الأكراد يرفضون «ممراً آمناً» لـ«داعش» لإخلاء شرق الفرات

تقارير عن مقتل مدنيين بقصف لطيران التحالف الدولي على ريف دير الزور

نازحون من جيب «داعش» الأخير في بلدة الباغوز بريف دير الزور ينتظرون عملية تسجيلهم لدى {قوات سوريا الديمقراطية} أمس (أ.ف.ب)
نازحون من جيب «داعش» الأخير في بلدة الباغوز بريف دير الزور ينتظرون عملية تسجيلهم لدى {قوات سوريا الديمقراطية} أمس (أ.ف.ب)
TT

الأكراد يرفضون «ممراً آمناً» لـ«داعش» لإخلاء شرق الفرات

نازحون من جيب «داعش» الأخير في بلدة الباغوز بريف دير الزور ينتظرون عملية تسجيلهم لدى {قوات سوريا الديمقراطية} أمس (أ.ف.ب)
نازحون من جيب «داعش» الأخير في بلدة الباغوز بريف دير الزور ينتظرون عملية تسجيلهم لدى {قوات سوريا الديمقراطية} أمس (أ.ف.ب)

شددت «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي تحالف كردي - عربي مدعوم من الأميركيين، ضغطها على ما تبقى من الجيب الأخير لتنظيم داعش في ريف دير الزور، شرق سوريا، وسط تقارير عن مقتل مدنيين بغارات جوية على هذا الجيب المحاصر قرب الحدود العراقية. وكشف مسؤول كردي بارز في تحالف «سوريا الديمقراطية» أنهم رفضوا عرضاً من «داعش» بمنح عناصره «ممراً آمناً» لمغادرة شرق الفرات في اتجاه مناطق سيطرة تركيا شمال سوريا.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن مصادر أهلية سورية أن 8 مدنيين قُتلوا وأنه دُمّرت ممتلكات ومنازل، جراء قصف طيران التحالف الدولي على بلدة الباغوز التي يسيطر عليها «داعش» بريف دير الزور. أما وكالة الأنباء السورية الحكومية (سانا) فذكرت أن «طائرات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة اعتدت بعدة صواريخ على منازل سكنية في بلدة الباغوز»، ما أسفر عن مقتل 3 نساء و5 أطفال وجرح عدد من المدنيين و«وقوع دمار في بعض المنازل وممتلكات الأهالي».
أما «المرصد السوري لحقوق الإنسان» فأورد، من جهته، معلومات تؤكد أن «الكثير من العائلات السورية» لا تزال موجودة في «جيب (داعش)» الأخير عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات في محافظة دير الزور. وأضاف أن هناك عائلات «لا تجد وسيلة للخروج، بسبب فقدانها بطاقاتها الشخصية وكل ما يثبت هويتها وشخصيتها، نتيجة عمليات القصف من قبل التحالف الدولي على مناطق سيطرة التنظيم في المنطقة».
وأشار «المرصد» إلى «تحضيرات لخروج دفعات جديدة خلال الساعات والأيام المقبلة، ضمن العملية المستمرة من قبل (قوات سوريا الديمقراطية) والتحالف الدولي للسيطرة على كامل ما تبقى للتنظيم وإنهاء وجوده في شرق نهر الفرات».وتحدث عن وجود مواطنين «تحت أنقاض مبان دمرها التحالف الدولي عبر ضربات جوية طالت بلدة الباغوز». ونقل عن سكان في المنطقة مناشدتهم «التحالف الدولي و(قوات سوريا الديمقراطية) للتوصل لهدنة إنسانية يتم بموجبها فتح ممر آمن للمدنيين المتبقين ومن يرغب في الخروج من الجيب المتبقي للتنظيم» شرق الفرات. وأشار، في هذا الإطار، إلى خروج دفعة ثانية تضم نحو 200 من القاطنين ضمن ما تبقى من مناطق سيطرة «داعش» عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات مساء أول من أمس الثلاثاء. وتابع أن أكثر من 36 ألف شخص غادروا الجيب الأخير لـ«داعش» شرق الفرات منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وقالت «قوات سوريا الديمقراطية»، أول من أمس، إن مقاتلي «داعش» محاصرون حالياً في «جيب صغير» مع زوجاتهم وأبنائهم، الأمر الذي أرغمها على الإبطاء من تقدمها شرق الفرات بهدف حماية المدنيين. وذكرت «رويترز» أن «قوات سوريا الديمقراطية» تستعد الآن لمواجهة نهائية مع «داعش» شرق سوريا. وقال مصطفى بالي، المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية»: «في الوضع الحالي هناك مساحة تقديرية من 5 إلى 6 كيلومترات مربعة يتمركز فيها التنظيم». وأضاف: «نضع الحالة الإنسانية في أولوياتنا، فهناك آلاف العوائل موجودة هناك (بطبيعة الحال هم جميعاً عوائل تنظيم داعش) كلهم من النساء والأطفال، ولكن في المحصلة هم مدنيون... لا نعرض حياة أي طفل أو مدني للخطر مهما يكن حجم الابتزاز». وقال إن «قوات سوريا الديمقراطية» تلقت طلباً «عبر وسيط» من التنظيم المتشدد «والعرض الذي قدمه هو تشكيل ممر آمن لمرورهم مع عوائلهم إلى تركيا بضمانات مقابل تسليم المنطقة من دون حرب أو أي اشتباك، وفي حال عدم الموافقة على ذلك... طلبوا ممراً آمناً إلى إدلب. بالنسبة لنا لا فرق بين إدلب وتركيا لأنهم إذا ذهبوا إلى إدلب فسيدخلون من هناك إلى تركيا... طبعاً نحن رفضنا العرض».
وقال بالي إن وجود المدنيين أبطأ الاشتباكات «والعمليات الدقيقة تحتاج إلى وقت، لذلك الاشتباكات هبطت إلى أدنى المستويات، والجبهات يسودها الهدوء التام، ولكن ثمة حالة من الترقب والحذر». وسيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية على أغلب أرجاء شمال سوريا وشرقها بمساعدة الولايات المتحدة. وكانت تقاتل فلول تنظيم داعش قرب الحدود العراقية منذ شهور.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي أن «داعش» قد هُزم، كما أعلن انسحاباً مفاجئاً للقوات الأميركية وسط اعتراضات من كبار مستشاريه ومنهم وزير الدفاع جيم ماتيس الذي قدم استقالته احتجاجاً على القرار، بحسب «رويترز». ويخشى زعماء أكراد كذلك من أن يفسح سحب القوات الأميركية المجال أمام تركيا، التي تعدّ أن «وحدات حماية الشعب» الكردية تشكل تهديدا على حدودها، لشن هجوم جديد. وتقول واشنطن إنها ستعمل على ضمان حماية حلفائها عندما تسحب القوات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».