بريطانيا قد ترجئ موعد {بريكست}... وأوروبا تزيد الضغوط على تيريزا ماي

البرلمان يلغي عطلة مدتها عشرة أيام... والصحافة تهاجم رئيسة الوزراء

ماي تزور مصنعا للسيارات في وسط إنجلترا (إ.ب.أ)
ماي تزور مصنعا للسيارات في وسط إنجلترا (إ.ب.أ)
TT

بريطانيا قد ترجئ موعد {بريكست}... وأوروبا تزيد الضغوط على تيريزا ماي

ماي تزور مصنعا للسيارات في وسط إنجلترا (إ.ب.أ)
ماي تزور مصنعا للسيارات في وسط إنجلترا (إ.ب.أ)

تواجه المملكة المتحدة خطر الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق في حال عدم التوصل إلى تفاهم، وهو ما تحذر منه باستمرار الأوساط الاقتصادية، خصوصا بعد أن رفض البرلمان البريطاني خطة رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي للخروج، وما تبعه من تصريحات لقادة التكتل الأوروبي ترفض إعادة التفاوض حول ما تضمنته الوثيقة الموقعة بين لندن وبروكسل في نوفمبر (تشرين الثاني).
ومن هنا جاءت تصريحات وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت أمس الخميس لطمأنة الأسواق قبل شهرين فقط من الموعد الرسمي للخروج، أي في 29 مارس (آذار) المقبل.
وينبغي أن تصادق دول الاتحاد الأوروبي الـ27 الأخرى على أي طلب تأجيل.
وفي هذا السياق ذكر الاتحاد البريطاني لمصنعي السيارات أن إنتاج السيارات في بريطانيا تراجع بشكل حاد بالفعل قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأكد رئيس الاتحاد، مايك هوس أمس الخميس في لندن أن فرص تزايد الإنتاج سيئة، وقال إن عدد السيارات المصنعة تراجع العام الماضي بنسبة 1.‏9 في الماء ليصبح 52.‏1 مليون سيارة. غير أن هوس عبر عن قلقه الشديد إزاء التراجع الحاد لحجم الاستثمارات والذي بلغ 5.‏45 في المائة ليصل إلى 6.‏588 مليون جنيه إسترليني (51.‏673 يورو)، وإزاء مخاوف المستثمرين من خروج بريطانيا من الاتحاد. ورأى هوس أن قطاع السيارات في بريطانيا «في حالة تأهب» وقال: «عدم اليقين بشأن القضايا المتعلقة بالخروج تسبب بالفعل في أضرار هائلة في الإنتاج، وفي الاستثمارات وفرص العمل»، مضيفا: «...غير أن ذلك كله ليس شيئا مقارنة بما ينتظر القطاع في حالة الخروج غير المنظم».
وتعتزم ماي العودة إلى بروكسل لمعاودة التفاوض بشأن اتفاقية الخروج، سعيا لانتزاع تنازلات تسمح لها بالحصول على غالبية في مجلس العموم. غير أن القادة الأوروبيين أعلنوا رفضهم الحازم لهذا الاحتمال.
وفي بروكسل، أكد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي الذين يشعرون بالإحباط ومن بينهم مفاوض بريكست ميشيل بارنييه، على أن دول الاتحاد الـ27 المتبقية متحدة ومصممة على عدم التخلي عن «شبكة الأمان» التي يعتقدون أنها مهمة للحفاظ على السلام على الحدود، أي الحدود بين آيرلندا الشمالية، التي هي جزء من المملكة المتحدة، وجمهورية آيرلندا، عضو التكتل الأوروبي. واغتنم رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر فرصة إلقاء كلمة أمام البرلمان الأوروبي ليؤكد على رسالته أنه لن تتم إعادة التفاوض على اتفاق البريكست. وحذر من أن التصويت البريطاني «يزيد من مخاطر الانسحاب غير المنظم» و«انزلاق آيرلندا الشمالية في ماضي الأوقات المظلمة»، أي العودة إلى وجود بنية تحتية حدودية، وهذا ما يتعارض مع اتفاق السلام، أو ما يسمى باتفاق الجمعة العظيمة الذي أنهى عشرات السنين من العنف بين الجمهوريين والوحدويين الآيرلنديين.
وفي موقف مماثل لموقفي رئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار النمساوي سيباستيان كورتز، حذر المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أن إعادة فتح الاتفاق «ليست على جدول الأعمال». وأصر رئيس الوزراء الآيرلندي ليو فاردكار على أن «إعادة التفاوض ليست مطروحة على الطاولة».
وذكرت صحيفة «تايمز» البريطانية أن ماي تستعد لإغراء أعضاء البرلمان من حزب العمال لحشد دعمهم لاتفاق بشأن بريكست. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حكوميين مطلعين، أن ماي تدرس ضخ استثمارات نقدية في المناطق المحرومة التي أيدت حملة الخروج من البلاد. وأكد المسؤولون أن خطط ماي قيد الدراسة دون الانتهاء منها. ولم تعلق الحكومة البريطانية على ما أوردته الصحيفة.
وتحدث وزير الخارجية هانت أمس عن إمكانية تأخير بريكست إلى ما بعد موعده المحدد في حال التأخر في المصادقة على اتفاق انفصال، حتى يتم التصويت على القوانين الضرورية لتنفيذه. وقال هانت متحدثا لإذاعة «بي بي سي 4» «صحيح أنّنا إذا توصلنا في نهاية المطاف إلى المصادقة على اتفاق في الأيام التي تسبق 29 مارس (آذار)، قد نحتاج إلى مزيد من الوقت لإقرار التشريعات الضرورية». وتابع «لكننا إذا تمكنا من إحراز تقدم في وقت أبكر، فقد لا يكون ذلك ضروريا» مضيفا «لا يمكننا أن نعرف في المرحلة الراهنة أيا من هذين السيناريوين قد يتحقق». ومع اقتراب موعد بريكست، تدرس رئاسة الحكومة إمكانية إلغاء العطلة البرلمانية لأسبوع المتوقعة في فبراير (شباط) أو تمديد جلسات المناقشات في البرلمان.
وقالت أندريا ليدسوم وزيرة شؤون الدولة في مجلس العموم أمس الخميس إن من المرجح أن يتخلى البرلمان البريطاني عن عطلة مدتها عشرة أيام في فبراير (شباط) مع اقتراب موعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي يوم 29 مارس. وقالت ليدسوم «من المناسب أن أخطر المجلس بأنه ليس هناك خطط في الوقت الراهن... للاتفاق على مواعيد عطلة فبراير وأن المجلس بالتالي قد يستمر في الانعقاد من أجل إحراز تقدم بشأن الأعمال المهمة المعروضة عليه». وكان من المقرر أن يأخذ البرلمان عطلة من 14 إلى 25 فبراير وفقا لجدوله الأولي.
علقت صحيفة «الجارديان» البريطانية على رغبة بريطانيا في إجراء المزيد من المفاوضات بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي، قائلة أمس الخميس: «هناك 27 دولة بالاتحاد الأوروبي تم التوفيق بجهد جهيد بين مصالحها المختلفة مع بريطانيا في اتفاقية الخروج... لذلك فإن تغيير رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي رأيها، وذلك قبل شهرين من الموعد المقرر للخروج، ليس فقط عدم اكتراث بهذه الجهد... بل بغيض أيضا». وتابعت الصحيفة: «تتساءل الحكومات في جميع أنحاء العالم عن نوع الدور الذي ستلعبه بريطانيا بعد خروجها على المسرح الدولي». ورأت الصحيفة أن «ماي تبدو حتى الآن بليدة، وهي تظهر وكأنها لا يمكن الاعتماد عليها».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».