالية في المجالات غير المستهدفة بالعقوبات الأميركية، ووفقاً لوكالة «أسوشيتد برس» فإن الآلية في المرحلة الأولى «ستركز على السلع التي لا تخضع حالياً للعقوبات الأميركية، مثل الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية والسلع الاستهلاكية».
وقبل بيان الدول الثلاث، قالت مصادر متطابقة إن الدول الثلاث التي ترعى المبادرة ستدعو دولاً أوروبية أخرى إلى استخدام هذه الهيئة. وترحب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالتزام إيران بالاتفاق النووي الموقع في 2015. لكن الأوروبيين قلقون من برنامج الصواريخ الباليستية البعيدة المدى، الذي تطوره إيران، ومن نشاطاتها في المنطقة، خصوصا في سوريا واليمن. وهم يدينون أيضاً الاعتداءات على المعارضة الإيرانية في أوروبا. وقال مصدر أوروبي إن الرسالة الموجهة إلى إيران تتسم بدرجة كافية من الحزم.
وأمضى الاتحاد الأوروبي شهوراً في إعداد النظام للإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران، ومن غير المرجح أن يبدأ العمل به قبل عدة أشهر أخرى. وسيصادق الاتحاد الأوروبي على إنشاء الآلية، في إطار نص حول التزام إيران بالاتفاق النووي، أقره ممثلو الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأربعاء في بروكسل. ووافقت إسبانيا وإيطاليا بعد تسوية الخلاف على النص الذي يفترض أن تصادق عليه العواصم رسمياً.
وتتحدى الخطوة تحذيرات سابقة للولايات المتحدة بشأن الالتفاف على العقوبات التي أعادها دونالد ترمب على طهران، بعدما قرر الانسحاب من الاتفاق النووي في بداية مايو (أيار) الماضي. وإلى جانب الخلاف حول الموقف من إيران فإن الآلية المالية تعد أول مؤسسة تدشنها أوروبا في سياق الحملة المالية لزيادة سيادتها الاقتصادية من الولايات المتحدة.
وجرى ابتكار الآلية التجارية الأوروبية الجديدة كوسيلة لمقايضة صادرات النفط والغاز الإيرانية مقابل مشتريات السلع الأوروبية. لكن الأوروبيين حالياً لا يشترون عملياً نفطاً من إيران. وسيخصص هذا الكيان بشكل أساسي للشركات الصغيرة والمتوسطة. ويبدو أن تلك الطموحات انحسرت، إذ قال دبلوماسيون إن استخدام الآلية قد يقتصر في الواقع على تجارة أصغر حجماً تسمح بها إدارة ترمب، كالمنتجات المستخدمة لأغراض إنسانية والأغذية، على سبيل المثال.
وأفادت وكالة «رويترز» بأن أداة دعم المبادلات التجارية، أو «إنست كتس»، مُسجلة في فرنسا وسيرأسها المصرفي الألماني بير فيشر المدير السابق لـ«كومرتس بنك». والقوى الأوروبية الثلاث هم المساهمون، ويأملون بانضمام دول أخرى في وقت لاحق، على الرغم من أن مسؤولاً ألمانياً كبيراً قال إن هذا لن يكون وشيكاً.
وتأخر تدشين الآلية لعدة شهور نظراً، لأن الدول المنخرطة كانت تسعى إلى تقليل خطر التعرض لعقوبات. ومن المفترض أن تُمول الآلية أولاً، من قبل الدول الثلاث في الاتحاد، الموقعة على الاتفاق النووي (فرنسا وألمانيا وبريطانيا).
وانسحب الشركات الأوروبية من عقود تجارية أبرمتها بعد رفع العقوبات الدولية عن إيران عقب التوصل للاتفاق النووي، في يوليو (تموز) 2015، خشية العقوبات الأميركية.
وهددت إيران بالانسحاب من الاتفاق ما لم تتح القوى الأوروبية لها بالحصول على منافع اقتصادية. وتعهد الأوروبيون بمساعدة الشركات على ممارسة أنشطة مع إيران، طالما التزمت بالاتفاق. وتريد الإدارة الأميركية التوصل إلى اتفاق شامل يكبح أنشطة إيران الإقليمية، إضافة إلى خطط تطوير الصواريخ الباليستية. ومن شأن الخطوة أن تضع الجانب الأوروبي في صدام محتمل مع سياسات الرئيس دونالد ترمب بشأن طهران.
في هذا السياق، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة لا تتوقع أن تؤثر آلية التجارة، التي تؤسسها دول أوروبية لتسهيل التجارة مع إيران، على الحملة الرامية إلى ممارسة «أقصى ضغط اقتصادي» على طهران.
وقالت المتحدثة التي طلبت عدم الكشف عن اسمها: «لا نتوقع أن تؤثر آلية التجارة بأي حال على حملتنا لممارسة أقصى ضغط اقتصادي». وأضافت أن الوزارة تتابع التقارير حول الآلية لمعرفة المزيد عنها.
وذكرت أن الكيانات التي تشارك في أنشطة خاضعة لعقوبات إيران تواجه خطر فقد الوصول إلى النظام المالي الأميركي والقدرة على القيام بأعمال مع شركات أميركية.
قبل ذلك، قالت السفارة الأميركية في ألمانيا أمس إنها تسعى للحصول على تفاصيل إضافية بشأن الآلية، لكنها لا تتوقع أن تؤثر الآلية على حملة واشنطن لممارسة أقصى ضغط اقتصادي على طهران.
وذكر متحدث باسم السفارة: «كما أوضح الرئيس، الكيانات التي ستشارك في أنشطة خاضعة للعقوبات مع إيران ستواجه عواقب وخيمة، من بينها عدم إمكانية استخدام النظام المالي الأميركي أو التعامل مع الولايات المتحدة أو الشركات الأميركية». وأضاف: «لا نتوقع أن يكون لآلية المدفوعات الخاصة أي تأثير على حملتنا لممارسة أقصى قدر من الضغوط».
وكانت وكيلة وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية سيغال ماندلكر قد ذكرت أن واشنطن ليست قلقة على الإطلاق من قدرة الشركات الأوروبية في تجنب العقوبات.
ونسبت وكالة «فارس» إلى مسؤول روسي قوله إن موسكو «ستعمل مع الأوروبيين بشكل فعال للحصول على ضمان نجاح الآلية».

على خلاف ذلك، رحّبت مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغريني، التي قادت حملة الاتحاد لإنقاذ الاتفاق النووي، بإطلاق الآلية، بعد أشهر من التأجيلات.
وصرحت موغريني للصحافيين قبل بدء اجتماع بوخارست أن «هذه الخطوة (...) المتمثلة بإنشاء الشركة ذات الغرض الخاص، هي حسب اعتقادي آلية ستسمح باستمرار التجارة المشروعة مع إيران بما يتناسب مع الاتفاق النووي. لذا، فإننا نقدم لها الدعم الكامل من جانبنا».
جاء ذلك بعد ساعات من تأكيد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على أن الولايات المتحدة «لن تسمح لإيران بأن تصل إلى ما وصلت إليه كوريا الشمالية من قدرات نووية، ولدينا عدد من السياسيات لمنع ذلك».
وقال بومبيو لقناة «فوكس نيوز» ليلة الأربعاء إنه «لا يوجد خلاف بين أجهزة الاستخبارات الأميركية حول التهديدات التي تمثلها إيران». وقال: «لا أعتقد أن هناك نزاعاً أن تهديدات إيران تمثل خطراً حقيقياً، وأن لديهم الإمكانات لتخصيب مواد نووية، وتعزيز قدراتهم النووية، والعمل نحو تطوير برنامجهم الصاروخي». وأشار إلى أن النظام الإيراني حاول الأسبوع الماضي إطلاق عربة فضاء قد تساعد طهران في تحقيق برنامجهم النووي، مضيفاً: «كل هذا يقودنا إلى أن نعتقد أنهم قد يحصلون يوماً ما على المواد التي تهدد الولايات المتحدة، والرئيس ترمب أكد بوضوح أن الولايات المتحدة لن تسمح بذلك».
وقال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه رينديرز إن بلاده مهتمة بالآلية المالية. وصرح في بوخارست: «قلت دائماً إننا مستعدون تماماً للمشاركة، لأننا ندعم منطق الاتفاق النووي. نريد فعلاً تطبيقه». وأضاف: «نعرف أن الأمر معقد لكثير من الشركات، واختبرنا في الماضي العقوبات الأميركية». وتابع: «في نهاية المطاف، الشركات هي التي ستقرر، ما إذا كانت تريد أم لا تريد مواصلة العمل مع إيران، مع معرفتها بخطر العقوبات الأميركية».
وأكد رينديرز أن «المهم هو أن نظهر لزملائنا الأميركيين أننا نسير في الاتجاه نفسه حول سلسلة من الملفات مثل الصواريخ الباليستية أو النفوذ الإقليمي لإيران».
وعلى الرغم من المواقف الأوروبية الحذرة بشأن قدرة الآلية المالية على تقويض آثار العقوبات الأميركية، فإن سقف آمال الإيرانيين ما زال في مستويات أعلى من توقع الخبراء الدوليين.
في هذا الصدد، أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران ترى في آلية أوروبية جديدة لتسهيل التجارة بغير الدولار «خطوة أولى من الاتحاد الأوروبي» للوفاء بتعهداته بموجب الاتفاق النووي مع القوى الكبرى.
وقال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية إن «قناة الاتصالات المالية» التي ستتم المصادقة عليها الخميس من قبل الاتحاد الأوروبي هي «أولى الخطوات ضمن مجموعة الوعود التي تعهد بها الأوروبيون تجاه إيران، ونتطلع إلى تنفيذها بشكل تام ومن دون نقص».
وتعول الحكومة الإيرانية على إطلاق الآلية المالية، لكنها أعربت عن استيائها على لسان أكثر من مسؤول حيال ما اعتبرته «تباطؤاً» أوروبياً للوفاء بالالتزامات في الاتفاق النووي، كما أنها تعتبر تسجيل الآلية أساسياً لتحسين الأوضاع الاقتصادية، في ظل الضغوط الاقتصادية الأميركية.
من جانبه، قال مدير عام السلام والأمن الدولي في الخارجية الإيرانية رضا نجفي إن الأوروبيين وقفوا من خلال إطلاق الآلية المالية مع إيران، بوجه السياسات الأحادية للإدارة الأميركية. وصرح: «نأمل أن تترجم على الأرض»، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية.
ودعا المسؤول الإيراني إلى عقد اجتماعات للخبراء في وزارة الخارجية، بهدف دراسة القضية، وقال: «نأمل أن يسهم إيجاد القناة المالية مع أوروبا في توفير مزايا إيجابية، وأن يلبي توقعاتنا». وأوضح أنه عقب خروج أميركا من الاتفاق النووي، أعرب الأوروبيون عن أسفهم، ودعمهم الاتفاق، وأن إيجاد القناة المالية يشكل الخطوة العملية الأولى لهم، رغم أنها جاءت متأخرة، بعد مضي عدة أشهر.



الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
TT

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

نقل تلفزيون «العالم» الإيراني عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله، اليوم (السبت)، إن إيران في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا، مشيراً إلى أن هذه البلدان لا تريد لإيران النهوض.

وأضاف بزشكيان أن إسرائيل اعتقدت أن عدوانها على إيران سيؤدي إلى انهيار النظام، لكن ذلك لم يحدث، مؤكداً قدرة بلاده على تجاوز الضغوط والعقوبات.

وأكد الرئيس الإيراني أن الجيش أكثر قوة الآن عما كان عليه قبل الحرب مع إسرائيل، وتعهد بتلقين إسرائيل والولايات المتحدة درساً «أشد قسوة» إذا تكررت الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال، يوم الاثنين الماضي، إن أي تحرك من جانب إيران سيُقابل برد عنيف، مؤكداً أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة مع إيران، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع مناورات إيرانية.

وشنّت إسرائيل هجوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وقتلت عدداً من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في الساعات الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوماً، وتدخلت الولايات المتحدة في نهايتها عندما قصفت أهم المنشآت النووية الإيرانية بقنابل خارقة للتحصينات.


قيادات كردية تطالب تركيا بمراجعة سياستها تجاه سوريا

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
TT

قيادات كردية تطالب تركيا بمراجعة سياستها تجاه سوريا

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

جاء ذلك في الوقت الذي تجدد فيه التصعيد بين «قسد»، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعد ذراع حزب «العمال الكردستاني» في سوريا، عبر اشتباكات في حيي الشيخ مقصود والأشرفية التي تشهد توتراً في الأسابيع الأخيرة، وسط غياب بوادر على تنفيذ «قسد» الاتفاق الموقع مع دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي بشأن اندماجها في الجيش ومؤسسات الدولة السورية.

وقال القيادي البارز في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، إن «مقاربات الدولة التركية بشأن سوريا غير صحيحة، فتركيا تعارض الحرب في غزة والهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، بمعنى أنها تعارض الحرب وتريد السلام، لكنها في الوقت ذاته تقول إنها ستتدخل في سوريا إذا لم تنفذ «قسد» اتفاق الاندماج... كيف يعقل هذا المنطق؟».

اتهامات وتحذيرات

وأضاف كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلتها صحف تركية، السبت، أن تركيا تقول إنها تريد السلام في كل المناطق، لكنها تريد الحرب ضد الأكراد، مؤكداً أن «بإمكان الأكراد وحكومة دمشق مناقشة وحل مشاكلهم بأنفسهم؛ لأن هذه مشكلة داخلية والأكراد لا يقولون دعونا نقسم سوريا، لا يوجد مثل هذا النهج».

القيادي في حزب «العمال الكردستاني» مصطفى كاراصو (إعلام تركي)

وشدد على أن تركيا بحاجة إلى تغيير سياستها تجاه سوريا القائمة على محاولة فرض خطواتها من خلال الضغط والتهديد، مضيفاً: «الأمر في أيدي قوى متعددة، نعم، هناك قوى مختلفة متورطة، الأمر لا يقتصر على تركيا وحدها؛ فقوى أخرى تُثير الفتن في سوريا، أفضل ما يُمكن فعله هو ضمان الاستقرار في سوريا، لكن الاستقرار لا يتحقق بإثارة الصراع وزرع الفتنة بين دمشق وإدارة شمال وشرق سوريا».

وحذّر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مؤخراً، من نفاد صبر تركيا والأطراف الأخرى المعنية باتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري، مؤكداً أنه لا يوجد أي مؤشر على أنها تتخذ خطوات لتنفيذ الاتفاق.

الشرع خلال لقائه مع الوفد التركي في دمشق في 22 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كما اتهمت أنقرة ودمشق، خلال مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان في دمشق، الاثنين الماضي، «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق الموقع بين قائدها مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

وبينما كان وفد تركي يضم فيدان ووزير الدفاع، يشار غولر، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين، يجري محادثات في دمشق شملت لقاء مع الشرع، أقدمت «قسد» على خرق اتفاق وقف إطلاق النار واستهدفت نقاطاً قرب دوارَي الشيحان والليرمون شمال حلب، فيما اعتبر رسالة موجهة إلى دمشق وأنقرة.

تصعيد في حلب

وتجددت الاشتباكات، ليل الجمعة - السبت، بين «قسد» وفصائل تابعة للقوات الحكومية السورية في شمال حلب.

مسلحون من «قسد» عند أحد الحواجز في حي الشيخ مقصود في حلب (إكس)

وقالت قوى الأمن الداخلي (الآشايس) التابعة لـ«قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة بدأت هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، بعدما استهدفت حاجزاً لها في محيط دوار الشيحان بحي الشيخ مقصود بقذيفتي «آر بي جي»، وإنها قامت بالرد على الهجوم.

ويشكل هذا التصعيد خطراً على مسار المفاوضات بين «قسد» ودمشق بشأن تنفيذ اتفاق 10 مارس.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، الجمعة، إن التصريحات الصادرة عن قيادة «قسد» بشأن الاندماج ووحدة سوريا لم تترجم إلى خطوات عملية أو جداول زمنية واضحة، ما يثير تساؤلات حول جدية الالتزام بالاتفاق.

الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وأكد المصدر أن استمرار وجود تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش السوري، بقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، يمس السيادة الوطنية ويعرقل الاستقرار، وينسحب الأمر ذاته على السيطرة الأحادية على المعابر والحدود واستخدامها كورقة تفاوض.

وكان وزير الدفاع التركي يشار غولر، طالب، في تصريحات الأسبوع الماضي، «قسد» بإعلان خريطة طريق واضحة بشأن تنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى أن تركيا جاهزة لجميع الاحتمالات.

تدخلات تركية

وصرّح عضو الهيئة الرئاسية في حزب «الاتحاد الديمقراطي» (الكردي) في سوريا، صالح مسلم، بأن الفصائل التابعة للحكومة التي تحاصر حيي الشيخ مقصود والأشرفية تتلقى الأوامر بشكل مباشر من تركيا وليس من دمشق.

صالح مسلم (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)

وزعم مسلم أن تركيا تهدف من وراء هذا التصعيد إلى إشعال الساحة السورية وإفشال اتفاق اندماج «قسد»، وأن السياسة التركية تسعى لكسر «الإرادة الكردية والديمقراطية في سوريا».

ولفت إلى أن اتفاق الأول من أبريل (نيسان) الماضي، بين المجلس العام لحيي الشيخ مقصود والأشرفية مع الحكومة السورية استهدف ترسيخ العيش المشترك وتعزيز السلم الأهلي في مدينة حلب، وأكد خصوصية الحيين، وأن تتولى قوى الأمن الداخلي (الآشايس) مع وزارة الداخلية في الحكومة السورية مسؤولية حماية الحيين، إلا أن المسلحين «المنفلتين» يعرضون هذه الاتفاقية للخطر.


تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
TT

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة، واستخدامهما المتزايد لأدوات مالية غير تقليدية للالتفاف على القيود المفروضة على أنظمتهما المصرفية.

وذكرت صحيفة «تشوسون إلبو» الكورية الجنوبية، في تقرير نشر يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025، أن مصادر متخصصة في تتبّع حركة العملات الرقمية عبر تقنية «البلوكتشين» كشفت عن شبكة معّدة لغسل الأموال، يديرها عنصر كوري شمالي، جرى من خلالها تحويل أموال رقمية إلى جهات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني.

محفظة عملات

وحسب التقرير، أظهرت تحقيقات أجرتها شركة «تي آر إم لابز» المتخصصة في تحليل الجرائم المالية المرتبطة بالعملات الرقمية، أنه خلال العام الحالي تم تحويل مبالغ بالدولار من محفظة عملات رقمية تعود إلى شخص يُدعى سيم هيون - سوب، وهو كوري شمالي متهم بغسل الأموال، إلى محفظة رقمية يعتقد أنها على صلة بـ«الحرس الثوري» الإيراني.

وتُشير الصحيفة إلى أن هذه المعطيات تعزز الشكوك حول لجوء طهران إلى العملات الرقمية بوصفها وسيلة للالتفاف على العقوبات الأميركية، سواء لتحويل الأموال إلى الدولار الأميركي، أو لتسوية مدفوعات مرتبطة بتجارة النفط، في ظل القيود المفروضة على القطاع المصرفي الإيراني.

وأكَّدت «تشوسون» أن إيران وكوريا الشمالية -وكلتاهما خاضعة لعقوبات أميركية صارمة بسبب برنامجيهما النووي والصاروخي- اتجهتا خلال السنوات الأخيرة بشكل متزايد إلى استخدام أدوات مالية غير شفافة، وفي مقدمتها العملات الرقمية، لتأمين مصادر تمويل بديلة.

ويرى محللون، وفق الصحيفة، أن اكتشاف هذه التحويلات الرقمية يُمثل دليلاً إضافياً على تداخل الشبكات المالية للبلدين في محاولات التحايل على نظام العقوبات الدولي.

غاسل أموال مطلوب دولياً

ويلعب سيم هيون - سوب، المطلوب من قبل «مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي» (FBI) بتهم غسل الأموال والالتفاف على العقوبات، دوراً محورياً في هذه الشبكة. وذكرت الصحيفة أن السلطات الأميركية رفعت مكافأة القبض عليه، في صيف العام الماضي، من 5 ملايين إلى 7 ملايين دولار.

وسيم هيون، المولود عام 1983 في بيونغ يانغ، تعاون لسنوات مع بنك «التجارة الخارجية» الكوري الشمالي، وهو بنك مدرج على قوائم العقوبات الأميركية. وتشير التحقيقات إلى أنه كان حلقة وصل رئيسية بين النظام الكوري الشمالي وشبكات مالية غير رسمية في الخارج.

ووفق «تشوسون»، نشط سيم بشكل أساسي في الكويت والإمارات، مستخدماً أسماء مستعارة مثل «سيم علي» و«سيم حاجيم»؛ حيث قدّم نفسه ممثلاً لبنك «كوانغسون»، وضمت شبكته عدداً من عمال تكنولوجيا المعلومات الكوريين الشماليين، الذين كانوا يحوّلون العملات الرقمية المتحصل عليها من عمليات اختراق إلكتروني أو من أجور عملهم، بعد تمويه مصدرها، إلى محافظ رقمية يسيطر عليها سيم.

لوحة إعلانية تحمل صوراً لقادة في «الحرس الثوري» قتلوا خلال القصف الإسرائيلي معلقة على جسر على طريق سريع في طهران 14 يونيو الماضي (إ.ب.أ)

مسارات غسل الأموال

وتوضح الصحيفة أن الأموال كانت تحول لاحقاً عبر وسطاء في دولة عربية أو الصين إلى الدولار الأميركي، وبعد المرور بسلسلة معقّدة من عمليات غسل الأموال، كانت تودع في حسابات شركات وهمية أُنشئت في هونغ كونغ.

كما أشارت إلى أن عائدات العمال الكوريين الشماليين العاملين في روسيا والصين ودول أفريقية كانت تدخل هي الأخرى إلى شبكة سيم عبر المسار ذاته.

وأضاف التقرير أن جزءاً من هذه الأموال لم يكن يُحوَّل مباشرة إلى كوريا الشمالية، بل كان يُستخدم لشراء سلع ومعدات، وحتى أسلحة، يحتاج إليها نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. ومن بين الأمثلة التي أوردتها الصحيفة، استخدام شركة في زيمبابوي لشراء مروحية من روسيا بقيمة 300 ألف دولار، وتسليمها لاحقاً إلى كوريا الشمالية.

كما كشف التقرير عن إنفاق نحو 800 ألف دولار لتأمين مواد أولية تُستخدم في إنتاج السجائر المقلدة، التي تُعد أحد مصادر الدخل الرئيسية للنظام الكوري الشمالي في السوق السوداء.

ثغرات في النظام المالي

في جزء آخر من التقرير، أشارت «تشوسون» إلى أن عدداً من البنوك الأميركية الكبرى، من بينها «سيتي بنك» و«جي بي مورغان» و«ويلز فارجو»، فشلت في رصد أنشطة غسل الأموال التي قام بها سيم وشبكته، حيث تم تمرير ما لا يقل عن 310 معاملات مالية عبر النظام المالي الأميركي، بقيمة إجمالية بلغت نحو 74 مليون دولار.

واستناداً إلى بيانات صادرة عن «مجموعة العمل المالي» (FATF) وشركة «تشيناليسيس» المتخصصة في تحليل العملات الرقمية، أفاد التقرير بأن عشرات ما يُعرفون بـ«مصرفيي الظل» الكوريين الشماليين ينشطون خارج البلاد، وقد تمكنوا على مدى سنوات من غسل أكثر من 6 مليارات دولار من العملات الرقمية المسروقة لصالح نظام بيونغ يانغ.

وأشارت الصحيفة إلى أنه، رغم صدور مذكرة توقيف بحق سيم هيون - سوب من محكمة فيدرالية أميركية في مارس (آذار) 2023، فإن اعتقاله لا يزال بالغ الصعوبة، بل يكاد يكون مستحيلاً، نظراً لتعقيدات ملاحقته عبر الحدود.